لقد أذهل شعبنا الجنوبي الداخل والإقليم والعالم بسلميته ثورته وتضحياته الجسيمة التي قدم من خلالها قوافل الشهداء والجرحى والمصابين والمعتقلين ولم تنكسر ارادته كما توقع الآخرون بل ازدادت عزائمه يوماً بعد يوم , وارتفعت معنوياته وجسد أروع انواع الفداء والبطولة والتلاحم الجماهيري في الساحات والميادين وبالمليونيات المتتابعة دون كلل أو ملل , وأثبت جدارته على تحمل المتاعب والصعاب وضنك العيش من خلال صموده الأسطوري في ساحات الاعتصامات منذ ما يقارب الثلاثة أشهر تحت لهيب الشمس الحارقة وتصريف المجاري وانقطاع الماء والكهرباء وعلى قاعدة ) كل شيء يهون في سبيلك يا جنوب ) !! ورغم ان الداخل والإقليم والعالم التفت مؤخراً الى أهمية حل القضية الجنوبية وتقدير تضحيات ونضالات ومطالب شعبها الصامد منذ 2007م الا أن ذلك الموقف لم يتحول الى دعم ومساندة سياسية كتقديم أي مبادرة أو جهد اقليمي ودولي صادق ولكن ظل ولا زال عبارة عن بيانات وشجب واستنكار والجميع يبرر ذلك بحجة عدم وجود حامل سياسي للقضية بحيث يمثلها في المحافل الدولية وهذا حق يراد به باطل ؟؟ اذا ما عرفنا بأن اختلاف القيادات الجنوبية أنما يعبر بما لا يدع مجالاً للشك عن اختلاف وجهات نظر تلك الدول ورؤيتها لحل القضية الجنوبية ؟؟ وهذه حقيقة لا مفر منها وعلى القاصي والداني من ابناء شعبنا في الجنوب أن يدرك استحالة توحيد قياداته لأن اللاعبون أصبحوا كثر والمشاريع والأجندات متعددة وما يجري من حراك سياسي وثوري وأمني في منطقتنا ينعكس على الآخرين سلباً وإيجابا فنحن لسنا بمنعزلين عنهم وما يجمع العالم اليوم هو المصالح الدائمة أما لغة الصداقة الدائمة والعداوة الدائمة فلم تعد ذو قيمة ولا وجود لها في الا في قاموس قياداتنا . أن الرهان والاعتماد على الخارج هو السبب الرئيسي الذي اوصلنا الى ما نحن عليه اليوم من تدهور في مختلف مناحي الحياة السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية !! وللأسف لازلنا منتظرين وبفارق الشوق أي حل أو مبادرة من الإقليم وكأننا مثلما نتسول الطاقة والغذاء أصبحنا ايضاً نتسول الأفكار والحلول الناجحة والنصيحة المثلى ونحن أهل الحكمة !! وتاريخنا ووجودنا على ارض المعمورة قبل هؤلاء الذين يعتبرون امتداداً لتاريخنا وحضارتنا , ولكن من ذل نفسه واحتقرها ورهن بلده ومصيره بيد غيره لا يستحق الحياة وهذا ينطبق على كل قيادات اليمن عامة والجنوب خاصة التي رهنت نفسها وبلدها للشيطان الأكبر والأصغر وما بينهما ولم تعد قادرة على اتخاذ اي قرار مصيري دون الرجوع لأسيادها حكام الشرق والغرب وهذه حقيقة مره علينا الاعتراف بها بعيداُ عن المزايدات وكفانا شعارات وخزعبلات ودجل وتطبيل لزعامات وقيادات ورموز مغلوب على أمرها ولا تملك الحيلة والإرادة السياسية وخاضعة لإملاءات وأجندات اقليمية ودولية لا تعبر عن قناعتها وقناعات شعبها ولكنها ليست قادرة على قول رأيها أو حتى توحيد صفوفها وجهودها أو التنازل لبعضها البعض لان ذلك خارج قناعات الاخرين !! والمؤسف ان أغلبهم لم يعترفوا بهذا الواقع الأليم ولا زالوا يكابروا ويصدروا البيانات ويتصدروا عناوين الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية ووجدوا من يناصرهم في الميادين ويسوَقوا أفكارهم ومشاريعهم حتى شغلوا الساحة الجنوبية بأربعة مشاريع أو جزها كما يلي : • مشروع التحرير والاستقلال وبناء يمن جديد أتحادي فيدرالي • مشروع استعادة الدولة وحق تقرير المصير • مشروع اتحادي فيدرالي من اقليمين )شمال, جنوب ( دائم ومزمن • مشروع أتحادي فيدرالي من ستة اقاليم أدعوا كل القوى والمكونات وجميع الوان الطيف الجنوبي وعامة أبناء الجنوب الى التوحد ورص الصفوف والبحث عن بدائل مناسبة لتوحيد الكلمة والرأي والتوافق على قيادة موحده مع اعطاء انذار اخير لقيادات الخارج لكي تعود الى الداخل وخاصة ونحن نعيش في عصر اللا دولة وتحسم أمرها وتلتصق بالجماهير مصدر الهامها , وتتخلص من ثقافة الماضي والمماحكات والمناكفات وهوس الزعامات والأوهام وأحلام اليقظة والتعامل مع الحقائق والمعطيات على الارض مع تأكيدنا بان جميع الدول لديها مطامع في الجنوب ولاسيما موقعها الجيواستراتيجي !! , كما أن بعض اطراف الداخل اضحوا مسيطرون على الشمال سياسياً وأمنياً وربما في قادم الايام عسكرياً مما يهدد العملية السياسية ويقود اليمن الى ألمجهول وربما يحدث العكس وتتفق تلك القوى وتدخل في تحالفات قادمة قد يعجز معها العقل والمنطق العادي ويصعب عليه فهمها ؟؟ وقد تفرض على الجنوب استحقاقات قادمة كالاستفتاء والانتخابات وغيرها , وحينها لا ينفع الندم أو ترديد كلمة لا يعنينا لا من بعيد ولا من قريب !! , لأن مثل هذا الأسلوب انما يعبر عن الفشل وقلة الحيلة , وإذا اردنا تجنب ذلك المشهد القادم والتصدي له وفرض خياراتنا على الداخل والإقليم والعالم !! علينا لم الشمل وتوحيد الجهود ورص الصفوف وتجسيد روح التعاون المشترك وقبول بعضنا البعض واحترام قناعات الرأي الأخر بما في ذلك إخواننا أبناء الجنوب المرتبطين بالسلطة الذين يحملون هم القضية الجنوبية ويتعرضون لحملة شرسة من مراكز القوى التقليدية التي عاثت في الارض فساداً ودمرت البشر والحجر والشجر , وتحاول تلك القوى وبوتيرة عالية ترتيب صفوفها وإعادة تحالفاتها ونسيان عداواتها وحروبها السابقة !! كل ذلك من أجل الانقضاض على ما تبقى من السلطة وإزاحة إخواننا الجنوبيين من مواقع اتخاذ القرار , وقد شعرت تلك القوى بخطورة ثورة الجنوب السلمية وخروج المليونيات المتتالية التي تدعم وبشكل غير مباشر القيادات الجنوبية المتواجدة على رأس السلطة !! مما دفع تلك القوى أن تلعب دوراً سلبياً لعرقله مخرجات الحوار واتفاقيات السلم والشراكة وتعطيل تقسيم اليمن الى ستة أقاليم لان ذلك يخالف قناعاتها ومصالحها , الأمر الذي يعتبر فرصة سانحة تاريخية وأخلاقية تفرض على القيادات الجنوبية التي لا زلنا نحترمها ونقدرها ونعتبرها جزء من تاريخنا بحلوها ومرها , بالعمل على توحيد صفوفها بما يلبي طموحات شعب الجنوب وفتح صفحة جديدة فيما بينها عنوانها المصالحة الوطنية والجلوس على طاولة حوار مستديرة , والاتفاق والتوافق على خارطة سياسية مبنية على الاخاء والثقة والمصير الواحد والعمل وبعزيمة وهمه الرجال الأوفياء , لعقد أي مؤتمر جنوبي ( جامع , وطني , شامل , جبهوي , حزبي ) لا تهم التسمية المهم حسن النوايا والابتعاد عن الاوهام , والتحرر من التبعية وولاءات الخارج التي لن تجلب الا الويلات والخراب الذي تعودنا عليه ودمرنا من الداخل بالمال السياسي المدنس من الشقيق والصديق وبأيادي أبناء جلدتنا ؟؟ فهل تصحوا ضمائر قياداتنا ويخلصوا النية ويقفوا صفاً واحداً الى جانب شعبهم ويثبتوا للعالم بأنهم قادرون على مغادرة محطة الماضي الدفين والشروع في إعادة الثقة واللحمة وتجسيد روح التصالح والتسامح لبناء جنوب جديد ودولة فيدرالية حديثة تعددية وحكم رشيد يعيد للجنوب مكانته وحيويته وتاريخه باعتباره العمق الاستراتيجي للأمن القومي العربي عامة ودول الخليج العربية خاصة . والله من وراء القصد .. الرحمة والمغفرة لشهدائنا الأبرار والشفاء العاجل للجرحى والمصابين والحرية للمعتقلين وعاش ابناء الجنوب احراراً صامدون في ميادين الفداء والتضحية ..