كان النظام السابق في الجنوب قبل الوحدة يعتمد على تقسيم كل منطقة إلى وحدات ثم مجموعة من الوحدات تكون لجنة الحي, تقوم هذه الوحدات على تسيير شؤون الحي عبر لجنة مكونة من أكثر من شخص يترأسها واحد منهم. في الوحدة هناك سجلات كاملة بأسماء أهل الحي ومعلومات مفصلة عنهم من حيث الوظيفة والعمل والدراسة والحالة الاجتماعية, كل مولود يتم تسجيله لأنه لا يمكن استخراج شهادة الميلاد إلا برسالة من الوحدة التي تسكن فيها , كذا يتم تسجيل الوفاة , كذا يتم تسجيل الساكن الجديد والمنتقل كذلك. فوحدة الحي أرشيف كامل من المعلومات عن الساكنين فيه إضافة إلى قيام اللجنة بحل المشكلات التي قد تحدث بين الجيران والفصل فيها وتقريب وجهات النظر, ولوحدة الحي مقر مفتوح يومياً يرتاده المواطنون لإنجاز أعمالهم. اليوم أصبح عندنا عقال حارات أغلب هؤلاء العقال لا يعلمون عمن بحيهم من المواطنين , كما أن هناك مشكلات قد تحدث بين بعض الساكنين بالحي يعجز رجل بمفرده أن يحلها وهناك إشكالات رمي مخلفات البناء وتركها في الشوارع وعدم تنظيم مواقع القمامة والمشكلات الأمنية من سرقات كثرت لم تجد من ينظم في الأحياء لجاناً للحراسة وغيرها من الإشكالات الكثيرة التي بدأت تقضي وللأسف على قيم المجتمع وعاداته وتقاليده. تتفاقم المشكلات مع مرور الزمن وتتعقد أكثر فأكثر إن لم تحل في أول ظهورها ومن المستحيل على رجلٍ واحد أن يقوم بدور فاعل إن لم يسنده أشخاص معه فاليد الواحدة لا تصفق , إضافة إلى عدم وجود مقرات لعقال الحارات ولذا عليك البحث عن عاقل الحارة إن كان لديك ورقة ليختمها , ابحث عنه فقد تجده في بيته أو في مقهى أو قد يكون مسافراً فانتظر حتى يرجع من سفره لأنه لا يعطي الختم لغيره!!. لقد ثبت عملياً فشل نظام عقال الحارات إذ لا يصلح إلا في القرى الصغيرة أو المجتمعات القبلية أما في المدن فلم يعد نافعاً بل هو فاشل منذ اللحظة الأولى التي طبق فيها إن لم يكن هو مشكلة بحد ذاته قادت إلى غيره من المشكلات والإخفاقات. لذا آن الأوان لإيجاد نظامٍ آخر خاص بتنظيم الأحياء لا يعتمد على شخصٍ واحد بل على أشخاص من ذوي الكفاءة والرأي ويكون لهم مقرٌ يقصدهم المواطن فيه لإنجاز معاملته إذا أردنا حقاً أن نبدأ في معالجة الاختلالات والمشكلات والإشكالات المتزايدة في المجتمع فلنبدأ أولاً بتنظيم أحيائنا وإذا رتِّبت وانتظمت انتظم المجتمع كله وإذا كان بعضنا الآن ينزعج من لفظة ( الوحدة ) فلنختر اسماً آخر للنظام الجديد مع الاستفادة من التجربة السابقة وتجارب البلدان الأخرى المتحضرة.