منذ أن ولجنا الحالة التي وصلنا اليه اليوم ،وما رافقها من أزمة سيستفحل أمرها وسيستعصى حلها ،وستؤرق البلاد والعباد ،وبين هذا وذاك اتضح جليا أننا جميعا نفكر في صالح أحوالنا فقط... فالمتسلطون يريدون أن تكبر سلطتهم ويتسع نفوذهم ، والباحثون عن السلطة من احزاب ومكونات سياسية لا هم لهم سوى إزاحة أولئك للتربح من وراء السلطة، وبين الطرفين ضاع الوطن ومعه المواطن المسكين الذي يحلم بأن يستظل حتى سقف شرعية دستورية انتخبها ولا يرضى بغيرها بديلا إلا عبر نفس الصناديق الانتخابية ، تكون قوية وقادرة على بسط نفوذها على الكبير قبل الصغير، وعلى التاجر قبل المستهلك، وعلى الشيخ قبل القبيلي. من منا فكر في صالح اليمن؟ ومن منا جعل صالح اليمن فوق صالح أمره؟ لا أحد إلا من رحم ربي، فجميعنا هرول نحو مآربه ،وسعى لتحقيقها ساعة بالتزلف ،وأخرى بالتملق ،والأمَّر من هذا وذاك أن يكون صالحنا فوق صالح اليمن ذاتها. لو نظرنا الى حالنا لوجدنا أن كل فريق ينصاع لتنفيذ أوامر قلة من الذين أرادوا الوصول للسلطة أو الحفاظ عليها، بعيدا عن الإطار الدستوري الموصل إليها والمتمثل بصناديق الاقتراع، إن الصالح العام لليمن ضاع بين من هم ملوك أكثر من الملك، وبين من كانوا يظنون أنفسهم ملوكا وإذا بالأزمة الحالية تكشف المستور، وتزيل الغطاء، وتفضح كل شيئ، فلا نرى تحت القبة ولي ولا صالح، بل نجد بشرا ليسوا كالبشر. هل لنا أن نرجع صالح اليمن إلى قاموس حياتنا من جديد؟ فيحكم فينا ولي الأمر بما انزل الله، ونطيعه نحن على ما كان من أمره أساء أو أصاب، فمرده للعلي القدير، فللأسف الشديد يظن البعض أن التغيير المنشود ينحصر فقط في الخروج على ولي الأمر، ومعاداته، مع أن تغييرنا لأنفسنا هو الأمر الذي ينبغي أن يتم أولا، وإذا ما أصلحنا حالنا مع الله سيصلح الله حال حكامنا معنا. ففي الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال: (كيفما تكونوا يولى عليكم)،وان ضعّف بعض الحديث ولكن يؤخذ به في إصلاح الاعوجاج، فمعنى الحديث كما هو واضح أن الوالي والأمير يكون من جنس المولى عليهم- رعيته- فإن كانوا صالحين كان مثلهم، وإن كانوا فاسدين كان مثلهم، والحالة التي يكونون عليها يكون عليها ولي أمرهم، فهل نصلح أولا ليصلح ولاة أمورنا؟ أم نخرج عليهم ناقضين يد الطاعة، لتفترق الجماعة! وتعم الفوضى! ويختلط على الناس أمرهم!!. هل من صالح اليمن أن يحرم الأطفال من التعليم في المدارس؟ وتغلق الجامعات في وجه الشباب؟ بطبيعة الحال هذا ليس فيه اي صالح لليمن واليمنيين، كذلك هو الحال للمنادين بعودة الساحات للاعتصام وبالتالي خلق ازمة متجددة، وهو ليس حلا بل اغراق البلاد في دوامة من الفوضى. ندعو الله العلي القدير ان يكتب لبلدنا الخير بعيدا عن هيمنة الدول التي تريد تحقيق مصالحها فقط، والا اين الدول التي ادعت انها رعت اليمن في السنوات الماضية، من حالة المواطنين الذي ازداد سوء ، وتفاقمت أزماته، وظلت تلك الدول تريد استغلال اليمن ليكون سلاحا لها فحسب ليحارب نيابة عنه في مكونات هي من صنيعتها. ايها اليمنيون اليمن كبير وسيبقى كبير، لن ينال منه من يريدون هدمه بالهروب من الاستحقاقات الدستورية التي تبقيه موحدا، لا ان يتم تقسمه من خلال الاقاليم التي وزعت على طريق شطري بعيد عن الدمج بين كل اجزاء الوطن، وهي مآرب تسعى الى تحقيقها الدول التي ترى في وجود يمن قوي غير مرغوب فيه. نائب عميد كلية التربية والعلوم بجامعة البيضاء