لقد شكل انتصار ثورة الشعب في صنعاء انزعاج شديداً لدول الجوار الخليج وبعض دول العالم الغربي خاصةً مما قامت به الثورة من إجراءات بإعلانها البيان الدستوري و تشكيل مجلس رئاسة ووزراء ومجلس تأسيسي بعد رفض رئيس الدولة والحكومة عن العودة إلى ممارسة عملهم والاتفاق مع قيادة الثورة والأحزاب الموالية لها على بنود الخلاف فيما بينهم ورفض هذه الاحزاب الحاكمة الاستجابة لمطالب الثورة واصرارها على فرض استمرار مصالحها على حساب مصالح الشعب والوطن . أنا أرى أنه لا يوجد أي مبرر لهذا الانزعاج الخليجي الشديد من قبل دول الجوار والغرب مما قامت به الثورة في صنعاء لأن المرحلة التي أوصل النظام البائد البلد فيها لن تدفع أي مراقب للوضع اليمني أي يبدي أي استغراب أو قلق أو انزعاج بل بالعكس يجب أن يؤدي أجراء الثورة إلى التفاؤل بمستقبل أفضل ويجب على دول الجوار أذا كانت تريد الخير وتمتلك النوايا السليمة والصادقة أتجاه اليمنين وتريد لهم حياة مستقرة وكريمة أن تفرح وتبارك لما قامت به الثورة . لأنها تعلم جيداً الوضع الاقتصادي والسياسي والأمني والاجتماعي المتردي الذي يعيشه الشعب اليمني والذي هم سببه هذه الاحزاب الحاكمة إذا كانت دول الجوار ترى أننا عايشين في نعيم وازدهار وأمن وتقدم ونحن اليمينين لا نلاحظ ذلك فهذا من حقها أن تنزعج وتقلق . الاحتمال الاخر لانزعاج دول الجوار أن قيادة الثورة في صنعاء لم تستلم تعليماتها منه عندما قامت بثورتها كما كانت تعمل قيادة ثورة 11/ فبراير التي كانت تمشي برضا وخطط المملكة السعودية التي دعمت بكل سخاء بالمال لكي تجهضها وفعلاً أنشئت المبادرة خليجية وقسمت من خلالها الحقائب الوزارية والنفوذ بين الثوار والمثار عليهم وهم كلهم ينفذون أجنداتها وضد مصالح شعبهم ووطنهم أما الثوار في الميدان فهم ضحايا الاحزاب المتصارعة على المصالح التي قامت من أجلها ثورة 11/ فبراير . بعد أن تمكنت المبادرة الخليجية برعاية الدول العشر بإجهاض الثورة وتقسيم المصالح بين الاحزاب المتصارعة ترسخ وتوسع الفساد والإرهاب وحصلت دول الجوار على ما تتمنى أن يكون اليمن فيه شعباً ووطناً وأثبتت لليمنيين جميعاً عدم حسن نواياها اتجاهنا وما تريد لنا من حكام ومستقبل . لقد اثبتت دول الجوار أنها تشعر بالسعادة والارتياح عندما ترى اليمن بشرطيه متناحر متدهور في اقتصاده وأمنه وتعليمه وفقير وجائع وانزعجت عندما قامت الثورة المباركة في 21/ سبتمبر وعندما قامت الثورة بوقف الفساد واوقفت عمل هذه الأحزاب الفاسدة التي حكمت اليمن لسنوات طويلة . أما الانزعاجات الدولية وخاصة الغربية منها فهي حسب تقديري غير جدية وغير صادقة وإنما أرضاءاً لدول الخليج التي تمدها بالمال والمساعدات لان هذه الدول تعلم أن النظام السابق من أسوء الانظمة في العالم من حيث الفساد ومن حيث قيادة البلد حيث وقد جعل البلد في وضع لا تحسد عليه وأيضاَ دول الغرب لا يهمها اليمن ومن يحكمه وكيف سيكون في المستقبل بل يهمها استمرار مصالحها من شركات التنقيب عن النفط والغاز ومن المعادن الأخرى ويهمها الممر الدولي في باب المندب التي هي أصلاً تقوم بحمايته حالياً بغض النظر عن الدولة في اليمن ومن على رأسها . أما سحب السفارات التي حصل مؤخراً هو نتيجة لضغوطات سعودية وخليجية شديدة تعرضت لها هذه الدول المنسحبة وأرضاءا لدول الخليج والحفاظ على ما أوجهها مقابل الأموال التي تضخها الدول الخليجية لدول الغرب وأمريكا مقابل وبدون مقابل . فقد حصلت انزعاجات عند بعض القوى في الداخل وهي ليست من الأحزاب الحاكمة بل من بين أوساط الجماهير لكن انزعاجاتها هي فقط خوفاً من المستقبل المجهول وتخوف من ناحيتها من ان تتدهور الأمور أكثر مما نحن فيه وبعض من أفراد الشعب المنزعجين انزعاجهم ناتج عن جهل مما تعرضوا له ووصلوا اليه من وضع مزري ومخزي ومؤلم ويعتقدون ان الوضع الاقتصادي هكذا فرض عليهم وان الدولة ستقوم بتصحيح الأوضاع حسب ما تخاطبهم في المحافل وفي وسائل الأعلام ولم يعلموا أن ما تقوله الدولة هراء في هراء وهي تقتلهم ببطئ دون أن يعلموا . أما الانزعاج الرابع والأخير لنا ان نعذرهم عن انزعاجهم لأنهم خسروا مصالحهم الفاسدة والغير شرعية خسروا سمعتهم أمام الشعب والتاريخ خسروا هيبتهم خسروا كل شيء إنساني جميل في تاريخهم يحلم أي إنسان طبيعي وسوي أن يكتسبه لأن الإنسان العاقل هو من يحافظ على سمعته لأنها هي التي تستمر من بعده كما قال العالم أفلاطون: ( أما الماديات والجاه المفروض بالقوة فهو منتهي مع انتهاء صاحبه مباشرة ) أسئل الله أن ينصر هذه الثورة المباركة والعظيمة وأن يمكن قيادة الدولة الجديدة على بناء وترسيخ دعائم دولة عادلة وديمقراطية ومستقرة وأمنة وان يمكن قيادة الدولة الجديدة بحل كل قضايا اليمن السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية .