كما يقال التاريخ يعيد نفسه , ودورات التاريخ للأمم ربما تعاود بعد مئات سنين , وللفرد خلال بضع سنين . ورسالتي هذه أخص بها شيخنا الجليل الوقور / عبد الرب النقيب حفظه الله , شيخ قبيلة الموسطة (إحدى قبائل يافع العشر كما هو معروف ) والذي كان له شرف الوقفة الصادقة الصريحة مع قضية وطنه الجنوب وفي وجه المحتل الزيدي , موقف سجله في ظروف جد كانت تأكد صلابته وقوة إيمانه ومعدنه الأصيل ، ولذلك أنشدته وحيته يافع باسم مكاتبها العشرة ( سلام لك يا شيخ عبد الرب / من المكاتب لعشرة جملة ) , وذلك شرف له ولنا جميع , فقد كان موقفه المشرف عزة ليافع ولقبيلة الموسطة التي وقف رجالها ورجال أعمالها المعروفين إلى جانب الشيخ الجليل داعمين بصدق وسخاء ' وكذلك كان أبناء يافع , فمن يتقدم إلى ميادين الشرف والعزة والكرامة يستحق منا كل الإجلال والإكبار والتقدير والاحترام .
واليوم ونحن في موقف يستعيد فيه التاريخ ظهور قرون الفتنة من ( مران ) والذي أنبأنا التاريخ بأنها كما يقول (صناجة العرب) الأعشى : «كناطح صخرة يوما ليوهنها فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل»
نعم فعلى صخور جبال الجنوب وإمام عزيمة رجالها ويافع في مقدمتها تكسرت عصي و قرون فتن صعدة و(مران ) مرارا وتكرار وكلما عادوا عدنا المجد والتاريخ , واليوم أبناء يافع ومعهم كل الجنوب يستنفرون الدم والروح , قبل المال والمدد رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه متحفزين للذود والفداء , بل وجز تلك القرون وفتنتها من جذورها إذا تمادوا أصحابها في التقدم شبر واحد في إي تغر جنوبي .
اليوم أبناء يافع ومعهم أبناء الجنوب النشاما على ثغر الجنوب الأبي منطقة (الحد ) الحاد وعلى جبل ( العر ) رمز الإباء الجنوبي المعروف , متحفزين للذود والفداء عن كرامة وعزة كل الجنوب , وداعي التاريخ اليوم يحتم على سلاطين يافع وشيوخها تقدم صفوف القيادة والفداء كما كان عليه آبائهم وأجدادهم الميامين عليهم رحمة الله .
واليوم أخص الشيخ عبد الرب النقيب روح المبادرة والإقدام والحكمة والوفاء , وهنا احييه وانشده , فكما سمعت عن قدومه إلى المملكة , أن يكون قدومه لضرورة عاجلة , وأن يحزم الحزم ويعود إلى يافع وله شرف ذلك , لا أن يعتكف في جده كما وسوس له ومناه صاحب الاعتكاف المعروف , في ظروف كنا نترقب حضوره فيها لما له ولمواقفه من شعبية وصدق ,
ومنتظرين عودته على أحر من جمر المرابطين في كل , لا إلى مجلسة في دار النقيب المعروف الذي يستنزف جهده وجهوده , بل إن شاء الله إلى قمة جبل (العر ) ومعه سجادته وبندقيته , وحوله يافع ورجالها وأن يكون حضوره دعوى لإقفال كل مجالس القات في يافع ودواوينها التي استنزفت منا ما كان يكفي لبناء دولة بجيشها وعتادها ( اليوم قتال إذا فرض علينا , وبكرة الغداء والقات علينا ).
وبذلك يسطر ملحمة جديدة ليافع وداعيها ويعرف الآخر بأن يافع وسلاطينها ومشايخها بعد رجالها ,تعتز بكل يافعي مقدام وتنقاد له عند حامي الوطيس .
والظروف حاسمة لا تحتمل المطل والتشاور فاليوم داعي يافع حتمي لكل سلاطينها وشيوخها كما هو معروف عبر التاريخ .
وعندما قلت في مقدمة رسالتي هذه عن داعي التاريخ ودورته بعد مئة أو مئات السنين , فقصدي لشحذ الهمم وتذكير الأجيال .
وهنا استعرض لكم لمحة لدور قبيلة واحدة من قبائل يافع العشر في واقعة تاريخية لم يسبق لها إلا مثيل واحد , واقعة قادها جد شيخنا الجليل الشيخ علي محسن بن عسكر النقيب , عندما لبى ( عروة ) امرأة من بلدة ( نعوه) في أرض اليمن , قدمت إليه لما تسمع عنه من شجاعة وإنصاف واشتكت ظلم أهلها وشيوخ قبيلتها لها بعد إن قتلوا زوجها وأبنائها كعادتهم ظلم وعدوان جماعي ' فما كان منه إلا أن يستحضر قصة المعتصم بالله عندما لبى دعاء امرأة عمورية في القصة المشهورة .
حشد النقيب الجد قبيلة الموسطة ومعها رجال من كل يافع , وتقدمهم وأقدم بكل إيمان وشجاعة ودخل بزامله الشهير : يا نعوة اتقادي لبن عسكر علي ولا تقاديش الجرامل والهروت
وما هي إلا ساعة صبر وعزيمة إلا وكان الرد الصاعق : نعوة تقادة وأهلها كلاً شرد والموت ظلي بالشوارع والبيوت .
وعندما تقابل شيخ قيفه مع الشيخ عسكر علي كان كذلك رده الصاعق على الشيخ الذهب المعروف : عندما قال الشيخ الذهب : ما عرفتني يا بن النقيب فدر بن النقيب بحز : لا ما أعرفك , فقال أنا الشيخ الذهب الصافي !! فرد الشيخ عسكر علي النقيب رده المشهور : وأنا البوطه التي يصهر بها الذهب !!.
فتلك عزيمتهم وشجاعتهم وشيمهم التي سجلوها لنا تاريخ مجيد خالد , علينا الإقتداء به والمحافظة علية , وعليه اكرر تحياتي الصادقة للشيخ عبد الرب وكل أهلي وأخواني في الجنوب , وأدعيه اليوم وهو أطال الله في عمره شيخ كبير له روح الشباب المتجدد من أخلاصة لوطنه وقضيته , إن لا تعاود كرة الاعتكاف . وحضوره الرمزي إلى جبل العر حضور العزة والكرامة ولو لساعة كل نهار , وعند الأصيل حتى يقفل مجالس القات والترهات .
(اليوم قتال إذا فرض علينا , وبكرة الغداء والقات علينا).
والسلام عليكم ورحمة الله يا شيخنا ويا كل مرابط على كل ثغر جنوبي .