وأن كانت كثير من القوى اليمنية بما فيهم هادي حتى اللحظة لم تعلن صراحة موقفها من قضية استقلال الجنوب، ولازالت تراوح في تلك المواقع عند موفينبيك صنعاء حتى 21 سبتمبر 2014 مع استثناء المؤتمر الشعبي وأنصار الله، تحركهم في اتجاهات العزل والتفرد بصنعاء في أطار تحالف عصبوي قبلي مذهبي، يصب في خانة استكمال مشروعهم الإقليمي، بالسيطرة الكاملة على مقاليد الأمور في صنعاء والمناطق الواقعة تحت نفوذهم، بينما في الضفة الأخرى منذ خروج هادي إلى عدن يتم استكمال احداثيات تقوية التحالف المضاد بشرعية هادي اليمنية لاستعادة تولي الدولة الشكلية لمقاليد الأمور بمؤازرة اقليمية ودولية. وفي الطرف الأبعد من كل هذا تترسخ على أرض الجنوب قناعة وارادة شعبية بانتماء جنوبي واسع، وهو الوضع الذي تمحورت عنده كل القوى الإقليمية والدولية، بحق الجنوب، من خلال استئناف الشرعية الإقليمية والدولية دبلوماسيا في عدن لكسب القضية الجنوبية صورتها الحقيقية بوضع الدولة. هنا، يبقى لدى القوى اليمنية المتحالفة ضد تحالف صنعاء القائم اليوم، بحالة اللادولة، سببا حقيقيا لإنتاج معادل استثنائي، يفضي قطعا دون تردد إلى وضع ما قبل 22 مايو 1990، لكن باستحقاقات مستجدة اجتماعية وسياسية عصبوية، أفرز خطواتها على الأرض واقع تبلور دون أرادة تلك القوى، بتوالي تطورات الأحداث منذ وقوع الجنوب تحت الاحتلال اليمني في 7 يوليو 1994، أضافة إلى الصراع المستور عنة يمنيا في أطار علاقة التماثل والاختلاف بين اليمن الأعلى الزيدي والأسفل الشافعي. مراحل ما قبل ذلك أفضت عنها حاجة ثورة التغيير المخطوفة وما سبقتها وتلتها من أحداث، كانت الأرضية التي عندها القوى اليمنية الخاسرة بعد 21 سبتمبر 2014، وجدت نفسها مضطرة للتعامل مع هذا الواقع الجديد، للجوء الى الجنوب، ليس لسواد عيون أهلة، بل لتأمين ملاذ آمن لها، بعد أن أصبحت صنعاء طارد لهم. وعند استجلاء ما حدث في ضوء ما عكسته سنوات الصراع في المنظومة السياسية برمتها بعد اعلان مشروع توحد 22 مايو 1990 وحتى الآن، نجد أن التاريخ اليوم يعود لأنصاف شعب الجنوب، ليعطي قضيته زخما أبعد لاسترداد حقوقه الوطنية، كون عودة هادي إلى صنعاء مستحيلة وتزحزح الحوثي عن وضعة اليوم الى الخلف ضرب من الخيال. وبذلك تم أنتج الوضع الذي يؤدي عفويا إلى تثبيت واقع الدولة في الجنوب، كحقيقة واقعة على الأرض صعب تجاوزها، بل وحاجة ماسة اقليمياً ودوليا، على عكس واقع 1994. تمسك تحالف صنعاء بواقع نفوذة العسكري والأمني، رغم عزلته الدبلوماسية الإقليمية والدولية، يعقد المشهد أكثر، ويضيف رصيد للقضية الجنوبية باعتبارها شاطئ أمان تقود المجتمع الإقليمي والمجتمع الدولي إلى استيعاب حقيقة أن الدولة الجنوبية حاجة ماسة وضرورة ملحة، تفرض نفسها من عدن ، أنها صمام الأمن القومي الخليجي والعربي، واستتباب الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، وأول هذه القضايا محاربة القاعدة وأخواتها. لتصبح منطقة الجنوب، حاجز أمني طبيعي لتحجيم الإرهاب وتأمين الأمن الإقليمي والدولي، كما بينت ذلك تجارب دولة الجنوب في هذا المنحى، بغيابها أختل التوازن وحدثت الكارثة. أذا، عند الجنوب الكل التقى، ومتى يكون التدشين، مسألة وقت، لذلك على كل القوى الجنوبية اليوم، والحراك أولها أن تلعب الدور المحوري المناط بها، وخلع جلباب تكلسها الضيق، بالبحث عن مواطن القوة المضافة لا الضعف المهين. بالاستفادة من تجارب الماضي القريب بأبعاد ومسميات مختلفة جعل بعض هذه المكونات، باقية مسجونة لعقلية شمولية رفضها واقعنا الشعبي وأرسلها إلى تابوتها الحقيقي. أن استيعاب اليوم بواقع ابعد، يعد قمة الاستعانة السياسي الناصح والحكمة، بل حتمية لأجل حماية نفسها، لكن ليس على حساب الثابت في القضية، بتغيير التكتيك المناسب اللازم المتاح، والتحالفات القادرة على حمل القضية وإيصالها إلى الأهداف المتفق عليها، وفق أرادة الشعب الجنوبي في الدولة والهوية، دون ذلك، يظل الجنوب ساحة استقطاب وتجاذبات بل حصان طروادة تتنفس فيه القوى المهزومة بعد 21 سبتمبر 2014 والمنافسة بعد 21 فبراير 2015 عند وضع الحرب القادمة بصوره الطائفية والمذهبية والسياسية القبلية للمصارعة على السلطة في صنعاء، لإدارة حروب بالوكالة على أرض الجنوب، دون ما يكون للجنوب فيها لا ناقة ولا بعير، وشعبة لازال يبحث عن وطن وهوية. فهل وصلت الرسالة والإقرار بحقوق الشعوب الوطنية، أم نبقى جزء من الوعاء العربي، يخلو ويملأ وفق أجندات سياسية إقليمية ودولية، وشعوب المنطقة لها الله. هل نتعض، لنفتح عيوننا غدا على وطن محرر جديد، أم تعود حليمة إلى عادتها القديمة. أوقفوا الحرب الطائفية المذهبية ياجماعة، أخمدوها، قبل أن تكون النهاية بالكارثة. أن كان لديكم باقي عقل أو ضمير حي، الناس حالتهم لا تحتمل أزيد من واقع اليوم. لأن الوضع مفتوح على كل الاحتمالات، مالم يكن للعقل حضور فاعل في قلب الحدث وأي قاف الكارثة.