انسابي يا ممتلكاتي الحبيبة، يا مبادئي و قيمي و مفاهيمي التي نشأت و شبيت و شبت عليها. انسابي يا ممتلكاتي التي لا املك في الدنيا سواها. عشت بها، معها، لها و فيها. انسابي، تعبت قبضة يدي النحيلة تقوى و ُتحكم قبضتها عليك. انسابي يا من كنتِ تاج طالما توجت به نفسي بنفسي. انسابي يا من كنتِ وسام من ضياء رصعت به صدري. انسابي يا من كنتِ لي درع من حديد، احتمي خلفه من انياب الوحوش الكبار الراشدين الضارية، و من فتك مخالبهم الدامية. انسابي مني يا من حصنتينني عندما مشيت في غابات الكبار الراشدين الحكماء البالغين و لم توخز قاع قدمي ابرة ، لا والله و لا شوكة برغم كوني كنت اترجل حافية. لأنني يا ممتلكاتي من قيم و مبادئ و مفاهيم كنت ارتديكِ ،فتسكني كياني وتحتويني. لم تكوني حيزاً في عقلي فحسب بل كنتِ انا كلي. غلفتيني ، قويتي و صلبتي قامتي ، ساندتي قلبي بل كنتِ في الميدان قائد جندَني و كنتُ المقاتلة. انسابي مني يا من كنتُ احمد الله عليكِ كلما حمدته على نعمه الكثيرة و عطاياه الكريمة، التي لا ُتُعد و لا ُتحصى. عندما كنت احاول العد لأفرح و اسمو كنتُ احسبك انتِ في اول اصبع او اول رقم. تماما كما يحسب الرجل الثري عدد سياراته ، مبانيه ، ارصدته كنت انا احسب مبادئي، قيمي و ايماني بأن : انما المؤمنون اخوة. لا يقاتل أحدهم الأخر. احسب دبلة زواجي ، أولادي ،ارض وسقف بيتي وعطر في الأرجاء هو عطر العافية. لكن كنتِ انتِ يا مبادئي رقم واحد ، كنتِ ك ... بل انتِ سبائك الذهب الصافية. انما المؤمنون اخوة....لا يرفع احدهم سلاحه و لا يده و لا حتى لسانه في وجه الأخر. يا مبادئي يا ممتلكاتي ، يا بذرة لا ُترى ،بذرها أبي ، أمي ، أخواتي و أخوتي. سقاها اخوالي و خالاتي و عماتي و جميع اجدادي. انما المؤمنون اخوة .لا يطعن احدهم لا ظهر و لا صدر الأخر. لكن.......إما أن المؤمنون ما عادوا مؤمنين ... أو أن الأخوة ما عادوا مؤمنون! والله انها قبل قيام القيامة أو لعلها أم المحن. بتنا و اصبحنا و امسينا في ايام اسود من الليل، و أين؟ في بلاد الحكمة في بلدي اليمن. قتل اليمني اخوه ، و السوري اخوه، و العراقي اخوه و المصري حتى المصري- اصحاب ام الدنيا- اخوه. لذا انا اطلب منك يا مبادئي ان تنسابي من بين اصابعي لكي استطيع ان افهم ما يجري ... فكل ما يجري تهاوي احجار من قمم... كلها تهوي فوق رؤوسنا دحرجة... ارتطام يليه ارتطام دون برهة واحدة لا للوعي و لا لأخذ النفس ولا للسلام. انا اعترف انني حاولت ان افهم لكنني انتهيت من محاولاتي و كانت النتيجة ارتفاع كتفين و قلب شفتين تتمتم ماذا يجري؟ انا لا أدري؟ لماذا اظلم الصبح و سقط غدرا من ايامنا الفجرِ. سامحيني يا مبادئ العروبة ان طلبت منك ان تنسابي من بين اصابعي كما تسيل الدماء مخلوطة بالماء، فقد اتعبني بقائك بداخلي. اجهدني ، أستنفرني، أستنزفني ، غربني عن محيطي ، انهك قواي و ارهق قبضة يدي المتشبثة بك. قد تسألينني يا مبادئ العروبة :- " سين :لماذا تطلبين مني ان انساب؟" ببساطة سأجيب:-" جيم :لان كل من حولي صاروا اعداء متربصين. ما عادوا احباب." سين:-" لماذا لا تتمسكين بي و تتخذين مني سلاح تحاربين به العملاء، الدسائس، الأغراب؟" جيم:-" لأننا في زمن الطبالين و الراقصين و انا لست بغانية. نعيش في زمن النفاق و الساجدين للطغاة و الساجدات و انا لست لهم - و اعوذ بالله من ابالستهم - عابدة. ببساطة يا مبادئي و قيمي اطالبك بالانسياب لأننا نتنفس ادخنة الشعوذة ...ليس دخان ملوث بدخان المصانع و لا السيارات بل بدخان حرائق جهنم تتحرق شوقاً لالتهام العهر الذي يحيط بنا.. باتت عذراء "الفكر" مخلوق مريب....و الصادق ابدا مغفل غريب و الشرذمة و اضحوكة المجالس هو الشريف . (اليمني يقتل اليمني) جملة تستوجب بحث و تحليل. تخيفنا خيالات المآتة من شبح الحروب، اعذار الاقتتال كثيرة ، متشابكة، متشعبة و جميعها ذنوب. انا لا اشاهد في التلفاز الا ان المؤمنون لا يتعاملون بأخوة بل بقسوة... فإما ان المؤمنون ما عادوا مؤمنون...أو ان الأخوة ما عادوا مؤمنون و لم يعد لدينا لا أب و لا أم و لا أخوة. انسابي عني لكي اعي ما جرى قبل قيام القيامة. حتى اللحظة انا لا افهم ... ما هذاغباء مني و لكن لأن الدرس قاس لا يرحم.