لم تحسم معركة الصولبان البقية القليلة من القوات المسلحة الجنوبية فقط ولم تحسمها أيضا اللجان الشعبية وحدها بل هب إليها كل قادر على حمل السلاح من أبناء الجنوب وبالذات شباب الحراك الجنوبي الذين يختزنون كم هائل من الجرائم التي قامت بها قوات الصولبان الخاصة ضدهم وزودتنا المقاطع المصورة بشباب خرجوا بصدور عارية عُزل لا يحملون من السلاح الا الحجارة لما عرفوا جدّية المعركة . ان تلك المعركة وما تبعها توجب على الرئيس منصور ان يعيد النظر ويبني شراكة حقيقة جنوبية فالقول يتعزز بأنه لم يبرح مربع الإدارة بالعائلة أضاف إليها فساد المؤتمر بخلطة جنوبية غذّتها مأدبة عفاش والخطورة أن بعضهم لم يعانوا من إذلاله والمعركة الأخيرة أكدت أن الرهان على الوقت غباء بل تؤكد ضرورة الإسراع إلى إدارة سياسية تتسع لشراكة وطنية اقدر على موازنة القوى تحمي الجنوب بإدارة أمنية تؤمنه وبإدارة عسكرية تدافع عنه وهذا ما فشلت الإدارة الحالية أن تستشعر أهميته حتى الآن وما عمليات النهب والانفلات الامني التي سادت خلال هذه الأيام في عدن إلا تعبيرا صارخا عن قصور الإدارة بل فشلها مهما كانت أعذارها او انها لم تكن تدرك بجد ان السقاف اما حوثي او عفاشي او هما معا ويعرفون أن مفتاح الخريطة الأمنية بيده ويعرفون قبل غيرهم انه ضد الرئيس قبل ان يصل عدن فماذا أعدوا لمثل هذا اليوم؟ ...لا شيء. المؤكد أن القوة – المنظمة التي تحمي وتدافع - وليس الديمقراطية ولا السلمية هي التي ستحد وتصد قوة الآخر، فالقوة تحت أي مسمى ستكون أداة تحديد المستقبل للجنوب العربي في ثورته الوطنية مع المحتل فالأمر لم يعد بيد السياسيين وحدهم ولا تحدده مفاوضات او حوار مجردين بل لا بد من رجال يحملون السلاح لتمييز وطنية قضيتنا وعدم ربطها بالإرهاب وبالصراع المذهبي بل محاربتهما معا مع أن سلمية الحراك الجنوبي يجب أن تظل استراتيجيته قائمة لمخاطبة العالم في ظل توازن دولي اليوم لن يسمح للسلمية فقط ان تكون طريقا وحيدا لتحقيق الاستقلال بل لابد من فرض أمر واقع يتعامل معه العالم . إن موقف الشمال بكافة طيفه السياسي والوطني المختلف والمؤتلف السابق واللاحق كان على موقف واحد من إنشاء اللجان الشعبية في الجنوب التي كان دورها في الدفاع عن أبين وغيرها وصد القاعدة أكثر فعالية من القوات الخاصة في محاربة الإرهاب ولم يكن الحوثة خارج إطار رفضها حتى قبل أن يصبحوا حكاما بما يؤكد أنهم كانوا يحملون مشروعا متكاملا المليشياوية جزء رئيسي فيه. ان رفض صنعاء بكافة طيف حكمها قديما وحديثا للجان الشعبية ينطلق من قاعدة أساسية وهي ضرورة نزع السلاح من الجنوب واحتكاره بيد الشمال أفرادا ومليشيات وأثبتت الوقائع ان مؤسستي الجيش الأمن ليست وطنية الا في الخطاب الرسمي وواقعهما قطاع مليشيا قبلية وطائفية يفتقدان لشرف الحيادية هذا ما يؤكده مسلكها فهي لم تدافع عن القصر الجمهوري بينما تقتل وتقمع في الجنوب بدم بارد تستسلم في صنعاء للمليشيات الطائفية وتتمرد في عدن على رئيس احتكمت لشرعيته سنوات. إن الوقائع تؤكد بأن على الجنوبيين توسيع اللجان وتطويرها وهو ضمان لسلطة منصور فالسلمية فقط لن تحفظ الجنوب وأثبتت الفترة الماضية أن سيطرت اللجان على نقاط أمنية في محافظة عدن استقبله أهلها بترحاب فتلك النقاط في ظل سيطرة قوات الأمن المركزي لم يكن منها فائدة أمنية يحسها المواطن بل تؤكد انها وُضِعت لقمعه أو قتله أو أن لا معنى لوجودها إلا استفزازه وان القول انها قوات لمحاربة الإرهاب مجرد لافتة لتسهيل تدويره بما يخدم أجندة صنعاء مهما كان حاكمها وهذا يعني أنها كانت جاهزة لتتلقّى الأمر برفع الرايات وترديد الصرخة ومن ثم ستقتل على الهوية الطائفية اشد مما كانت تقتل تحت شعار "الوحدة او الموت" وهو ما حصل حيث أكد المخلوع حليف الحوثية أن " مسألة الجنوب ستحسم خلال أسبوع " وهو ما حاول السقاف فان ينفذه كما أن ولاءها للحوثي كغيرها من القوات وقتالها بهذه العقيدة سيكون حافزا للقوى الإرهابية للتواجد بدعوى محاربتها . اللجان هي الخلية الأولى للأمن والدفاع في الجنوب وبحاجة للتوسيع السريع فلو كانت واسعة لحافظت على الأمن وبحاجة للهيكلة والتطوير والتحديد الدقيق لمراتبية القيادة والقرار وهذا يتطلب تنسيقا مع العسكريين الجنوبيين كقادة ومستشارين يطورون القيادة من أولئك الشباب الذين يتشوقون للاستفادة من خبرتهم ومزجها بخبرات اللجان لتطويرها ومن الواجب الوطني على العسكريين الذين في منازلهم الالتحاق باللجان والعمل ضمنها او دعمها فلا عذر لهم بعد اليوم ، ولأن هذه المرحلة دقيقة فيتوجب عليهم اختيار آلية للتعامل مع الإعلام عبر ناطق رسمي يجيد التعامل الإعلامي. إن النقطة القاتلة التي تروجها صنعاء ان اللجان تثير الفوضى والرعب بل إن الحكم الجديد أرسل مندوبيه قبل فترة لتكوين لوبيات إعلامية في عدن مهمتها تشويه اللجان عبر التواصل الاجتماعي وهذا ما تناقلته وسائل إعلامية في عدن وهم لن يتخلوا عن مشروعهم رغم هزيمته الأخيرة بل سيجعلون من الانفلات الأمني منطلقا لتشويهها وليس بعيد ان نجد حملات من هذا النوع تصدر لبث الإشاعات تدعي الحرص على الجنوب وتشكك فيها ولذا فمن الضرورة بمكان ان تكون معاملات أفرادها في النقاط سلسة ولا يضايقوا المواطنين فالمواطن هو الحاضنة التي اما ان يشهد لهم او يشهد عليهم ولكي يحس المواطن والعابر بأنه جزء من العملية الأمنية للجان فمن الضروري وضع أرقام طوارئ ليتواصل المواطن بعملياتها ناصحا او شاكيا. إن اللجان ليست الحراك السلمي لكنها ضرورة استراتيجية للجنوب الآن أكثر من الحراك فعلى شباب الحراك الانخراط فيها والحفاظ عليها وتطويرها وتوسيعها في المحافظات فالمستقبل لن يتحدد بالسلمية بل عبر فوهات البنادق.