يحتفل اليمنيون بجمعة رجب وهو اليوم الذي سجل فيه أجدادهم أنصع صور الانصهار والتلاحم تحت راية الإسلام الحنيف حين اجتمعت قبائلهم وأذواؤهم في جامع الجند الشهير في الحادثة الشهيرة في العام السابع ودانت جباههم جميعاً لكلمة التوحيد وتركوا جانباً خلافاتهم وتصدوا بحزم لعوامل التشرذم والشتات التي كانت سبباً لوقوع بلادهم فريسة الاحتلال الحبشي ومن بعده الفارسي.. هذه الذكرى ولاشك ظلت في قلوب اليمنيين عيداً خالداً يحتفلون فيه بنعمة الإسلام ويستعيدون قيم التوحيد والتلاحم والتآخي وهي القيم الأصيلة في دين الله ولعلهم في هذه المناسبة يستلهمون من جديد هذه القيم خصوصاً وهم يواجهون أقسى امتحان في تاريخهم بما يحاصرهم من نذرالفتنة والانقسام والتشرذم لا قدر الله ..في الاستطلاع التالي التقينا عدداً من الباحثين العلماء والخطباء لمعرفة انطباعاتهم حول المناسبة ورسالتهم إلى أبناء شعبهم. ففي أول جمعة من شهر رجب في السنة السادسة للهجرة وصلت رسائل الرسول الكريم محمد-صلى الله عليه وسلم- ورسله إلى أهل اليمن، يدعونهم إلى الإسلام والإيمان بالله وبما جاء به من عند الله وما أن وصلت تلك الرسائل وقرئت على أهل اليمن في كل نواحيه وأحيائه حتى أجابوا دعوة الله ورسوله، وما إن وصل الخبر إلى الرسول-صلى الله عليه وسلم- حتى كبر وخر ساجداً شاكراً ربه على هذه المنة والنعمة العظيمة وقال: »طوبى لإخواني سبع مرات« )أي هنيئاً لهم(، فقال الحاضرون من صحابته رضي الله عنهم: أو لسنا إخوانك فقال :«إخواني أهل اليمن الذين آمنوا بي ولم يروني(. وفي السنة الثامنة من الهجرة النبوية أرسل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام مبعوثاً له إلى أهل اليمن, لقد كان الإختيار النبوي حكيماً باختياره شخصية الإمام علي ليكون سفيره فببراعته وسلاسة طرحه وأسلوبه فتوافد الناس جماعات ووحداناً إليه معلنين دخولهم في الإسلام فبعث إلى رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم( تقريره المتضمن البُشرى باعتناق أهل اليمن الإسلام وما إن وصل رسول الإمام علي إلى رسول الله حاملا تقريره وما إن فتح النبي صلى الله عليه وآله رسالة البُشرى حتى خرَّ ساجداً لله رب العالمين حامداً وشاكراً هذه النعمة وحين رفع رأسه من سجوده قال: “ السلام على همدان, السلام على همدان – مرتينأو ثلاثاً – نِعْمَ الحي همدان ما أسرعها إلى النصر وأصبرها على الجهد وفيهم أبدال وفيهم أوتاد ” وعندما بدأت الوفود العربية من بقاع الجزيرة تصل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم تجدد العهد وتعلن الولاء , ومن بين تلك الوفود كان وفد اليمن , فأكرم النبي صلى الله عليه وآله وفادتهم وأولاهم اهتماماً خاصاً وقلَّدهم أعظم وسام يأمله المسلم )وسام الإيمان والحكمة( حين قال: ” أتاكم أهل اليمن هم ألين قلوباً وأرق أفئدة, الإيمان يمان والحكمة يمانية ” وبعدها بعدها نزلت الآية الكريمة : ” }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لاَئِم{المائدة: 54 فأهل اليمن هم أصحاب القلوب الرقيقة و الطباع اللينة و الّرجولة الفائقة والشّهامة الّرائقة، و هم أنصار السنة والرسالة من قديم الزمان و التاريخ الإسلامي خير شاهد على هذا، ونستشهد بماأخرجه النسائي في سننه ' كتاب التفسير ' و ابن حبان في موارد الظمآن عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما قدم أهل اليمن على رسول الله عليه الصلاة و السلام في المدينة قال رافعاً صوته !! :' الله أكبر الله أكبر !! جاء نصر الله و جاء فتح الله و جاء أهل اليمن !!! 'فقال بعض الصحابة : ' و ما أهل اليمن ؟! ' فقال صلى الله عليه و آله و سلم :' قوم نقية قلوبهم و لينة طباعهم ... الإيمان يمان و الحكمة يمانية ،، هم مني و أنا منهم !!!!!!! ' ومن ذلك التاريخ الذي دخل فيه اهل اليمن الى الاسلام وحتى اليوم، اتخذ اليمنيون الجمعة الأولى من شهر رجب عيداً دينياً يُعبِّرون فيه عن حمدهم وشكرهم لله تعالى على نعمة الإسلام بمظاهر متعددة أبرزها : الفرح والمرح والإبتهاج والغبطة ولبس جديد الثياب .· التوسعة على الأهل والأولاد .· صلة الأرحام .· التزاور في البيوت .· تبادل الهدايا .· إختضاب النساء والفتيات بالحناء والنقش .· ذبح الذبائح وتوزيعها على الفقراء والأرحام .· إقامة الولائم .· إحياء المناسبة بالإحتفالات الدينية والإنشادية في المساجد والمقايل والصالات.