عندما قال شيخان الحبشي للشيخ محمد بن أبوبكر بن فريد أنت عدو للغنم    هل يستطيع وزير المالية اصدار كشف بمرتبات رئيس الوزراء وكبار المسئولين    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    البدعة و الترفيه    عضو مجلس القيادة الدكتور عبدالله العليمي يعزي في وفاة المناضل الشيخ محسن بن فريد العولقي    رباعية هالاند تحسم لقب هداف الدوري.. وتسكت المنتقدين    "ثورة شعبية ضد الحوثيين"...قيادية مؤتمرية تدعو اليمنيين لهبة رجل واحد    فاجعةٌ تهزّ زنجبار: قتيلٌ مجهول يُثيرُ الرعبَ في قلوبِ الأهالي(صورة)    فيديو مؤثر.. فنان العرب الفنان محمد عبده يكشف لجماهيره عن نوع السرطان الذي أصيب به    حقيقة وفاة محافظ لحج التركي    "ضمائرنا في إجازة!"... برلماني ينتقد سلوكيات البعض ويطالب بدعم الرئيس العليمي لإنقاذ اليمن!    استهداف السامعي محاولة لتعطيل الاداء الرقابي على السلطة التنفيذية    وفاة مريض بسبب نقص الاكسجين في لحج ...اليك الحقيقة    الليغا: اشبيلية يزيد متاعب غرناطة والميريا يفاجىء فاليكانو    جريمة مروعة تهز شبام: مسلحون قبليون يردون بائع قات قتيلاً!    لماذا رفض محافظ حضرموت تزويد عدن بالنفط الخام وماذا اشترط على رئيس الوزراء؟!    رصاصاتٌ تُهدد حياة ضابط شرطة في تعز.. نداءٌ لإنقاذ المدينة من براثن الفوضى    ليفربول يعود إلى سكة الانتصارات ويهزم توتنهام    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    أين تذهب أموال إيجارات جامعة عدن التي تدفعها إلى الحزب الاشتراكي اليمني    ورشة في عدن بعنوان "مكافحة غسل الأموال واجب قانوني ومسئولية وطنية"    السلطة المحلية بمارب توجه بتحسين الأوضاع العامة بالمحافظة    الرئيس الزُبيدي ينعي المناضل محسن أبوبكر بن فريد    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    خصوم المشروع الجنوبي !!!    لماذا اختفت مأرب تحت سحابة غبار؟ حكاية موجة غبارية قاسية تُهدد حياة السكان    افتتاح دورة مدربي الجودو بعدن تحت إشراف الخبير الدولي ياسين الايوبي    مجلس القضاء الأعلى يقر إنشاء نيابتين نوعيتين في محافظتي تعز وحضرموت مميز    قيادي حوثي يعاود السطو على أراضي مواطنين بالقوة في محافظة إب    تنفيذي الإصلاح بالمهرة يعقد اجتماعه الدوري ويطالب مؤسسات الدولة للقيام بدورها    الإصلاح بحضرموت يستقبل العزاء في وفاة أمين مكتبه بوادي حضرموت    الاحتلال يرتكب مجازر جديدة بغزة وارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و683    بخط النبي محمد وبصمة يده .. وثيقة تثير ضجة بعد العثور عليها في كنيسة سيناء (صور)    صحيفة بريطانية: نقاط الحوثي والقاعدة العسكرية تتقابل على طريق شبوة البيضاء    ماذا يحدث داخل حرم جامعة صنعاء .. قرار صادم لرئيس الجامعة يثير سخط واسع !    غدُ العرب في موتِ أمسهم: الاحتفاء بميلاد العواصم (أربيل/ عدن/ رام الله)    أمريكا تغدر بالامارات بعدم الرد أو الشجب على هجمات الحوثي    الحكومة تجدد دعمها لجهود ومساعي تحقيق السلام المبني على المرجعيات    اشتباكات بين مليشيا الحوثي خلال نبش مقبرة أثرية بحثًا عن الكنوز وسط اليمن    نجوم كرة القدم والإعلام في مباراة تضامنية غداً بالكويت    أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني في صنعاء وعدن    ماذا يحدث في صفوف المليشيات؟؟ مصرع 200 حوثي أغلبهم ضباط    ثعلب يمني ذكي خدع الإمام الشافعي وكبار العلماء بطريقة ماكرة    الحرب القادمة في اليمن: الصين ستدعم الحوثيين لإستنزاف واشنطن    المشرف العام خراز : النجاحات المتواصلة التي تتحقق ليست إلا ثمرة عطاء طبيعية لهذا الدعم والتوجيهات السديدة .    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    أرسنال يفوز من جديد.. الكرة في ملعب مان سيتي    مارب.. تكريم 51 حافظاً مجازاً بالسند المتصل    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يفوز على مايوركا ويقلص الفارق مع برشلونة    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    أفضل 15 صيغة للصلاة على النبي لزيادة الرزق وقضاء الحاجة.. اغتنمها الآن    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تراجع النموذج التركي: هل اقتربت "الأردوغانية" من السقوط ؟


رجب طيب اردوغان
رجب طيب أردوغان (بالتركية: Recep Tayyip Erdoğan)؛ (26 فبراير 1954 -)، رئيس وزراء تركيا منذ 14 مارس. 2003 ورئيس حزب العدالة والتنمية الذي يملك غالبية مقاعد البرلمان التركي. وكان قد خدم قبلها كعمدة لأسطنبول في الفترة من 1994 إلى 1998. ويعتبر أحد أهم المسؤولين في العالم الإسلامي.
نشأته

ولد أردوغان في 26 فبراير 1954 في إسطنبول. يعود إلى اصله إلى مدينة طرابزون، أمضى طفولته المبكرة في ريزة على البحر الأسود ثم عاد مرة أخرى إلى إسطنبول وعمرهُ 13 عاماً. نشأ أردوغان في أسرة فقيرة فقد قال في مناظرة تلفزيونية مع دنيز بايكال رئيس الحزب الجمهوري ما نصه: "لم يكن أمامي غير بيع البطيخ والسميط في مرحلتي الابتدائية والإعدادية؛ كي أستطيع معاونة والدي وتوفير قسم من مصروفات تعليمي؛ فقد كان والدي فقيرًا" .أتم تعليمه في مدارس "إمام خطيب" الدينية ثم في كلية الاقتصاد والأعمال في جامعة مرمرة.

التحاقه بالسياسة

انضم أوردغان إلى حزب الخلاص الوطني بقيادة نجم الدين أربكان في نهاية السبعينات، لكن مع الانقلاب العسكري الذي حصل في 1980، تم إلغاء جميع الأحزاب، وبحلول عام 1983 عادت الحياة الحزبية إلى تركيا وعاد نشاط أوردغان من خلال حزب الرفاه، خاصةً في محافظة إسطنبول. و بحلول عام 1994 رشح حزب الرفاه أوردغان إلى منصب عمدة إسطنبول، واستطاع أن يفوز في هذه الانتخابات خاصةً مع حصول حزب الرفاه في هذه الانتخابات على عدد كبير من المقاعد.

تأسيس حزب العدالة والتنمية

عام 1998 اتهُم أردوغان بالتحريض على الكراهية الدينية تسببت في سجنه ومنعه من العمل في الوظائف الحكومية ومنها الترشيح للانتخابات العامة بسبب اقتباسه أبياتاً من شعر تركي أثناء خطاب جماهيري [6] يقول فيه:
مساجدنا ثكناتنا
قبابنا خوذاتنا
مآذننا حرابنا
والمصلون جنودنا
هذا الجيش المقدس يحرس ديننا

لم تثنِ هذه القضية أردوغان عن الاستمرار في مشواره السياسي بل نبهته هذه القضية إلى كون الاستمرار في هذا الأمر قد يعرضه للحرمان للأبد من السير في الطريق السياسي كما حدث لأستاذه نجم الدين أربكان فاغتنم فرصة حظر حزب الفضيلة لينشق مع عدد من الأعضاء منهم عبد الله غول وتأسيس حزب العدالة والتنمية عام 2001.
منذ البداية أراد أردوغان أن يدفع عن نفسه أي شبهة باستمرار الصلة الأيديولوجية مع أربكان وتياره الإسلامي الذي أغضب المؤسسات العلمانية مرات عدة، فأعلن أن العدالة والتنمية سيحافظ على أسس النظام الجمهوري ولن يدخل في مماحكات مع القوات المسلحة التركية وقال "سنتبع سياسة واضحة ونشطة من أجل الوصول إلى الهدف الذي رسمه أتاتورك لإقامة المجتمع المتحضر والمعاصر في إطار القيم الإسلامية التي يؤمن بها 99% من مواطني تركيا.

رئيس بلدية اسطنبول 1994

فاز رجب طيب أرودغان برئاسة بلدية اسطنبول عام 1994 وعمل تطوير البنية التحتية للمدينة وانشاء السدود ومعامل تحلية المياة لتوفير مياة شرب صحية لابناء المدينة وكذلك قام بتطوير انظمة المواصلات بالمدينة من خلال انشطة شبكة مواصلات قومية وقام بتنظيف الخليج الذهبي (مكب نفايات سابقا) واصبح معلم سياحي كبير وبهذه الطريقة استطاع أرودغان تحويل مدينة اسطنبول الي معلم سياحي كبير، لا يمكن أن وصف ما قام به إلا بأنه انتشل بلدية اسطنبول من ديونها التي بلغت ملياري دولار إلى أرباح واستثمارات وبنمو بلغ 7%، بفضل عبقريته ويده النظيفة وبقربه من الناس لا سيما العمال ورفع أجورهم ورعايتهم صحيا واجتماعيا. خلال فترة رئاسته بلدية اسطنبول حقق أردوغان إنجازات للمدينة، الأمر الذي أكسبه شعبية كبيرة في عموم تركيا، لكن هذه الشعبية لم تشفع له حينما خضع لإجراءات قضائية من قبل محكمة أمن الدولة في عام 1998 انتهت بسجنه بتهمة التحريض على الكراهية الدينية ومنعه من العمل في وظائف حكومية ومنها طبعا الترشيح للانتخابات العامة.
رئيسًا للوزراء 2003

خاض حزب العدالة والتنمية الانتخابات التشريعية عام 2002 وحصل على 363 نائبا مشكلا بذلك أغلبية ساحقة. لم يستطع أردوغان من ترأس حكومته بسبب تبعات سجنه وقام بتلك المهمة عبد الله غول. تمكن في مارس عام 2003 من تولي رئاسة الحكومة بعد إسقاط الحكم عنه.
بعد توليه رئاسة الوزراء، عمل على الاستقرار والأمن السياسي والاقتصادي والاجتماعي في تركيا، وتصالح مع الأرمن بعد عداء تاريخي، وكذلك فعل مع اليونان، وفتح جسورا بينه وبين أذربيجان وبقية الجمهوريات السوفيتية السابقة، وأرسى تعاونا مع العراق وسوريا وفتح الحدود مع عدد من الدول العربية ورفع تأشيرة الدخول، وفتح أبوابا اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا مع عدد من البلدان العالمية، وأصبحت مدينة إسطنبول العاصمة الثقافية الأوروبية عام 2009، أعاد لمدن وقرى الأكراد أسمائها الكردية بعدما كان ذلك محظورا، وسمح رسميا بالخطبة باللغة الكردية.
السياسة الخارجية

أردوغان وحرب غزة 2009
كان موقف أردوغان موقفًا "حازمًا" ضد خرق إسرائيل للمعاهدات الدولية وقتلها للمدنيين أثناء الهجوم الإسرائيلي على غزة، فقد قام بجولة في الشرق الأوسط تحدث فيها إلى قادة الدول بشأن تلك القضية، وكان تفاعله واضحاً مما أقلق إسرائيل ووضع تركيا في موضع النقد أمام إسرائيل، وقال رجب أردوغان "إني متعاطف مع أهل غزة".
مؤتمر دافوس 2009

في 29 من يناير غادر أردوغان منصة مؤتمر دافوس احتجاجًا على عدم إعطائه الوقت الكافي للرد على الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز بشأن الحرب على غزة. بعد أن دافع الرئيس الإسرائيلي عن إسرائيل وموضوع صواريخ القسام التي تطلق على المستوطنات وتساءل بصوت مرتفع وهو يشير بإصبعه عما كان أردوغان سيفعله لو أن الصواريخ أُطلقت على إسطنبول كل ليلة, وقال أيضاً "إسرائيل لا تريد إطلاق النار على أحد لكن حماس لم تترك لنا خياراً".
رد أردوغان على أقوال بيريس بعنف وقال: إنك أكبر مني سناً ولكن لا يحق لك أن تتحدث بهذه اللهجة والصوت العالي الذي يثبت أنك مذنب. وتابع: إن الجيش الإسرائيلي يقتل الأطفال في شواطئ غزة، ورؤساء وزرائكم قالوا لي إنهم يكونون سعداء جداً عندما يدخلون غزة على متن دبابتهم.
ولم يترك مدير الجلسة الفرصة لأردوغان حتى يكمل رده على بيريز، فانسحب رئيس الوزراء التركي بعد أن خاطب المشرفين على الجلسة قائلا "شكراً لن أعود إلى دافوس بعد هذا، أنتم لا تتركونني أتكلم وسمحتم للرئيس بيريز بالحديث مدة 25 دقيقة وتحدثت نصف هذه المدة فحسب", وأضاف أردوغان في المؤتمر الذي عقد بعد الجلسة إنه تحدث 12 دقيقة خلال المنتدى كما تحدث الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى بدوره 12 دقيقة، غير أن بيريز تحدث 25 دقيقة، ولما طلب التعقيب عليه منعه مدير الجلسة.
احتشد الآلاف ليلاً لاستقبال رجب طيب أردوغان بعد ساعات من مغادرة مؤتمر دافوس حاملين الأعلام التركية والفلسطينية ولوحوا بلافتات كتب عليها "مرحبا بعودة المنتصر في دافوس" و"أهلا وسهلا بزعيم العالم".وعلقت حماس على الحادث بالقول "على الحكام العرب ان يقتدوا به".

أردوغان وجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام
منحته السعودية جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام (لعام 2010 - 1430 ه). وقال عبد الله العثيمين الأمين العام للجائزة إن لجنة الاختيار لجائزة خدمة الإسلام التي يرأسها في ذلك الوقت ولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبد العزيز اختارت أردوغان لقيامه بجهود بناءة في المناصب السياسية والإدارية التي تولاَّها، "ومن تلك المناصب أنه كان عمدة مدينة إسطنبول حيث حقَّق إنجازات رائدة في تطويرها. وبعد أن تولَّى رئاسة وزراء وطنه تركيا أصبح رجل دولة يشار بالبنان إلى نجاحاته الكبيرة ومواقفة العظيمة؛ وطنياً وإسلاميا وعالمياً". وقد تم منحه شهادة دكتوراة فخرية من جامعة أم القرى بمكة المكرمة في مجال خدمة الإسلام بتاريخ 1431/3/23 ه .

أردوغان وجائزة القذافي لحقوق الإنسان
تسلم رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان يوم الإثنين 29 نوفمبر 2010 جائزة القذافي لحقوق الإنسان خلال الحفل الذي تنظمه مؤسسة القذافي العالمية لحقوق الإنسان بمسرح فندق المهاري بطرابلس - ليبيا. وبدأت مراسم الحفل بكلمة عضو المكتب التنفيذي ورئيس لجنة الترشيحات للجائزة الدكتور أحمد الشريف، تليها كلمة رئيس اللجنة الشعبية الدولية لجائزة القذافي، ليتم بعدها تسليم الجائزة والتي تشمل قراءة براءة الجائزة باللغة العربية والتركية والإنجليزية. يذكر أن أردوغان زار ليبيا للمشاركة في القمة الأفريقية الأوروبية الثالثة بصفته “ضيف شرف” بدعوة رسمية من معمر القذافي. تعرض لنقد لتقبله الجائزة ورفض منتقدين طالبوه بالتنازل عنها .
مذبحة درسيم

مذبحة درسيم
في 23 نوفمبر 2011 قدم أردوغان خلال اجتماع لحزب العدالة والتنمية في أنقرة اعتذارا تاريخيا باسم دولة تركيا حول الأحداث المأساوية التي وقعت بين سنوات (1936- 1939) في منطقة درسيم، التي ارتكبتها الحكومة التركية آنذاك ممثلة بالحزب الجمهوري بحق الأكراد العلويين في نهاية الثلانينات من القرن الماضي. وقوبل هذا الإعتذار بترحيب شديد من قبل رئاسة إقليم كوردستان والتي رحبت بتصريحات اردوغان وقالت ان هذا التصريح يدفع بعملية الإنفتاح الديمقراطي في تركيا إلى مرحلة أكثر تقدما.
المزيد

استند حزب العدالة والتنمية طوال السنوات الماضية في سلطته إلى تأييدٍ جماهيريٍّ أتاح له السيطرةَ على أغلبية برلمانية تُمكِّنه من تشكيل حكومة منفردة، وقد شكلت هذه المعطيات المدخلَ الجوهري "لحالة الاستثناء" التي أسس لها الحزب في المشهد السياسي التركي، فالحزبُ -من جهة- مَثَّلَ نموذجًا محافظًا متمايزًا عن غيره من الأحزاب القائمة، ناهيك عن مقومات الدولة التركية العلمانية، والتي أعلن الحزب أنه لا يسعى إلى الصدام معها، وعلى جهة موازية ومع إدراك الحزب أهمية "شرعية الإنجاز" قدم الحزب أجندة إصلاحات اقتصادية، وظّفها كثيرًا في الحفاظ على السلطة، والإبقاء على الدعم المجتمعي له.

ولكن بمرور الوقت، بدا أن استمرار نموذج حزب العدالة والتنمية، والحالة الأردوغانية (نسبة إلى زعيم الحزب والرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان) التي أفرزها؛ معرضين لتحديات، البعض منها ارتبط بالخيارات السياسية والاقتصادية للحزب وزعيمه رجب أردوغان، والتي كان من شأنها التأثير على صورة الحزب، لا سيما مع تراجع معدلات النمو الاقتصادي، وتداعيات أحداث ميدان تقسيم في 2013. أما التحديات الأخرى فقد ارتبطت بطبيعة العلاقات المعقدة مع القوى السياسية الأخرى، والتي اتسمت بدرجة كبيرة من الصدام والصراع. وهكذا تداخلت هذه المتغيرات بشكل أو بآخر مع مشهد الانتخابات البرلمانية التركية الأخيرة، لتثير معها تساؤلات ملحة حول مستقبل الأردوغانية، ومدى إمكانية استمرار نموذج العدالة والتنمية.
الانتخابات.. مضمون النتائج
أسفرت الانتخابات التشريعية التي أُجريت في تركيا يوم (7 يونيو 2015) عن حصول حزب العدالة والتنمية AKP على 40.86% من إجمالي أصوات الناخبين، ليحصل بذلك على 258 مقعدًا برلمانيًّا، بينما جاء بعده حزب الشعب الجمهوري CHP بنسبة 24.96% من أصوات الناخبين، ليحصد بذلك 132 مقعدًا في البرلمان، وجاء في المرتبة التالية حزب الحركة القومية MHP بنسبة 16.29% من أصوات الناخبين و80 مقعدًا برلمانيًّا، كما تمكن حزب الشعب الديمقراطي HDP (المعبر عن الأكراد) من الحصول على 13.12% من أصوات الناخبين ومن ثم 80 مقعدًا في البرلمان.
Source: BBC, "Turkey elections: Erdogan says no party can rule alone", 8 June, 2015, http://www.bbc.com/news/world-europe-33047047
وتأسيسًا على ما سبق، بدت هذه الانتخابات بمثابة إشكالية لحزب العدالة والتنمية الحاكم والرئيس التركي رجب أردوغان، فالحزب فَقَدَ الوضع السياسي المتميز الذي كان يتمتع به خلال الثلاثة عشر سنة الماضية (منذ الوصول إلى السلطة في 2002)؛ حيث كان يتمتع بأغلبية مطلقة في البرلمان تُتيح له تشكيل حكومات منفردة دون اللجوء إلى تحالفات وائتلافات مع الأحزاب الأخرى، وتكفي هنا الإشارة إلى الاختلاف الذي حدث بين وضع الحزب في انتخابات 2011 وانتخابات 2015، إذ إن الانتخابات التشريعية 2011 انتهت إلى حصول الحزب على نحو 50% من إجمالي أصوات الناخبين أهلته للاحتفاظ ب327 مقعدًا تشريعيًّا.
التحول الأكبر الذي شهدته الانتخابات الجارية والذي كان له تأثير على الحزب الحاكم، ارتبط بقوى المعارضة، لا سيما في حالتي حزب الحركة القومية MHP وحزب الشعوب الديمقراطي HDP. فمن جهةٍ تمكن حزب الحركة القومية من زيادة نسب التصويت لصالحه من 13% في 2011 إلى 16.29% في 2015، أما حزب الشعوب الديمقراطي فقد مثل الرقم الأهم في الانتخابات التشريعية الأخيرة، حيث سعى الحزب إلى تقديم خطاب متباين عن خطاب الحزب الحاكم، يستدعي الصوت الكردي، ويوحد المرشحين الأكراد في حزب واحد، بخلاف ما كان يحدث في الانتخابات السابقة بالاعتماد الكردي على فكرة المرشح المستقل، وكان لهذا التغير في التوجهات الكردية تأثير على حزب العدالة والتنمية الذي خسر الكثير من الأصوات الكردية في الانتخابات التشريعية.
مستقبل الأردوغانية
صحيح أن حزب العدالة والتنمية خرج من الانتخابات التشريعية بأغلبية برلمانية، بيد أن تراجع قدرة الحزب على حسم أغلبية مطلقة سيكون له تأثير على طموحات الرئيس التركي رجب أردوغان وحزبه؛ فعلى الصعيد الداخلي، تبدد طموح أردوغان في تعديل الدستور لتغيير النظام السياسي في تركيا من جمهورية برلمانية إلى جمهورية رئاسية تعطي لأردوغان سلطات كبيرة في إدارة شئون الدولة؛ حيث كان يتطلب هذا الأمر حصول الحزب على ثلثي مقاعد البرلمان (367 مقعدًا من إجمالي 550 مقعدًا)، أو على أقل تقدير، الحصول على 330 مقعدًا تمنح الحزب الفرصة في تقديم التعديل الدستوري المنشود إلى استفتاء شعبي.
ومن المحتمل أن تؤثر نتائج الانتخابات أيضًا على السياسة الخارجية لأردوغان، فمع تراجع قدرة حزبه على تشكيل حكومة منفردة، وانتقادات القوى السياسية الأخرى للسياسة الخارجية للرئيس التركي أردوغان؛ قد تحدث مراجعات فيما يتعلق بسياسة أردوغان تجاه مصر، كما أنه سيكون من الصعب على أردوغان التحرك بأريحية كبيرة على الصعيد الخارجي وقضايا الشرق الأوسط، لا سيما في الملف السوري، ودعم الفصائل الإسلامية المسلحة المعارضة لنظام الأسد، ناهيك عن الموقف من الأكراد داخل سوريا، خاصةً مع وصول حزب الشعوب الديمقراطي للبرلمان، وإمكانية ضغطه على أردوغان وحزبه لإبداء المزيد من التقارب والدعم للأكراد في سوريا.
وبوجه عام سيظل مستقبل أردوغان وحزب العدالة والتنمية مرتهنًا بعدد من العوامل الرئيسية يمكن اختزالها فيما يلي:
أولا- القدرة على التعامل مع الأوضاع الاقتصادية الداخلية التي شهدت في السنوات الماضية تراجعًا ملحوظًا، فخلال السنوات الخمس الماضية تراجع النمو الاقتصادي من أكثر من 10% إلى 3%، كما أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي لم يشهد أي نمو منذ عام 2007، علاوة على ارتفاع معدل البطالة إلى 10% تقريبًا، وهذه المؤشرات في حال استمرارها سيكون لها انعكاس سلبي على مستقبل حزب العدالة والتنمية وزعيمه رجب أردوغان، خاصةً أن الحزب ظل طوال السنوات الماضية يستند في شرعيته والترويج لخطابه إلى الإنجازات الاقتصادية التي حققها مع توليه مقاليد السلطة.
ثانيًا- إيجاد تسويات للمشكلات والقضايا الجوهرية التي يمكن توظيفها كمدخل لتقويض صورة الحزب، إذ إن ثمة قطاعًا داخل تركيا يرى أن أردوغان يطمح إلى تأسيس نمط حكم شبه مطلق يتمتع فيه بصلاحيات واسعة، ناهيك عن قضايا الفساد التي طالت الحكومة التركية خلال الشهور الماضية، وبددت كثيرًا من مفردات حزب العدالة والتنمية، كحزب محافظ يستدعي قيمًا دينية، فضلا عن تلك الإشكاليات سيكون أردوغان وحزبه مُطالبًا بمراجعة الملف الكردي، والبحث عن صيغة لسلام حقيقي تُنهي الصراع بين الدولة التركية والأكراد. وهكذا ستحدد طريقة تعاطي حزب العدالة والتنمية مع هذه الملفات المسارات المستقبلية للحزب والرئيس التركي أردوغان.
ثالثًا- شكل الحكومة الجديدة وقدرة الحزب على إنجاز توافق مع أي من أحزاب المعارضة لتشكيل حكومة ائتلافية، وفي هذا الإطار ثمة سيناريوهان مطروحان، أحدهما أن يتمكن الحزب من إنجاز اتفاق مع حزب ما من أحزاب المعارضة، وفي هذه الحالة سيكون الرئيس التركي وحزبه أقل قدرة على تنفيذ رؤاهم المنفردة، سواء داخليًّا أو خارجيًّا، خصوصًا أن أحزاب المعارضة مختلفة كثيرًا مع سياسات أردوغان وحزب العدالة والتنمية. وينصرف السيناريو الآخر إلى عدم تمكن الحزب من الاتفاق مع أحزاب المعارضة، والتي أعلنت أنها لا ترغب في التحالف مع حزب العدالة والتنمية، ومن ثمّ يتم الدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة، وحينها سيسعى حزب العدالة والتنمية إلى الترويج لخطاب الاستقرار الاقتصادي لدفع الناخبين لتأييده، والحصول على أغلبية مطلقة، تضمن له استمرار نموذجه، وتجديد دماء الأردوغانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.