استطاعت إسرائيل على مدار الحرب الأهلية في سوريا التكيف والتعامل مع الرصاصات وقذائف المورتر التي تتساقط عبر حدودها الشمالية. لكنها تواجه الان تداعيات جديدة تتمثل في عنف طائفي وولاءات اقليمية الأمر الذي يهدد بجرها إلى الصراع. وبعد أربعة أعوام من عدم التدخل أصبح وضع إسرائيل أكثر اضطرابا خاصة فيما يتعلق بالطائفة الدرزية المهددة داخل سوريا والمشاكسة عبر الحدود. والدروز جماعة دينية تعيش كأقليات في انحاء كثيرة من المنطقة ويوجد أكبر تجمع لها في سوريا ولبنان. وفي إسرائيل فعليا مجموعتان من الدروز. تضم الاولى نحو 110 الاف مواطن درزي يحملون الجنسية الإسرائيلية ويخدمون في الجيش ويتقلدون مناصب بارزة في الحكومة. وتضم الثانية 20 الف درزي يعيشون في مرتفعات الجولان السورية التي احتلتها إسرائيل من سوريا في حرب 1967 ثم ضمتها إليها. وانجر دروز سوريا الموالون بشكل كبير للرئيس بشار الأسد إلى الحرب الأهلية. وأثار هذا بدوره مخاوف على مصيرهم بين اخوانهم عبر الحدود في إسرائيل. ويرغب البعض في تدخل إسرائيل في صراع ترغب في أن تظل بعيدة عنه. ومما يزيد الأمر تعقيدا أن بعض الدروز في إسرائيل والجولان يعتقدون ان إسرائيل تساعد عدوهم المتمثل في مقاتلي المعارضة المناهضين للأسد. وتسمح إسرائيل من حين لاخر لمدنيين سوريين ومقاتلين بدخول أراضيها للعلاج في مستشفياتها. والعلاقات المتشابكة بين دروز إسرائيل ودروز الجولان والدروز في جنوبسوريا وهي علاقات نسب في الكثير من الحالات تعد الخيط الذي يجر إسرائيل إلى الأزمة السورية. وجاءت احدث المخاوف يوم الاثنين عندما هاجم دروز في شمال إسرائيل والجولان في واقعتين منفصلتين سيارتي اسعاف تابعتين للجيش الإسرائيلي تحملان مصابين من سوريا للعلاج في مستشفيات إسرائيلية. وفي الجولان قتل الدروز مواطنا سوريا في هجوم وصفه الزعماء الإسرائيليون بانه جريمة اعدام. وقدم وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون تطمينات يوم الثلاثاء بأن الوضع تحت السيطرة. وقال في بيان "ثمة الكثير من الاعتبارات المعقدة فاتركوها لنا لنتعامل معها..نعرف ما نفعله لحماية الدروز في الجولان دون تعقيد الامور في سوريا وفي جانبنا." * ولاء تقليدي قال البروفيسور عوزي رابي من مركز موشي ديان بجامعة تل أبيب إن واقعتي يوم الثلاثاء أظهرتا كيف ان الولاء الطائفي التقليدي يتجاوز الحدود في منطقة تعيد تشكيلها قوى جديدة. وأضاف أن احتجاج الدروز يمثل ايضا مشكلة معنوية وفعلية لإسرائيل. وقال رابي "الطائفة الدرزية التي تعيش هنا تقدم مساهمات لإسرائيل وتتساوى في حقوق المواطنة..لكن التحديات في الشرق الأوسط وصلت إلى عتبتكم وعليكم التعامل معها بحرص. اسرائيل يجب أن تقدم المساعدة من دون عدم التورط في سوريا تحت أي ظرف." وأدلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتصريحات يوم الثلاثاء عكست المأزق الذي تواجهه إسرائيل. وندد نتنياهو بالهجوم على سيارتي الاسعاف في حين اثنى على ما وصفه بتحالف إسرائيل "الأخوي" مع مواطنيها الدروز. وقال في كلمة في تل ابيب "سنجد المسؤولين عن واقعة القتل ..أدعو زعماء الطائفة الدرزية...إلى تهدئة الوضع." وقال رابي إن إسرائيل يجب أن تكون جزءا من مظلة تضم دولا بالمنطقة مثل الأردن لمساعدة الدروز اذا تعرضوا للخطر ولكن يجب عليها الا تقوم بعملية منفردة. وقال الزعيم الديني لدروز إسرائيل الشيخ موفق طريف أن التقرير الذي بثته القناة الثانية التلفزيونية قد يكون القشة الاخيرة التي تقصم ظهر طائفته. وظهر في التقرير رجل يخضع للعلاج في مستشفى إسرائيل عرف نفسه بانه عضو بالجيش السوري الحر. وقال الرجل الجريح إنه لن يفعل شيئا للدفاع عن الدروز ضد المتشددين الاسلاميين مضيفا ان الدروز الذين يقاتلون من أجل الأسد قتلوا اصدقاءه وجيرانه. وندد طريف بالهجوم على سيارتي الاسعاف وقال لإذاعة الجيش الإسرائيلي إن تصريحات الرجل "يجب أن تدق ناقوس الخطر للجميع". وتقول إسرائيل انها تؤدي دورا انسانيا في علاج الجرحى الذين يأتون إلى حدودها وانها لا تتستر عليهم من اجل تحالفات سياسية أو طائفية. ويحاول زعماء الدروز الان نزع فتيل التوتر. وتجمع شيوخ بارزون من الدروز يوم الثلاثاء في منطقة الجليل بإسرائيل للتنديد بالهجوم على سيارتي الاسعاف والمطالبة بالتهدئة.