كثيرة هي الدلائل التي تؤكد ان جماعة الحوثي استغلت خلال حربها الأخيرة في الجنوب كل القيم الانسانية بدء من أعمال القصف التي طالت المدنيين وليس نهاية باستخدامها البشع للاطفال في كل منطقة . كانت الساعة الخامسة صباحا حينما قررنا الانطلاق من أبين صوب مدينة لودر قبل أيام حينما تم تحريرها من قبضة ميليشيا الحوثي . تقدمت يومها قوات المقاومة صوب لودر وكانت المعارك على اشدها .. هرب الحوثيون تاركين كل شيء في طريقهم صوب عقبة ثرة . كانت قوات المقاومة تطاردهم على طول الطريق وبالقرب من أسفل عقبة جبل ثرة تمكن ابطال المقاومة من تعقب عدد من عناصر ميلشيا الحوثي . وكانت المفاجئة المحزنة هي ان غالبية هؤلاء كانوا من الأطفال . حينما اقتربنا إلى الأسرى لفت نظري احدهم بعمر ال 14 عام وربما اقل من ذلك كثير .. كان لحظتها يبكي بحرارة لانه ظن ان لحظة الموت حانت . تنازعت الايدي الأسرى وذهب بكثيرون صوب سجون المقاومة وحاولت وجاهدت لكي انتزع هذا الطفل الصغير إيمانا بأنه كان ضحية من ضمن عشرات الضحايا من الأطفال الذين تاجرت بهم جماعة الحوثي خلال الأشهر الماضية وحينما حانت لحظة الحقيقة تركوهم يواجهون مصيرهم . بعد جهد جهيد اقنعت عدد من قيادات المقاومة بان هذا الطفل الصغير لايستحق السجن لكنه يستحق الرعاية ونقلته وكل اجزاء جسمه ترتعش والدموع تنساب على خديه . كان منظرا من اشد المناظر التي ستظل عالقة في ذاكرتي . سألت عمار عن حاله وما الذي اتى به . قال أنهم طلبوا منه الذهاب إلى الجنوب وان الأمر ليس له أي صلة باعمال قتال أو خلافه وحينما وصل إلى لودر تحول إلى مراسل بين الجبهات يوصل الغذاء والماء حتى انتهى به الأمر تائها بعد فرار الكثير من عناصر جماعة الحوثي . عمار والذي احتفظ باسمه الكامل من أسرة فقيرة من عمران ليس له في الحياة سوى امه واخوته الصغير ويتذكر انه منح أسرته عدة الاف من الريالات منحوها له قيادات جماعة الحوثي قبل ان ينقلوه إلى لودر . منع "عمار" من التواصل مع أسرته طوال الأشهر الماضية بحجج واهية . طلبت منه ان يزودني برقم لاسرته وفعل . رن الهاتف ببطئ شديد وانصتنا جميعا انا وعمار ومن حولي وجاء الصوت من خلف المسافات البعيدة .. كانت أم عمار وما ان سمعت صوت ابنها حتى انهارت بالبكاء تداخلت الأصوات والبكاء والعويل .. اخبرناها ان ابنها بخير وانه سليم وسيعود إليها باذن الله وقلنا لها ان ابنها عاون أناس قتلوا اعزاء علينا قتلوا فلذات اكبادنا ودمرونا ودمروا مساكننا ولكن ورغم كل هذا الالم لن نرضى ان يطال الاذى طفل بسن عمر . عمار ليس الوحيد بل مثله عشرات النماذج من الأطفال الصغار الذين دفعوا حياتهم ثمنا لطيش واجرام قيادات جماعة الحوثي . مثل هذه القصة نريد منها ان تكون تأكيدا للعالم بحجم الانتهاكات التي ترتكبها جماعة الحوثي بحق قطاع واسع من الأطفال في اليمن . *من رمزي الفضلي