لم يترك الصلف والغرور والطمع مجالا لدى المحتل اليمني ، لمراجعة ذاته للعودة إلى الصواب لرؤية الحق والرجوع إلى الحقيقة ، التي بدأ في التعامي عنها منذ العام 1990م عام الوحدة المشئومة ، مرورا بالعام 1994م حتى العام 2007م ، حينما أحال مشروع الوحدة إلى احتلال مشروع ، وهي المراحل التي تعامل فيها شعبنا الجنوبي تجاه النظام ألاحتلالي اليمني بالوسائل الثورية السلمية ، إلى أن غدت هذه الوسائل السلمية عديمة الجدوى للتعامل مع المحتل اليمني لوطننا ، وغدا معها مفهومه للغة العقل والمنطق والأخوة والمودة ومراعاة الجوار، على أنها ضعف وخوف وجبن ، بحسب ثقافة التخلف التي ترعرع عليها ، منذ عصر ما قبل التاريخ حتى عصرنا الراهن . بالتالي لم يكن من خيار أمام شعبنا الجنوبي غير التخاطب مع المحتل اليمني ، باللغة التي لم نكن نريد التحدث بها معه ، حفاظا منا على انعكاساتها عليه ، والانجراف بنفسه وشعبه إلى الهاوية والى الجحيم ، وحفاظا منا كذلك بإعتبارهم إخوة لنا ، شعب الجمهورية العربية اليمنية ، الذين هم في الأخير عرب ، والذين نأسف بشأنهم كيف أنهم اعتادوا الحياة والعيش ، في ظل الخنوع والخضوع ، والاستبداد والمذلة والاستكانة ، على مدى كل الأنظمة التي توارثت على حكمهم ، وسعيا منا على مساعدتهم ليتمكنوا من انتزاع حقهم في العيش الكريم . ونعتقد من حقنا القول أنه بفضل من الله ، ثم بصمود وعزيمة وتضحيات شعبنا بمختلف فئاته وشرائحه ، وبدعم الإخوة والأشقاء الذين تفهموا أن لنا دولة مسلوبة وحقا منهوبا ، كان النصر المؤزر فالفرحة العامرة فانزياح الكابوس الذي جثم على صدورنا . وبعد هذا الانجاز الوطني العظيم الذي حققه شعبنا الجنوبي ، يتوجب علينا جميعا أخذ الحيطة والجدر واليقظة التامة ، والاستعداد لما قد يحاك ضدنا في قادم الأيام والأشهر والسنين ، فاجتياح واحتلال الجنوب لم يكن مطمعا وليد لحظته ، في الفكر والعقل والتخطيط الشمالي ، ولكنه هدف أساسي واستراتيجي وحلم قديم ، يراود الشماليين منذ عهود الأئمة ، لنعي وندرك ونستوعب ونعترف تماما ، أن أمامنا مرحلة أخرى من النضال الوطني ، تتمثل في القضاء ووأد التركة العفنة من الفساد ، التي غرسها المحتل اليمني بين أوساط البعض منا ، حيث استبدلت الفوضى الممنهجة والمدروسة مكان الانضباط ، وتغييب ومسخ للقانون والنظام ، واستشراء الرشاوى وجعلها قاعدة عامة ، والانحلال الأخلاقي والتربية السيئة ، والإلغاء لهويتنا الجنوبية ولكل شيء له صلة بشعب الجنوب ، وتشجيع ظاهرة تعاطي الشباب للمخدرات ، وما إلى ذلك من السلوك المدمر لمستقبل بلدنا ومستقبل أجيالنا ، الذي تعمد المحتل اليمني وجبل على تصديره إلينا ، ونشره بشكل إجرامي خبيث ، غير مكترث بالإنسان والقيم الإنسانية ، حتى يضمن ويطمئن على بقائه وابتلاع أرض الجنوب . لذلك فالمرحلة القادمة لا تختلف في مضمونها وغاياتها وأهدافها عن مرحلة التحرير ، للنضال في سبيل إرساء القانون والنظام ، وبناء دعائم الدولة المدنية من جديد ، وترسيخ الأمن والأمان في كل ربوع وطننا الجنوبي ، وإعادته إلى ما كان عليه وأفضل ، فذلك يعد من مسئولية الجميع التي تقع على عاتق كل فرد فينا دونما استثناء ، لنعيش ونحيا تحت راية الحرية والعزة والكرامة والرخاء ، في وطن تسوده المحبة والتراحم ، بهمة رجاله الأوفياء وبسالة الدرع الواقي له من كل الشرور ، الجيش الجنوبي الوطني الحر ، وتظل معه راية الحرية بنجمها الأحمر الساطع ، خفاقة مرفرفة فوق سفوح جبالنا الشوامخ .