تتسع رقعة الفوضى في تركيا على أكثر من جبهة ما يضع السلطات في مأزق كبير خاصة مع تنوع الهجمات التي تستهدف قوات الشرطة والجيش بتوقيع من الأكراد واليسار المتشدد اضافة الى الدولة الاسلامية. وفتحت أنقرة أكثر من باب على نفسها يمكن أن يفاقم المخاطر الامنية في البلاد مع خيارها تصعيد الصراع مع حزب العمال الكردستاني واستخدام قبضة أمنية مشددة على ناشطي اليسار مقابل الاكتفاء ببعض الضربات الجوية القليلة على مقاتلي الدولة الإسلامية في سوريا. وفي سياق حملتها على اليسار شنت شرطة مكافحة الشغب التركية عملية واسعة النطاق الخميس في اسطنبول ومرسين (جنوب) استهدفت اوساط اليسار المتشدد واوقفت العشرات، غداة تبادل لاطلاق النار امام مكتب رئيس الوزراء، بحسب وسائل الاعلام المحلية. واوقف عدد من المشتبه بهم في مداهمات للشرطة في منطقتي ساريير وبلطليماني في الشطر الاوروبي من اسطنبول بحسب وكالة دوغان للانباء. وفي مدينة مرسين المتوسطية اوقفت الشرطة الخاصة 39 شخصا اغلبهم من النساء يفترض احالتهم امام المدعين للاستجواب بحسب وكالة الاناضول الرسمية. واستهدفت الحملة "جبهة حزب التحرير الشعبي الثوري" وهي فصيل سري يساري متشدد تبنى مساء الخميس هجوما استهدف في وقت سابق شرطيين يقومون بحراسة قصر دولما بهجة التاريخي الذي يحوي مكاتب رئيس الوزراء الاسلامي المحافظ احمد داود اوغلو في اسطنبول. واوقف مسلحان بعيد اطلاق النار في مكان قريب من القصر الذي يقصده السياح على ضفة البوسفور. ولم تسجل اصابات في الهجوم. واشارت المجموعة على موقعها على الانترنت "هالكن سيسي" (صوت الشعب) "سنكسر (...) الايدي المرفوعة ضد مناضلي الشعب الاثنين اللذين نفذا هجوما على قصر دولما بهجة للمطالبة بالعدالة". وتتكثف الهجمات والتوقيفات في تركيا منذ اطلاق الحكومة في الشهر الفائت حملة عسكرية على متمردي حزب العمال الكردستاني. وبدأت انقرة في 24 تموز/يوليو ما سمته "حربا على الإرهاب" مستهدفة في شكل متزامن حزب العمال الكردستاني ومقاتلي "الدولة الاسلامية" في سوريا. لكن عشرات من غاراتها طاولت المتمردين الأكراد مقابل ثلاث غارات فقط سجلت ضد المقاتلين المتطرفين. ويرى مراقبون أن تركيا وضعت نفسها أمام لهيب نيران قد لا تستطيع إخماده بالسهولة المتوقعة خاصة مع تنوع طبيعة الهجمات وتراوحها من مكان الى آخر ما ينذر بتشتت الجهود الأمنية والعسكرية. واكد هؤلاء أن تركيز انقرة على ضرب الأكراد ونشطاء اليسار وعدم إبداء نفس الحزم في سياق حملتها على الدولة الإسلامية يؤشر إلى أن الوضع الأمني الداخلي في طريقه الى الأسوأ. ودعا مقاتل ممن بايعوا تنظيم الدولة الاسلامية في مقطع فيديو مواطنيه من الأتراك إلى التمرد على الرئيس "الخائن" رجب طيب إردوغان والعمل على فتح اسطنبول فيما يسلط الضوء على الخطر الذي تواجهه تركيا العضو بحلف شمال الأطلسي وهي تحارب المتشددين. وقال خبراء إن أنقرة استغلت حملتها على الدولة الاسلامية لتصفية حساباتها السياسية مع الأكراد واليسار، لكنها وجدت نفسها في دائرة من العنف يصعب تقليصها.