يجمع المحللون على أن تركيا أصبحت اكثر من أي وقت مضى مهددة بالانزلاق في حالة من الفوضى الشاملة، بسبب تدهور الوضع السياسي في البلاد وفشل الأحزاب المتناحرة في تركيا في تشكيل حكومة ائتلافية. يأتي ذلك بينما حذرت صحيفة بريطانية مرموقة من أن اردوغان الذي "يتصرف بصورة غريبة الأطوار ولا يستسيغ أي انتقاد ورفض، يستخدم صلاحياته الرئاسية بحيث يجرّ البلاد إلى فوضى". وأدى قرار الرئيس رجب طيب أردوغان إعادة الانتخابات وتشكيل حكومة لتسيير أمور البلاد حتى انتهاء الانتخابات، إلى بث حالة من القلق داخل الشارع التركي. وأدى تصاعد الخلافات والنزاعات بين حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا والمعارضة، إلى جانب الحرب المفتوحة مع الأكراد، إلى زيادة حدة الاحتقان في تركيا التي يرقب مواطنوها بكثير من القلق تأثيرات عدم الاستقرار السياسي على الاقتصاد التركي وهبوط سعر الليرة مقابل الدولار إلى أدنى مستوى له منذ فترة طويلة، بالإضافة إلى تصاعد عمليات العنف والإرهاب. وقال برهان دوران الباحث التركي بمركز سيتا للدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إن حزب العدالة والتنمية سيواجه خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة تهما بالتسبب في ضياع الاستقرار ونشر الفوضى في البلاد. ويقول مراقبون إن الرئيس التركي وأتباعه يروجان إلى أن الهدف الرئيسي من إجراء الانتخابات المبكرة هو تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي للبلاد، وهي مبررات معاكسة تماما للحقيقة التي تؤكد أنه لا يسعى إلا لإحكام قبضته على السلطة وتأبيد سيطرة الاسلاميين على الدولة والمجتمع. ووسط هذا الوضع بالغ التعقيد وشديد الغموض بالنسبة لتطوراته في المستقبل، حذرت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية من أن اردوغان الذي يتصرف بصورة غريبة الأطوار ولا يستسيغ أي انتقاد ورفض، يستخدم صلاحياته الرئاسية بحيث يجرّ البلاد إلى فوضى، خاصة بعد قوله إن "السلطة في يد الرئيس وإنه يملك سلطة فعلية وليست رمزية رغم أن ذلك يخالف الدستور". وتقول الصحيفة إن أردوغان قال خلال آب/اغسطس إن "السلطة، رضي الناس أم سخطوا، انتقلت بشكل فعلي إلى رئاسته"، في إشارة منه، إلى انتقال البلاد من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي تحت قيادته هو. وأشارت إلى كلمة أردوغان "لقد تغيّر نظام الحكم في تركيا سواء رضيتم أم أبيتم. إذ أصبح في البلد رئيس ذو قوة وسلطة فعليّة وليس رمزية". وشبّهت الصحيفة كلماته بشخصية الأميرة الحمراء التي تتبنى "تنفيذ الحكم أولا ثم إصدار القرار"، في رواية "أليس في بلاد العجائب" الشهيرة. ووصفت فاينانشال تايمز قرار أردوغان بإعادة الانتخابات البرلمانية، بأنه "مؤامرة انتخابية" سببها الرئيسي فشل حزبه العدالة والتنمية في الحصول على الأغلبية في البرلمان في الانتخابات التي جرت يونيو/حزيران، ورأت أن محاولته تشكيل حكومة ائتلافية هي مجرد "تمثيلية ومهزلة" أراد منها أن يحول الناخبين الأتراك إلى وجهة انتخاب أعضاء حزبه عند الإعادة. واعتبرت أن أردوغان يجري وراء "حكم الرجل الواحد"، متجاهلا نتائج الانتخابات البرلمانية الماضية والتي فشل فيها حزب العدالة والتنمية في الانفراد بالحكم. وتابعت الصحيفة أن أردوغان الذي تولى رئاسة حزب العدالة والتنمية قبل أن يصبح رئيسا للجمهورية، لم يستطع مواصلة الانفراد بالحكم، بعدما فشل في الحصول على الأغلبية المطلقة في البرلمان. واتهمت فاينانشيال تايمز أردوغان بشن "حرب استنزاف" ضد حزب العمال الكردستاني في محاولة لوصم الحزب الذي أحبط من صوتوا له مساعي أردوغان في الحصول على الأغلبية في البرلمان، بالإرهاب واستغلال ذلك انتخابيا في الموعد الاقتراع المقبل. ورأت الصحيفة البريطانية أن الاقتصاد التركي يبدو أقل قدرة على تحمل أي اضطراب محتمل في البلاد وخاصة مع ركود النمو وانخفاض قيمة الليرة وارتفاع تكلفة الاقتراض الأجنبي، مؤكدة أن الأمر برمته أصبح في يد الناخبين الذين يمكنهم إنهاء استحواذ اردوغان على السلطة بإعادة ما قالوه يونيو الماضي بصورة أكثر وضوحا.