في نهاية رواية ( رجال تحت الشمس ) للأديب والكاتب الفلسطيني ( غسان كنفاني ) , لحظة مأساويه حين يفتح المهرب ( ابو الخيزران ) الخزان الذي على السيارة – المعدة لنقل الماء ويستخدمها في التهريب عبر الحدود بين العراقوالكويت – ليجد الرجال فارقوا الحياة بسبب الاختناق داخل الخزان , وهذه اللحظة المأساوية تختزل معاناة الشعب الفلسطيني منذ اغتصاب ارضة من العصابات الصهيونية في عام 1948 م وتحول الفلسطيني الى لاجئ يبحث عن مكان آمن ومصدر رزق وكانت الكويت احدى الاماكن المفضلة مع ظهور النفط وتوفر فرص العمل . هذه اللحظة المأساوية في النص الروائي قفزت الى ذاكرتي منذ ايام بعد خبر تداولته القنوات الفضائية والمواقع الالكترونية يفيد الخبر بالعثور على جثث في حاويه على سيارة بالنمسا , وهذه الجثث لمجموعة من السوريين طالبي اللجوء حاولوا الوصول الى اوروبا للحصول على حق اللجوء والاقامة .. بين اللحظة المأساوية لأبطال رواية ( رجال تحت الشمس ) التي صدرت عام 1963 والخبر الفاجعة بالعثور على جثث السوريين بحاويه بالنمسا فتره زمنيه تقارب اثنين وخمسين سنة , وبين اللحظتين تقترب المسافة ويختفي الوقت الى حد التوحد بين خيال الكاتب وتوقعه وتعبيره عن معاناة شعبة , وتتجسد اللحظة واقعياً في خبر العثور على الجثث لتخترق الفارق الزمني وتتوحد مع توقعات الاديب غسان كنفاني الذي اغتالته المخابرات الاسرائيلية في عام 1972 م . وفي هذا الحدث المأساوي دلالة على امتداد الألم الى دول عربية اخرى بعد فلسطين , فهناك العراق وسوريا وليبيا واليمن و غيرها , واستمرار معاناة الامة العربية , فبالأمس بسبب الاحتلال واليوم مازال المواطن العربي يجوب البحار ويسلك الطرق للبحث عن مكان يعيش فيه بأمان وكرامة بعد ان تمكن منه التعب بسبب انظمة طاغية وحروب مصطنعة لا يعرف اسبابها وليس له ناقة او جمل فيها لتحوله الى لاجئ . ياغسان .. مازال رجالك تحت الشمس , ولحظات الموت المأساوي تتكرر , والمأساة مستمرة , ومازال ( ابو الخيزران ) يستفيد من مصائب الأخرين .