شيخ مريض يقوم في ليلة ككل الليالي التي نعيشها في عقاب جماعي دون كهرباء او ابسط مقومات الحياة... ليلة مظلمة حارة يتصبب عرقا.. يمشي في الظلام يتحسس الطريق.. يضيء ازرار الانوار التي تقع يده عليها دون فائدة.. يتأوه متألما رب لقد مسني الضر فانتقم لنا يارب العالمين... طفل رضيع يصرخ جائعا بجانب امه.. فتقوم فزعة .. تدوس على مكان ما من جسمه الصغير.. لا ترى شئيا.. فيزداد صراخه... تضيئ شمعة فلا تجد له أكلا .. لان طعامه الذي اودعته الثلاجة قد تغير طعمه و لم يعد صالح للاكل..بسبب انقطاع الكهرباء.. فترفع يدها الى السماء و تقول.. رب قد مسنا الضر..
شاب يمشي بسيارته فاذا بمجموعة مسلحة ملثمون.. يوقظونه تحت تهديد السلاح.. يأمرونه بالنزول ... يلقونه ارضا.. يستولون على سيارته عنوة بما فيها.. لا تنفع توسلاته لهم بانها كل ما يملك.. و بانه يريد الاسراع الى البيت.. لاسعاف زوجته الحامل او طفله المريض.. فيصيح باكيا ذليلا.. رب لقد مسني الضر..
رجل وصل بعد عناء و وقوف طويل في طابور السيارات للتزود بالوقود الى مقربة من المحطة .. فيعترضه شباب يضعون نقطة عند مدخلها.. يمضغون القات و الشمة و ربما اشياء اخرى.. يأمرونه بدفع خمسمائة ريال.. يسأل بخوف مقابل ماذا.. فيعنفوه و يهينونه.. هل ستدفع او نرميك خارج الطابور بدون بنزين.. يخاف ... يدخل يده في جيبه ليقتص من الميلغ الذي كان بالكاد يوفره ليشتري به الوقود.. يناولهم خمسمائة ريال بقلب مكسور.. يبتعد عنهم و هو يصرخ مظلوما... رب لقد مسني الضر..
رجل كان ميسور الحال يجد نفسه دون وظيفة... تغيرت حياته و تبدل حاله.. انقطع راتبه و لم يعد يستطع توفير ما كان يوفره لأهله حتى و لو في ابسط الصور.. فيختفي من مظهره تلك العناية بنفسه و نظافة ملبسه.. ينظر من حوله لطابور المتسولين في المساجد.. لقد كان بالامس يستنكر وقوفهم بعد كل صلاة يشحتون المصلين بكلمات رتيبة متكررة.. و هاهي نفسه تراوده ان يقف و يمد يديه مثلهم.. و لكن الخجل لازال يمنعه.. فيصرخ حزينا رب لقد مسني الضر..
عائلته تدمرت بيتها بسبب الحرب.. وجدت نفسها بدون مأوى .. تستغيث.. ربنا قد مسنا الضر..
نساء و اطفال فزعون عند سماعهم اليومي لاصوات الرصاص المجنونة في الشوارع.. بجانب البيوت ..بعد منتصف الليالي.. ينظرون من النافذة فيجدون شباب مسلحين يستعرضون قوتهم .. يطلقون النار عشوائيا في الهوى لا يأبهون اين تعود رصاصتهم و من تقتل.. رب لقد مسنا الضر..
نسمع عن .. المتاجرة بالسوق السوداء .. افتعال الازمات... المتاجرة بمواد الاغاثة المقررة للناس.. قطع الطرقات.. جرحى ضحوا بأنفسهم فداء للذود عن الوطن.. يموتون تبتر اطرافهم.. ربي قد مسنا الضر
سقوط مروع للأخلاق و الضمير... الكثير ممن لا يخافون الله يضرونا في حياتنا... حكومة تحملت الأمانة لتتحمل على رقابها مسؤوليتنا... لا تقوم بشيء.. لا تقوى على شيء.. ضبطت نفسها على وضع الصامت.. لا تؤدي الامانة التي تحملتها.. لا نلمس منها اي حلول.. بل ان المعاناة تتفاقم.. دون رواتب.. دون كهرباء.. دون مطار على الاقل انرحل لطلب العيش.. لا شيء يتحقق. . بل ان ما حققناه بدمائنا و عرقنا ..قد بدأ في التأكل و الانقراض..
فنرفع يدينا الى السماء و نقول.. ربنا لقد ظلمونا و ظلمنا انفسنا.. ربنا لقد مسنا الضر فانتصر لنا... انت القادر القوي الرحيم!!