مرة أخرى وجنيف آخر وذات المشهد يتكرر، على هذا النحو جرى ويجري التعاطي مع قضية الجنوب من قبل المجتمع الدولي ممثلاً بالأممالمتحدة التي تبقي ملف الجنوب مجرد مشكلة يمنية ثانوية مثلها مثل بقية القضايا اليمنية الأخرى. وبما أن المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار اليمني هما مرجعيتان رئيسيتان من مرجعيات جنيف2 فالجنوب جرى استبعاده تماماً كقضية رئيسية يجب ان يتصدر مرجعية أي حوار أو مفاوضات ترعيها الأممالمتحدة. فالمبادرة الخليجية ومؤتمر الحوار اليمني ومخرجاته جميعها خطوات سارت خارج الطريق الصحيح لذلك تطورت الأزمة اليمنية ووصلت إلى ما هي عليه اليوم. لم تكن قضية الجنوب حتى في الحد الأدنى من ضمن القضايا التي شملتها المبادرة الخليجية التي جاءت فقط لحلحلة الخلافات بين أقطاب سلطة صنعاء حينها. مؤتمر الحوار اليمني الذي استمر لأشهر أيضاً اغفل الجنوب كقضية رئيسية للولوج نحو حل المشاكل اليمنية، بقدر ما كان محاولة للالتفاف على قضية الجنوب والقضاء على ثورة الجنوب التحررية لذلك كانت يومياته عبارة عن مسرحيات عبثية ليس الا نتج عنها فشل المبادرة الخليجية ذاتها. وأدى ذلك الفشل إلى تفاقم الأزمة حتى وصلت إلى ما وصلت إليه الأوضاع من حروب وصراعات وعنف ودفع الجنوب ولا يزال يدفع الفاتورة الأكبر فيها. وهكذا واصلت وتواصل الأممالمتحدة ما تسميه جهود لإنهاء الصراع لكن جهودها تسير في ذات المنحى الذي سلكته منذ لحظة دخولها كمراقب على تنفيذ ما يسمى بالألية التنفيذية المزمنة للمبادرة الخليجية، وهاهو جنيف2 يأتي صورة طبق الأصل لجنيف1، ولا جديد يستدعي الاهتمام فالنتائج معروفة سلفاً ولا فرق بينه وسابقاته سوى شخص المبعوث الدولي إلى اليمن الذي كان "بنعمر" وخلفه "ولد الشيخ" على الرغم من المستجدات الكبيرة والأحداث التي طرأت خلال الأشهر الأخيرة والمتعلقة بالجنوب. وهكذا تتغافل الأممالمتحدة قضية الجنوب لكنها ربما لا تدرك أن جهودها ومبادراتها ستفشل طالما ظلت القضية الرئيسية في المشهد السياسي العام "قضية الجنوب" مجرد قضية ثانوية في نظر تلك المنظمة الدولية. وأخيراً ليدرك الجميع أن أي تسوية سياسية أو مباحثات وغيرها سيكون مصيرها الفشل اذا لم تتعاطى مع قضية الجنوب كقضية منطقية تحوز عدالتها وقوتها القانونية من الناحية القانونية الدولية وتحوز قوتها المعززة بما بات لدى الجنوبيين من حضور قوي على الأرض هذا بالإضافة إلى أن أي تجاهل لمسألة منح الجنوبيين استقلال دولتهم يقود المنطقة إلى المزيد من العنف والارهاب.