رغم الجهود المضنية التي يبذلها صندوق النظافة والتحسين وبأقصى طاقاته وإمكانياته لرفع مستوى النظافة في مدينة عدن إلاً أن تعاون الكثير من أفراد المجتمع لا يسير بشكل متواز مع تلك الجهود التي سرعان ما تتبدد .. وأيضاً ما يثير الامتعاض ويحز في النفس أن من يتجاوز حدود النظافة العامة يبرر تصرفاته بأن الشوارع والأسواق مليئة بالأوساخ المرمية ، والكل يرمي النفايات على الأرض دون مبالاة .. فلماذا أنا لا أفعل مثلهم ؟!!(إيش معنى أنا بس ؟!!) وكأننا يجب ارتكاب نفس أخطاء الآخرين !! ونسلك نفس السلوك السلبي الذي نشاهده من بعض الناس !! . أحد الزملاء يحكي أنه زار مدينة اسطنبول التركية قبل عامين وكانت الصورة في مخيلته تلك المدينة التي زارها قبل نحو ربع قرن بمبانيها القديمة وشوارعها المتسخة .. وقال : ما أن وصلت في زيارتي الثانية حتى بدت ملامح اسطنبول بحلتها الجديدة مباني عالية وحديثة رائعة الشكل والتخطيط ، ورحت أتأمل الشوارع ونظافتها والمباني وحداثتها ، إنها فعلاً نظيفة رغم أن 17 مليون نسمة عدد سكانها فضلاً عن آلاف السياح من كل مكان . وأضاف : لن أتحدث أكثر عن أي شيء آخر ، وسأركز على موضوع النظافة .. سرت في شوارع المدينة وأحيائها وأزقتها أبحث عن أوساخ أو حتى فئران وحشرات فلم أجد !! إنها النظافة وثقافة النظافة .. فهناك التزام من الجميع برمي النفايات مهما صغرت في أماكنها ، بل حتى حاويات القمامة لا تنبعث منها رائحة لأن أكياس القمامة مربوطة جيداً ، لم تكن كتلك الصورة التي ظلت في مخيلتي سابقاً ، فالشوارع نظيفة جداً ومغسلة بالماء .. فسرحت في تذكر كثير من الأماكن في بلادنا .. ولم أجد مقارنة مطلقاً . إن النظافة ليست مشكلة يمكن حلها في أسبوع نظافة أو مبادرات تنظيف وينتهي الأمر ، أو لقاءات تثقيفية لمدة محددة والسلام ، بل إنها ثقافة مجتمعية عامة ومستمرة يجب أن نشارك فيها جميعاً دون استثناء .. البيت والأسرة والمدرسة والأجهزة الإعلامية والشرطة والمرور والمسجد وعقال الحارات ومؤسسات المجتمع كله . أيها المنتهكون للنظافة العامة .. لا تسهموا بتجاوزاتكم المعيبة في تفاقم أزمة البيئة وتلوثها ولا تخدشوا كل شيء جميل أمامكم .. اخجلوا من تصرفاتكم التي تعبر عن جهل وقلة ذوق وهمجية وعدم احترام للذات . أيها الآباء والأمهات إذا كنتم تحبون مدينتكم عدن ، علموا أطفالكم منذ نعومة أظفارهم الشعور بالمسئولية والسلوك السوي والتفاعل الايجابي مع بيئتهم وقضايا مجتمعهم الخدماتية الإنسانية ليطبقوا هذه القيم خلال مسيرة حياتهم من أجل الوصول إلى بيئة صحية نظيفة جميلة ومستدامة .. وأعلموا أن البيئة النظيفة أولى الخطوات نحو المستقبل المشرق .