مظاهرة غاضبة في تعز تطالب بسرعة ضبط قتلة المشهري وتقديمهم للعدالة    البنك المركزي يوجه بتجميد حسابات منظمات المجتمع المدني وإيقاف فتح حسابات جديدة    إب.. وفاة طفلين وإصابة 8 آخرين اختناقا جراء استنشاقهم أول أكسيد الكربون    التخدير الإعلامي والدبلوماسي: قمم بلا أفعال    زرعتها المليشيا.. مسام ينزع 1,103 لغماً خلال الاسبوع الثاني من سبتمبر    الصحفي الذي يعرف كل شيء    بسبب الفوضى: تهريب نفط حضرموت إلى المهرة    خصوم الانتقالي يتساقطون    وكالة تكشف عن توجه ترامب لإصدار مرسوم يرفع رسوم تأشيرة العمل إلى الولايات المتحدة    منتخب الناشئين يكثّف تحضيراته لمواجهة قطر في افتتاح مشواره بكأس الخليج    قيادي انتقالي.. الرئاسي انتهى والبيان جرعة تخدير    مهرجان كشفي بالعيد 11 لثورة 21 سبتمبر    تعز تغرق بالقمامة    ضربة أمريكية لسفينة فنزويلية يتهمها ترامب بتهريب المخدرات    البرازيل تنضم لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام العدل الدولية    قلت ما يجب أن يقال    الرشيد يصل نهائي بيسان ، بعد الفوز على الاهلي بهدف نظيف، وسط زخم جماهيري وحضور شعبي الاول من نوعة منذ انطلاق البطولة    حزب الله يدعو السعودية لفتح صفحة جديدة ويؤكد التزامه باجراء انتخابات آيار 2026    الفريق السامعي يدين اغتيال مدير صندوق النظافة بتعز افتهان المشهري    الرئيس المشاط يعزي في وفاة الشيخ عبد الله أحمد القاضي    بن حبريش: نصف أمّي يحصل على بكلاريوس شريعة وقانون    المركز الثقافي بالقاهرة يشهد توقيع " التعايش الإنساني ..الواقع والمأمون"    الرشيد يتأهل إلى نهائي بطولة "بيسان الكروية 2025"    متفوقاً على ميسي.. هالاند يكتب التاريخ في دوري الأبطال    أين ذهبت السيولة إذا لم تصل الى الشعب    مانشستر سيتي يتفوق على نابولي وبرشلونة يقتنص الفوز من نيوكاسل    نتنياهو يطرد أردوغان من سوريا    الربيزي يُعزي في وفاة المناضل أديب العيسي    محافظة الجوف: نهضة زراعية غير مسبوقة بفضل ثورة ال 21 من سبتمبر    الأرصاد يخفض الإنذار إلى تحذير وخبير في الطقس يؤكد تلاشي المنخفض الجوي.. التوقعات تشير إلى استمرار الهطول    الكوليرا تفتك ب2500 شخصًا في السودان    جائزة الكرة الذهبية.. موعد الحفل والمرشحون    البوندسليجا حصرياً على أثير عدنية FM بالشراكة مع دويتشه فيله    لماذا تراجع "اليدومي" عن اعترافه بعلاقة حزبه بالإخوان المسلمين    الفرار من الحرية الى الحرية    ثورة 26 سبتمبر: ملاذٌ للهوية وهُويةٌ للملاذ..!!    الصمت شراكة في إثم الدم    الهيئة العامة للآثار تنشر القائمة (28) بالآثار اليمنية المنهوبة    إشهار جائزة التميز التجاري والصناعي بصنعاء    البنك المركزي يوجه بتجميد حسابات منظمات المجتمع المدني وإيقاف فتح حسابات جديدة    الوفد الحكومي برئاسة لملس يطلع على تجربة المدرسة الحزبية لبلدية شنغهاي الصينية    نائب وزير الإعلام يطّلع على أنشطة مكتبي السياحة والثقافة بالعاصمة عدن    بتمويل إماراتي.. افتتاح مدرسة الحنك للبنات بمديرية نصاب    موت يا حمار    أمين عام الإصلاح يعزي الشيخ العيسي بوفاة نجل شقيقه ويشيد بدور الراحل في المقاومة    رئيس هيئة النقل البري يعزي الزميل محمد أديب العيسي بوفاة والده    حكومة صنعاء تعمم بشأن حالات التعاقد في الوظائف الدائمة    الامم المتحدة: تضرر آلاف اليمنيين جراء الفيضانات منذ أغسطس الماضي    استنفاد الخطاب وتكرار المطالب    وادي الملوك وصخرة السلاطين نواتي يافع    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    خواطر سرية..( الحبر الأحمر )    اكتشاف نقطة ضعف جديدة في الخلايا السرطانية    100 دجاجة لن تأكل بسه: قمة الدوحة بين الأمل بالنجاة أو فريسة لإسرائيل    في محراب النفس المترعة..    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    6 نصائح للنوم سريعاً ومقاومة الأرق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجنوب ... ثورة الهوية والوطن
نشر في عدن الغد يوم 10 - 10 - 2012


كتب / عادل الكندي

بسم الله الرحمن الرحيم
الجنوب ... ثورة الهوية والوطن
شعب الجنوب كغيره من شعوب الدول العربية والعالم له هويته الخاصة به ، بكل مكوناتها ومقوماتها بما فيها ثقافتها التي تتميز بها عن باقي الشعوب والتي لا تخلوا كغيرها من الثقافات من السمات التي تربطها بثقافات اوسع كالعربية والاسلامية والانسانية .
فالهوية الجنوبية تتمتع بكامل المكونات والمقومات المطلوبة للبقاء والاستمرار والتميز فدينياً نجدها قائمة على الاسلام عقيدة وعبادة ومعاملة ، وتاريخياً وحضارياً ممثلة بماضيها القريب والبعيد بكل احداثه وحقائقه واثارة وابعاده وموجوداته المادية والمعنوية ... ، وجغرافياً : بوحدة كل المساحة والوطن الذي يعيش عليه ابنائها بحدود دولتهم السياسية ووجودهم المصيري وسيادتهم الشرعية عليها براً وجواً وبحراً ... ، وثقافياً بالثقافة العامة الخاصة بشعبها والمتكونة من مجموع السمات والعادات والتقاليد والانماط السلوكية والفكرية المتوارثة والمكتسبة لتجمعات الجنوب السكانية وخصوصيات ثقافتها المحلية ... والمتتبع لتاريخ شعب الجنوب سيجد ان هذه الهوية الواحدة الراسخة والمتجذره كانت ولا زالت هي الاساس والحقيقة التي يقف خلفها صمود وثبات وشموخ هذا الشعب ، فبها - أي الهوية - ومن اجلها سطر ويسطر هذا الشعب اعظم التضحيات والملاحم التاريخية ، فأبناء الجنوب لم يتوانوا أو يترددوا يوماً في الوقوف والتضحية والمقاومة بقلب رجل واحد ضد وامام كل الاخطار والاستهدافات التي قد تعترض أو تهدد هويتهم ووطنهم ، وهذا يتجلى في كل الثوارات والمراحل والمنعطفات التاريخية لشعب الجنوب ... وتصديه لكل الغزاه والمستعمرين .. ونورد على سبيل الذكر لا الحصر ما كان من هذا الشعب في مقاومته ونضاله وصموده الاسطوري في وجه الاستعمار البريطاني ... وكيف التف كل ابنائه من مختلف القبائل والسلطنات والمشيخات والامارات والمناطق الجنوبية وتوحدوا حول هويتهم ووطنهم وسيادتهم ووجودهم المصيري عليه ، وواحدية اسباب وهدف مقاومتهم وثورتهم ضد هذا المستعمر الذي شعر يوماً بعد يوم بقوة وترابط هذا الشعب وتنامي الوعي والفعل والموقف الثوري لدى ابنائه بصورة لم يستطع (المستعمر) القضاء عليها أو تفسيرها .. لنجده - برغم تاكده من عدم امتلاك هذا الشعب لأي من وسائل وادوات التواصل والاتصال والمواصلات والتوعية والاعلام المطلوبة لوجود واحداث هذا الترابط والتوحد والتنامي للوعي والفعل والهدف الثوري والموقف الثوري لشعب الجنوب ومع هذا حرص هذا المستعمر على استخدام كل اساليب وادوات فرض العزله بين مشيخات وسلطنات ومناطق الجنوب ومنع وعرقلة ابنائها من الحركة والتنقل فيما بين بينها ، كما حرص على الخداع والدس السياسي محاولاً زرع الفرقة والعداء واثارة البغضاء والشك والخوف بين أبناء القبائل والمشيخات والسلطنات والمناطق من خلال محاولاته وسعيه لكسبهم واستمالتهم بطرق عديدة كمظاهر الاحتفالات الكرنفاليه والاستقبالية .. والاموال وغيرها من وسائل وامكانات وادوات التضليل وسياسات التفريق .. وكل مشاريع واساليب هذا المستعمر الذي عجز عن انجاحها ، بل ولم يسلم من هول صدمات وصفعات فشلة وخيبات توقعاته وخطأ تصوراته عن هذا الشعب واصالته ووطنيه كل ابناءه بغض النظر عن نخبهم ومناطقهم وتياراتهم .. حيث ان الامراء والسلاطين والمشائخ والدعاه والعلماء والضباط والمتعلمين (على قلة عددهم حينها) كانوا من اوائل من ادركوا خطورة بقاء هذا المستعمر على الهوية والوطن والشعب الجنوبي ، وقد تفاجئت سلطات وقوات الاستعمار حين وجدتهم من بين السباقين مع عامة أبناء الشعب في اشعال قناديل الثورة في مختلف المناطق الجنوبية ، الأمر الذي اثار غضب المستعمر الذي اخذ يشن غاراته الجوية على منازل وديار وقرى المشائخ والامراء والسلاطين وعامة أبناء شعب الجنوب وفي معظم المناطق ... إلا ان القوة كغيرها من طرق محاولات هذا المستعمر لم تفلح في تفكيك أو تمزيق وحدة الهوية الجنوبية ولم تمنع أو تحجب التواصل الروحي بين ابنائها كما لم تثني أو توقف أو تخمد حمم بركان ثورة هذا الشعب الذي زحف وتدفق من كل مناطق الجنوب بهوية وارادة وهدف ومصير واحد مجبراً هذا المستعمر على الرحيل في 30 من نوفمبر 1967م المجيد .
وكما كانت لا زالت الهوية هي ذاتها تمثل الهدف والسبب الجوهر والرئيسي في الثورة والمقاومة السلمية التي يخوضها أبناء الجنوب منذو تعرضهم للغزو الاحتلال في 1994م والمستمرة باستمراره إلى اليوم ..
وهنا قد ينبري مقرر أو دعي للقول : ان ما نقول عنه من ثورة شعب الجنوب السلمية ليست سوى حركة انانية انفصالية لجماعة فقدت مصالحها وتطمع بالاستئثار بالثروات الموجودة في الجنوب !.
إلا ان الوقائع والاحداث والحقائق التاريخية الموثقة والثابته تكشف زيف وكذب وهرطقة وسفه مثل هذا القول ، حيث لا يجرأ عاقل أو سوي على نكران حقيقية كون الجنوب هوية وشعب ووطن مستقل بذاته له جمهوريته (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) المعترف بسيادتها وحدودها الجغرافية والسياسية وشعارها وجيشها .. وتمثيلها وعضويتها في المؤسسات والهيئات الاقليمية والدولية .
كما ان قيادتها (ج ي د ش) هي من اندفعت وآثرت وتنازلت لمشروع الوحدة بمنصب الرئاسة والعاصمة تحقيقياً بمبادئ ومفاهيم وافكار مثالية في طريق الوصول إلى الاتحاد والوحدة العربية والاسلامية التي انساق شعب الجنوب وقيادته لاجلها في اقامة مشروع الوحدة بروح من المآثرة ونكران الذات وبصورة من صور الصدق والاخلاص والبراءة الساذجة رغم معرفتهم ان مساحة وثروات وطنهم ودولتهم تزيد اضعافاً مضاعفة عن مساحة جمهورية ادعياء الوحدة (الجمهورية العربية اليمنية) المعروفة بفقرها ومساحتها الخالية من الثروات ومصادرها ورغم معرفتهم كذلك بان عدد سكان (ج. ع. ي) يزيد سبعة اضعاف عن عدد سكان جمهوريتهم (ج. ي. د. ش) التي اقدمت مع هذا في اقامة مشروع الوحدة الذي انقلبت عليه (ج. ع. ي) في مرحلته الانتقالية باعلانها للحرب واجتياحها للجنوب (ج. ي. د. ش) في 1994م ليجد الجنوبيون انفسهم وقد افاقوا من اوهام واحلام القومية والاممية . واقعين تحت اعتى واقبح واخطر احتلال عرفة الجنوب طوال تاريخه ، احتلال يعمل على طمس واجتثاث الهوية وكل ما امكنه من ملامحها ومقوماتها ، احتلال يفتري ادعياءه على الله ويحرفون باسم الدين شريعته ، فاباح وانتهك العرض والارض والمال وكل ما هو جنوبي ... ، فها هو الواقع يثبت والحقائق تفضح جرائم الاحتلال وتثبيت انها ليست حركة جماعة انانية ايها الادعياء ؟ بل هي ثورة شعب الجنوب ثورة الهوية والوطن الشرف والحرية و.... و.... والثروة فالثروة وان كانت احد اسباب الثورة الجنوبية إلا انها تاتي بعد سلسلة من الاهداف والأسباب القيمية والوجودية والمصيرية في كل ثورات هذا الشعب العظيم بعقيدته وهويته وصموده وتاريخه فابناء الجنوب الذين قاموا وفجروا ثورتهم ضد المستعمر الانجليزي لم يكونوا يدركون حينها اهمية موقعهم الجغرافي وسيطرته على أهم احد الممرات الدولية ، ولا بوجود الثروات المسترخيه تحت صحاري ورمال وطنهم الطاهرة ، كما ان ذلك المستعمر لم يسلب أو يبسط على اراضيهم ومزراعهم على نحو ما نجده من الاحتلال الحالي كما ان المستعمر البريطاني لم يهدم مساجدهم ولا مدارسهم .. ولم يطرد موظفيهم ان لم يكن قد اوجد عدداً منها لبعضهم ولم يفكك أو ينهب مؤسساتهم ونقاباتهم واتحاداتهم وانديتهم ومسارحهم وو....، ان لم يكن قد وضع لبناتها الأولى ... ، واذا كان احتلال (ج. ع. ي) يفعل ويرتكب كل ما ارتكبه المستعمر الانجليزي وما لم يفعله أو يرتكبه . فان استمرار تواجده اشد خطورة على الهوية التي لا شك ان حمايتها ووحدتها وترسيخ ملامحها ومكوناتها بات أكثر من واجب وضرورة واولوية في انشطة وبرامج واهداف العمل الثوري اثناء كل مراحل هذه الثورة .
ولا غرابة ان تكون ثورة الجنوب الحالي أكثر نضجاً وتفساً وترابطاً وبعداً وتعقيداً من ثوراته الماضية لاسباب موضوعية وذاتيه تتعلق بتطور وسائل وآليات وتقنيات التواصل والاتصال والمواصلات ، وادوات اساليب ومناهج ومتطلبات وطرق قيادة الثورة ... وحجم عمق ومستوى القدرات العسكرية والتقنية والاستخباراتيه للاحتلال الحالي .. ، والتغيير والتواجد الديموجرافي والاجتثاث الثقافي وكل ما ينتهجة ويعتمد عليه احتلال (ج ع ي) في تواجده الاستيطاني واستمراره بالجنوب هذا من جهة .. ، وما اكتسبه وحققه وعايشه شعب الجنوب من احداث وتجارب وخبرات طوال الفترة الماضية والممتدة مما قبل انتصار ثورة اكتوبر ومرحلة الاستقلال ، والدولة الجنوبية .. فوقوعها تحت احتلال (ج ع ي) وثورة الجنوب المصيرية للخلاص والتخلص منه والمستمرة باستمراره حتى اللحظة .. ، وهذه الفترة الزمنية على قصرها مقارنة باعمار الشعوب إلا انها كانت مليئة بالاحداث الكثيفة والمتسارعة التي عايشها واختبرها شعب الجنوب واكتسب فيها من التجارب والخبرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية ما لم يحضى أو يتسنى لشعب من الشعوب ان يكتسبه أو يختبره من مجموع الاحداث التي عايشها طوال مراحل وقرون من تاريخه .. وهذه الفترة تشكل جزءً من تاريخ الجنوب الذي يفتخر به جميع أبناؤه ايما فخر باعتباره مدرسة عملية وانسانية ووطنية وثورية .. تعلم فيها ومنها أبناء الجنوب الكثير والكثير من الحقائق والمتطلبات المطلوبة والضرورية في حماية وانقاض هويتهم وتحرير وطنهم واعادة بناء دولتهم وضمان استمرارها وازدهارها واستقرارها ...
فابناء الجنوب باتو يدركون اليوم أكثر من أي وقت مضى ان ثورة الشعوب المؤمنة بعدالة قضيتها قادرة بعون (الله) على الانتصار وتحقيق حريتها واستقلالها ولكنها قد ترتكب من الاخطاء ما يوقعها تحت مستعمر جديد .. كما ادركوا ضرورة ان ثورة الهوية لابد ان تحمي كل أبناء وطنها ولا تأكلهم أو تخون بعضهم .
كما عرفوا خطورة شمولية وسياسات الانغلاق واهمية التعددية ومدنية الدولة والانفتاح السياسي في الداخل ومع دول الجوار والاقليم والعالم ، وفي نفس الوقت خطورة قيام وبناء نظام وسياسات الدولة على اساس استيراد أو تطبيق قوالب اياً من النظريات والادلوجيات التي تتعارض وتتناقض مع مكونات هوية الشعب وخصوصياته وموروثاته وعادته ومع مصلحة ورفاهية كل ابناؤه ... وكذا ضرورة واهمية حرية التعبير والاعلام ومدنية الدولة وحماية الحقوق والملكية الشخصية وتشجيع ودعم القطاع الخاص كشريك اساسي في بناء الاقتصاد الوطني ..
ولا شك إنهم – الجنوبيين – قد ادركوا ايضاً ان حماية الهوية لا تتاتا إلا بجميع أبناء وطنها ، وليس بوصاية حزب معين أو منطقة أو فكر أو فئة على حساب اخرى كما ان ثورة الهوية والوطن يجب ان تتضمن اهدافاً مرحلية ، وان ترقى وتخدم وتتناسب بانشطتها واساليبها وبرامجها وآلياتها مع حجم هدفها الاستراتيجي فتشمل حفظ وتوثيق ورصد واحياء واثراء ورفد كل الجوانب المكونة للهوية الجنوبية فتبدأ من كل بيت وعزلة وقرية وبادية ومركز ومديرية ومحافظة جنوبية بتوثيق لهاجاتها العامية وقصصها واساطيرها وزواملها وحكمها وفنونها وتقاليدها في كل جوانب الحياة والمناسبات المختلفة .. كذا اسماء ونماذج الادوات والمكونات المادية والمعنوية لمختلف الحرف والمهن والانشطة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، وكذا حصر وتوثيق وتقييم كل المواقع الحضارية والانثرية وما يتعلق بها من روايات شفوية ، وحماية ما تبقى منها من اعتداءات النهب والسلب والسرقة والتخريب ومواجهة كل اساليب التجهيل التربوي والتعليمي والفقهي والثقافي والفنون الادبية والابداعية والرياضية ، كما ان ثورة الهوية لا تنتهي باستعادة الدولة إذ لا بد ان تقام وتدار وتبنى دولة الجنوب بشراكة كل ابناءه على مبدأ الكفاءات ، وهذا قد يكون من خلال ايجاد شكل ونوع النظام الذي سيعطي ويحفظ خصوصيات ومميزات كل منطقة من مناطق الجنوب ويحافظ ويضمن في نفس الوقت على واحدية الهوية لابناء الجنوب وترابط وتماسك ثقافتهم العامة ووحدتهم السياسية والجغرافية ويضمن الشراكة والمنافسة السياسية العادلة بين ابناء الجنوب واحزابه ونخبه في بناء دولتهم المدنية ووطنهم وحفظ امنه واستقراره وتنميته والذود عن حياضه وهويته وكرامته وسيادته الوطنية .

شعب الجنوب كغيره من شعوب الدول العربية والعالم له هويته الخاصة به ، بكل مكوناتها ومقوماتها بما فيها ثقافتها التي تتميز بها عن باقي الشعوب والتي لا تخلوا كغيرها من الثقافات من السمات التي تربطها بثقافات اوسع كالعربية والاسلامية والانسانية .
فالهوية الجنوبية تتمتع بكامل المكونات والمقومات المطلوبة للبقاء والاستمرار والتميز فدينياً نجدها قائمة على الاسلام عقيدة وعبادة ومعاملة ، وتاريخياً وحضارياً ممثلة بماضيها القريب والبعيد بكل احداثه وحقائقه واثارة وابعاده وموجوداته المادية والمعنوية ... ، وجغرافياً : بوحدة كل المساحة والوطن الذي يعيش عليه ابنائها بحدود دولتهم السياسية ووجودهم المصيري وسيادتهم الشرعية عليها براً وجواً وبحراً ... ، وثقافياً بالثقافة العامة الخاصة بشعبها والمتكونة من مجموع السمات والعادات والتقاليد والانماط السلوكية والفكرية المتوارثة والمكتسبة لتجمعات الجنوب السكانية وخصوصيات ثقافتها المحلية ... والمتتبع لتاريخ شعب الجنوب سيجد ان هذه الهوية الواحدة الراسخة والمتجذره كانت ولا زالت هي الاساس والحقيقة التي يقف خلفها صمود وثبات وشموخ هذا الشعب ، فبها - أي الهوية - ومن اجلها سطر ويسطر هذا الشعب اعظم التضحيات والملاحم التاريخية ، فأبناء الجنوب لم يتوانوا أو يترددوا يوماً في الوقوف والتضحية والمقاومة بقلب رجل واحد ضد وامام كل الاخطار والاستهدافات التي قد تعترض أو تهدد هويتهم ووطنهم ، وهذا يتجلى في كل الثوارات والمراحل والمنعطفات التاريخية لشعب الجنوب ... وتصديه لكل الغزاه والمستعمرين .. ونورد على سبيل الذكر لا الحصر ما كان من هذا الشعب في مقاومته ونضاله وصموده الاسطوري في وجه الاستعمار البريطاني ... وكيف التف كل ابنائه من مختلف القبائل والسلطنات والمشيخات والامارات والمناطق الجنوبية وتوحدوا حول هويتهم ووطنهم وسيادتهم ووجودهم المصيري عليه ، وواحدية اسباب وهدف مقاومتهم وثورتهم ضد هذا المستعمر الذي شعر يوماً بعد يوم بقوة وترابط هذا الشعب وتنامي الوعي والفعل والموقف الثوري لدى ابنائه بصورة لم يستطع (المستعمر) القضاء عليها أو تفسيرها .. لنجده - برغم تاكده من عدم امتلاك هذا الشعب لأي من وسائل وادوات التواصل والاتصال والمواصلات والتوعية والاعلام المطلوبة لوجود واحداث هذا الترابط والتوحد والتنامي للوعي والفعل والهدف الثوري والموقف الثوري لشعب الجنوب ومع هذا حرص هذا المستعمر على استخدام كل اساليب وادوات فرض العزله بين مشيخات وسلطنات ومناطق الجنوب ومنع وعرقلة ابنائها من الحركة والتنقل فيما بين بينها ، كما حرص على الخداع والدس السياسي محاولاً زرع الفرقة والعداء واثارة البغضاء والشك والخوف بين أبناء القبائل والمشيخات والسلطنات والمناطق من خلال محاولاته وسعيه لكسبهم واستمالتهم بطرق عديدة كمظاهر الاحتفالات الكرنفاليه والاستقبالية .. والاموال وغيرها من وسائل وامكانات وادوات التضليل وسياسات التفريق .. وكل مشاريع واساليب هذا المستعمر الذي عجز عن انجاحها ، بل ولم يسلم من هول صدمات وصفعات فشلة وخيبات توقعاته وخطأ تصوراته عن هذا الشعب واصالته ووطنيه كل ابناءه بغض النظر عن نخبهم ومناطقهم وتياراتهم .. حيث ان الامراء والسلاطين والمشائخ والدعاه والعلماء والضباط والمتعلمين (على قلة عددهم حينها) كانوا من اوائل من ادركوا خطورة بقاء هذا المستعمر على الهوية والوطن والشعب الجنوبي ، وقد تفاجئت سلطات وقوات الاستعمار حين وجدتهم من بين السباقين مع عامة أبناء الشعب في اشعال قناديل الثورة في مختلف المناطق الجنوبية ، الأمر الذي اثار غضب المستعمر الذي اخذ يشن غاراته الجوية على منازل وديار وقرى المشائخ والامراء والسلاطين وعامة أبناء شعب الجنوب وفي معظم المناطق ... إلا ان القوة كغيرها من طرق محاولات هذا المستعمر لم تفلح في تفكيك أو تمزيق وحدة الهوية الجنوبية ولم تمنع أو تحجب التواصل الروحي بين ابنائها كما لم تثني أو توقف أو تخمد حمم بركان ثورة هذا الشعب الذي زحف وتدفق من كل مناطق الجنوب بهوية وارادة وهدف ومصير واحد مجبراً هذا المستعمر على الرحيل في 30 من نوفمبر 1967م المجيد .
وكما كانت لا زالت الهوية هي ذاتها تمثل الهدف والسبب الجوهر والرئيسي في الثورة والمقاومة السلمية التي يخوضها أبناء الجنوب منذو تعرضهم للغزو الاحتلال في 1994م والمستمرة باستمراره إلى اليوم ..
وهنا قد ينبري مقرر أو دعي للقول : ان ما نقول عنه من ثورة شعب الجنوب السلمية ليست سوى حركة انانية انفصالية لجماعة فقدت مصالحها وتطمع بالاستئثار بالثروات الموجودة في الجنوب !.
إلا ان الوقائع والاحداث والحقائق التاريخية الموثقة والثابته تكشف زيف وكذب وهرطقة وسفه مثل هذا القول ، حيث لا يجرأ عاقل أو سوي على نكران حقيقية كون الجنوب هوية وشعب ووطن مستقل بذاته له جمهوريته (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) المعترف بسيادتها وحدودها الجغرافية والسياسية وشعارها وجيشها .. وتمثيلها وعضويتها في المؤسسات والهيئات الاقليمية والدولية .
كما ان قيادتها (ج ي د ش) هي من اندفعت وآثرت وتنازلت لمشروع الوحدة بمنصب الرئاسة والعاصمة تحقيقياً بمبادئ ومفاهيم وافكار مثالية في طريق الوصول إلى الاتحاد والوحدة العربية والاسلامية التي انساق شعب الجنوب وقيادته لاجلها في اقامة مشروع الوحدة بروح من المآثرة ونكران الذات وبصورة من صور الصدق والاخلاص والبراءة الساذجة رغم معرفتهم ان مساحة وثروات وطنهم ودولتهم تزيد اضعافاً مضاعفة عن مساحة جمهورية ادعياء الوحدة (الجمهورية العربية اليمنية) المعروفة بفقرها ومساحتها الخالية من الثروات ومصادرها ورغم معرفتهم كذلك بان عدد سكان (ج. ع. ي) يزيد سبعة اضعاف عن عدد سكان جمهوريتهم (ج. ي. د. ش) التي اقدمت مع هذا في اقامة مشروع الوحدة الذي انقلبت عليه (ج. ع. ي) في مرحلته الانتقالية باعلانها للحرب واجتياحها للجنوب (ج. ي. د. ش) في 1994م ليجد الجنوبيون انفسهم وقد افاقوا من اوهام واحلام القومية والاممية . واقعين تحت اعتى واقبح واخطر احتلال عرفة الجنوب طوال تاريخه ، احتلال يعمل على طمس واجتثاث الهوية وكل ما امكنه من ملامحها ومقوماتها ، احتلال يفتري ادعياءه على الله ويحرفون باسم الدين شريعته ، فاباح وانتهك العرض والارض والمال وكل ما هو جنوبي ... ، فها هو الواقع يثبت والحقائق تفضح جرائم الاحتلال وتثبيت انها ليست حركة جماعة انانية ايها الادعياء ؟ بل هي ثورة شعب الجنوب ثورة الهوية والوطن الشرف والحرية و.... و.... والثروة فالثروة وان كانت احد اسباب الثورة الجنوبية إلا انها تاتي بعد سلسلة من الاهداف والأسباب القيمية والوجودية والمصيرية في كل ثورات هذا الشعب العظيم بعقيدته وهويته وصموده وتاريخه فابناء الجنوب الذين قاموا وفجروا ثورتهم ضد المستعمر الانجليزي لم يكونوا يدركون حينها اهمية موقعهم الجغرافي وسيطرته على أهم احد الممرات الدولية ، ولا بوجود الثروات المسترخيه تحت صحاري ورمال وطنهم الطاهرة ، كما ان ذلك المستعمر لم يسلب أو يبسط على اراضيهم ومزراعهم على نحو ما نجده من الاحتلال الحالي كما ان المستعمر البريطاني لم يهدم مساجدهم ولا مدارسهم .. ولم يطرد موظفيهم ان لم يكن قد اوجد عدداً منها لبعضهم ولم يفكك أو ينهب مؤسساتهم ونقاباتهم واتحاداتهم وانديتهم ومسارحهم وو....، ان لم يكن قد وضع لبناتها الأولى ... ، واذا كان احتلال (ج. ع. ي) يفعل ويرتكب كل ما ارتكبه المستعمر الانجليزي وما لم يفعله أو يرتكبه . فان استمرار تواجده اشد خطورة على الهوية التي لا شك ان حمايتها ووحدتها وترسيخ ملامحها ومكوناتها بات أكثر من واجب وضرورة واولوية في انشطة وبرامج واهداف العمل الثوري اثناء كل مراحل هذه الثورة .
ولا غرابة ان تكون ثورة الجنوب الحالي أكثر نضجاً وتفساً وترابطاً وبعداً وتعقيداً من ثوراته الماضية لاسباب موضوعية وذاتيه تتعلق بتطور وسائل وآليات وتقنيات التواصل والاتصال والمواصلات ، وادوات اساليب ومناهج ومتطلبات وطرق قيادة الثورة ... وحجم عمق ومستوى القدرات العسكرية والتقنية والاستخباراتيه للاحتلال الحالي .. ، والتغيير والتواجد الديموجرافي والاجتثاث الثقافي وكل ما ينتهجة ويعتمد عليه احتلال (ج ع ي) في تواجده الاستيطاني واستمراره بالجنوب هذا من جهة .. ، وما اكتسبه وحققه وعايشه شعب الجنوب من احداث وتجارب وخبرات طوال الفترة الماضية والممتدة مما قبل انتصار ثورة اكتوبر ومرحلة الاستقلال ، والدولة الجنوبية .. فوقوعها تحت احتلال (ج ع ي) وثورة الجنوب المصيرية للخلاص والتخلص منه والمستمرة باستمراره حتى اللحظة .. ، وهذه الفترة الزمنية على قصرها مقارنة باعمار الشعوب إلا انها كانت مليئة بالاحداث الكثيفة والمتسارعة التي عايشها واختبرها شعب الجنوب واكتسب فيها من التجارب والخبرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية ما لم يحضى أو يتسنى لشعب من الشعوب ان يكتسبه أو يختبره من مجموع الاحداث التي عايشها طوال مراحل وقرون من تاريخه .. وهذه الفترة تشكل جزءً من تاريخ الجنوب الذي يفتخر به جميع أبناؤه ايما فخر باعتباره مدرسة عملية وانسانية ووطنية وثورية .. تعلم فيها ومنها أبناء الجنوب الكثير والكثير من الحقائق والمتطلبات المطلوبة والضرورية في حماية وانقاض هويتهم وتحرير وطنهم واعادة بناء دولتهم وضمان استمرارها وازدهارها واستقرارها ...
فابناء الجنوب باتو يدركون اليوم أكثر من أي وقت مضى ان ثورة الشعوب المؤمنة بعدالة قضيتها قادرة بعون (الله) على الانتصار وتحقيق حريتها واستقلالها ولكنها قد ترتكب من الاخطاء ما يوقعها تحت مستعمر جديد .. كما ادركوا ضرورة ان ثورة الهوية لابد ان تحمي كل أبناء وطنها ولا تأكلهم أو تخون بعضهم .
كما عرفوا خطورة شمولية وسياسات الانغلاق واهمية التعددية ومدنية الدولة والانفتاح السياسي في الداخل ومع دول الجوار والاقليم والعالم ، وفي نفس الوقت خطورة قيام وبناء نظام وسياسات الدولة على اساس استيراد أو تطبيق قوالب اياً من النظريات والادلوجيات التي تتعارض وتتناقض مع مكونات هوية الشعب وخصوصياته وموروثاته وعادته ومع مصلحة ورفاهية كل ابناؤه ... وكذا ضرورة واهمية حرية التعبير والاعلام ومدنية الدولة وحماية الحقوق والملكية الشخصية وتشجيع ودعم القطاع الخاص كشريك اساسي في بناء الاقتصاد الوطني ..
ولا شك إنهم – الجنوبيين – قد ادركوا ايضاً ان حماية الهوية لا تتاتا إلا بجميع أبناء وطنها ، وليس بوصاية حزب معين أو منطقة أو فكر أو فئة على حساب اخرى كما ان ثورة الهوية والوطن يجب ان تتضمن اهدافاً مرحلية ، وان ترقى وتخدم وتتناسب بانشطتها واساليبها وبرامجها وآلياتها مع حجم هدفها الاستراتيجي فتشمل حفظ وتوثيق ورصد واحياء واثراء ورفد كل الجوانب المكونة للهوية الجنوبية فتبدأ من كل بيت وعزلة وقرية وبادية ومركز ومديرية ومحافظة جنوبية بتوثيق لهاجاتها العامية وقصصها واساطيرها وزواملها وحكمها وفنونها وتقاليدها في كل جوانب الحياة والمناسبات المختلفة .. كذا اسماء ونماذج الادوات والمكونات المادية والمعنوية لمختلف الحرف والمهن والانشطة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، وكذا حصر وتوثيق وتقييم كل المواقع الحضارية والانثرية وما يتعلق بها من روايات شفوية ، وحماية ما تبقى منها من اعتداءات النهب والسلب والسرقة والتخريب ومواجهة كل اساليب التجهيل التربوي والتعليمي والفقهي والثقافي والفنون الادبية والابداعية والرياضية ، كما ان ثورة الهوية لا تنتهي باستعادة الدولة إذ لا بد ان تقام وتدار وتبنى دولة الجنوب بشراكة كل ابناءه على مبدأ الكفاءات ، وهذا قد يكون من خلال ايجاد شكل ونوع النظام الذي سيعطي ويحفظ خصوصيات ومميزات كل منطقة من مناطق الجنوب ويحافظ ويضمن في نفس الوقت على واحدية الهوية لابناء الجنوب وترابط وتماسك ثقافتهم العامة ووحدتهم السياسية والجغرافية ويضمن الشراكة والمنافسة السياسية العادلة بين ابناء الجنوب واحزابه ونخبه في بناء دولتهم المدنية ووطنهم وحفظ امنه واستقراره وتنميته والذود عن حياضه وهويته وكرامته وسيادته الوطنية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.