لم يكن الظلم وحده من طال المتقاعدون الجنوبيين من الإجراءات الظالمة والقسرية التي طالتهم من النظام المحتل للوطن عقب عام 94م . فقد أرهقتهم الحياة بإجحافها وماسيها حتى أنهم عكفوا عن مشاركة الناس في حياتهم العامة ,وانزووا في منازلهم تاركين زحمة الحياة إلى إشعار أخر لعل وعسى ان يأتي الفرج ولو بعد حين . كان من أمرهم ان كرهوا الانتظار في الصفوف المتزاحمة للبريد لاستلام رواتبهم ,وآخرين سلموا أمرهم إلى من يدفع لهم رواتبهم دفعات مقابل قوت يومهم ,فانتشر المروجون والسماسرة وكلاء يعملون على استلام رواتب العشرات منهم بعد ان تركت دفاتر معاشاتهم بأيديهم ينوبونهم في استلام رواتبهم وتسليمها مقابل تكلفه ضنها الغالبية منهم أنها بسيطة في بادي أمرهم من بضع مئات لا تتعدى الألف الريال . أتت الحرب على ماتت عليه فكانت لغالبيتهم الريادة في خوض غمارها بعد المعاناة الجائر التي لحقت بهم من أربابها جاعلين من أرواحهم فداء للأهل والأبناء ,منهم من انقطعت رواتبه لأشهر ومنهم من ضاع أشهر معدودة ,إلا ان وقوعهم تحت طائلة السمسرة هو السائد ولم يخطر ببالهم ان تتحول رواتبهم إلى أداة للارتزاق من قبل السماسرة الذين لم يكتفوا بما يسد نفقاتهم لاستلام الراتب ولكن هدفوا إلى الربح الحرام من مرتبات ما كادت ان تفي بالتزام رب الأسرة لإعالة جزء منها في ظروف الحرب التي ارتفعت معها الأسعار إلى الجنون . من ألفان إلى خمسة ألاف ريال على كل متقاعد تستقطع بيد السماسرة والوكلاء الذين كشروا عن أنيابهم مع عجز المتقاعدين عن البحث عن معاشاتهم التي لم يمتلكوا غيرها وانشغال أكثرهم بالحرب . داخ البعض في زحمة الحياة وفقدوا أشهر لم يحصلوا فيما بعد سوى على جزء طفيف يقولون ماذا عسانا ان نفعل؟ والى من نشتكي ؟وماهي الجهة التي نتخاطب إليها حتى ان رواتبنا تصل ألينا من دون ان نعلم مصدر دفعها . تجار الفيد والخراب والسمسرة استغلوا أشهر الحرب أيما استغلال فتفننوا في استخدام نفوذهم ومد علاقاتهم وإشاعة اتصالاتهم وظهروا بمظهر المتنفذ الواصل والايد الطائلة التي تحصل على المستحيل وتنتزع حق من أنياب الليث ,لكن المقابل كان وخيما زادت شهيتهم اضعافا مضاعفه من رواتب الذين لاحول لهم ولاقوه فيصمتوا مكرهين لقلة حيلتهم وعجزهم عن إيجاد قوت أطفالهم . شاهدت متقاعد يخاطب تاجرا حتى يزوده بقوت أطفاله كان التاجر يريد منه دفع متأخرات بلغت ضعف قيمة المواد الغذائية يقول المتقاعد راتبي 30 الف أرسل لي 25 منها فقط بينما هناك شهر أخر منتظرا استلامه من سمسار بحوزته دفاتر معاشاتنا ..يفاوض التاجر إلى ان منحه كمية من الدقيق ..عندما سألته عن أفراد الأسرة كانوا 15 فردا تمكن من الحصول على3اكياس من الدقيق بشق الأنفس . متقاعد أخر كان في صف احد وكالات تحويل الرواتب بعد اتصال تلقاه من احد السماسرة بإيفاد راتبه ضمن دفعه من المتقاعدين ونتيجة للزحمة لم يستلمه في اليوم الأول واليوم التالي إلى قرب صلاة المغرب بعد ان تمكن من الوصول شباك التخاطب مع المعرف فإذا به يخبره عدم ورود اسمه ضمن المحول لهم. استقرت الأوضاع وتوفرت في البنوك ومكاتب البريد جزء من سيوله نقدية كافيه لإدرار رواتب المتقاعدين وخفت الزحمة في أماكن توفير العملة وبقي جشع السماسرة بل انه تزايد إلى سعار مضن ومصدر للربح والتكسب الغير مشروع ..تشكل الرواتب الزهيدة للمتقاعدين مصدرا للمتاجرة ولم يتنبه الكثيرون لهذه المعاناة الجائرة التي يتعرضون لها . حاولنا الاجتهاد في التمكن لكشف والاتصال بجهات عده بما فيها من وقعت بأيديهم حقوق استلام المعاشات من وكلاء وسماسرة والاتصال بموظفين في البريد ويبدوا ن هناك ربكه في فقدان تتبع معاشات المتقاعدين خلفتها الحرب فكثير من المتقاعدين يشكون في ان أناس آخرين يسطون على رواتبهم ويستلمونها من فروع البريد المنتشرة سيما منها في العربية اليمنية وعند التدقيق والتحقق اتضح ان انتشار أرقام حسابات المتقاعدين بيد سماسرة في الشمال أثناء الحرب عبر وكلاء في الجنوب تسبب في ذلك فالمعاشات ترسل عبر أرقام الحساب من الشمال إلى الجنوب وعندما تحررت الجنوب احتفظ بالحسابات وتوزعت لدى جهات عده تعمل على الاستيلاء عليها . تسألت مع احد الوكلاء:" قال كنت اذهب إلى البيضاء لاستلام معاشات متقاعدين بالعشرات وعندما عدت لاستلم من الجنوب تفاجئت باستلام رواتب عدد من المتقاعدين من أماكن كنت استلم منها سابقا عبر أرقام الحساب ,تواصلنا مع فرع البريد حيث تم الاستلام اخبرنا انه تم القبض على السمسار دون ان يتم استرداد المبالغ التي أخذت . رغم ان مناطق متعددة في الجنوب محرره إلى ان معاناة المتقاعدين مستمرة وانتظام مداومة فروع البريد لم تتم لعدم توفر سيوله نقدية كافيه أو لأسباب أمنية ومازال التخبط الإداري سيد الموقف والتعامل مع السماسرة والتجار مسيطر على حقوق المتقاعدين .