على طول شارع رئيسي وسط مدينة زنجبار لاترفع اعلام تنظيم القاعدة الذي سيطر على المدينة بشكل رسمي منذ أكثر من شهرين وبات القوة الرئيسية المتحكمة بشئون المدينة . لكن ورغم سيطرة التنظيم على عاصمة المحافظة ومدينة جعار المجاورة إلا ان التنظيم بدأ مغايرا لشكل التنظيم الذي سيطر على ذات المدينة وجارتها جعار في العام 2011 . بات تنظيم القاعدة اليوم أكثر مرونة مما مضى الأمر الذي لم يدفع الآلاف من سكان مدينتي زنجبار وجعار على مغادرتها مثلما حدث في العام 2011 . في ال 27 من مايو 2011 سيطر العشرات من عناصر تنظيم القاعدة على مدينة زنجبار بعد أيام قليلة من سيطرة مماثلة على مدينة جعار . تسببت المخاوف من ارتكاب التنظيم أعمال عنف بحق المدنيين اضافة إلى بدء أعمال قصف للجيش للمدينة بهروب جميع سكان مدينة زنجبار إلى خارجها . في ال 28 من مايو 2011 كانت مدينة زنجبار أول مدينة حول العالم يغادرها جميع سكانها بسبب سيطرة جماعة مسلحة عليها . سيطر تنظيم القاعدة على جعار وعزان ومناطق أخرى واقام فيها احكام مشددة في مواجهة تجاوزات قام بها مدنيون . دفعت القبضة المتشددة التي فرضها التنظيم الآلاف من السكان على مغادرة عدد من المدن التي حكمها التنظيم ومع بدء حملة عسكرية قام بها الجيش ولجان شعبية تجاوب السكان مع الحملة العسكرية وساعدوا القوات الحكومية التي بسطت سيطرتها على هذه المناطق . انحسر لاحقا نشاط تنظيم القاعدة وسطوته تحت وطأة تقدم القوات الحكومية واللجان الشعبية ومنذ العام 2012 وحتى العام 2015 تمكنت لجان شعبية موالية للحكومة وقوات الجيش من بسط سيطرتها في هذه المناطق . في العام 2015 وتحديدا في مارس منه اندلعت حرب جديدة في اليمن ومكن سقوط وحدات الجيش وانحلال تشكيلات اللجان الشعبية تنظيم القاعدة من العودة مجددا إلى الواجهة . وقبل أشهر من اليوم سيطر التنظيم على مدن عدة بينها زنجبار وجعار بمحافظة أبين وبدأ واضحا ان التنظيم وقياداته قد قامت بعمليات مراجعة واسعة النطاق لطريقة تعامل التنظيم مع أهالي هذه المناطق . في العام 2011 فرض التنظيم احكام مشددة وضيق الخناق على الحياة العامة للناس وصولا إلى التدخل في المقررات الدراسية ومنع حفلات الاعراس وخلافه . في العام 2015 اعاد التنظيم مراجعة الكثير من الإجراءات منذ سيطرته على زنجبار مؤخرا لم تظهر الكثير من الشكاوى . غالبية الناس في زنجبار وجعار باتوا يمارسون حياتهم بشكل طبيعي ، لم يبادر التنظيم إلى منع مايعرف بالمخادر ويمارس الناس طقوس حياتهم بشكل اعتيادي . على خلاف ماكان يعتقد ان التنظيم سيتدخل في عمل السلطات المحلية مارست جميع الدوائر مهامها بشكل طبيعي لخدمة الناس . مثل هذا التحول الكبير في تعاطي التنظيم مع حياة العامة من الناس اهمية كبيرة دفعت بالآلاف من الناس إلى غض الطرف عن السيطرة المسلحة للتنظيم على هذه المدن . في المقابل يجد الكثير من المتابعين ان قيادات التنظيم ربما أنها تكون وصلت إلى قناعة مفادها ان العنف وانتهاج القوة لايمكن لهما ان يرسخا أي حضور سياسي أو سلطوي لأي قوة حاكمة . في مدينة جعار اليوم بات بالإمكان مشاهدة عدد من قيادات تنظيم القاعدة وهم يجلسون إلى جانب عامة الناس وسط ملعب صغير لكرة القدم قبل ان ينتهي الأمر بتسليم هذه القيادات كأس بطولة محلية لفريق فائز . لسنوات طويلة مضت لم يحدث هذا الأمر كانت القيادات تتجمع في ساحة ذات الملعب الصغير بجعار لمشاهدة قطع يد احدهم أو جلد احد اللصوص . يقول محمد الفضلي وهو استاذ بمدرسة حكومية صغيرة بجعار ل"عدن الغد" :" سنة الحياة ان يتغير كل شيء وان يدرك الجميع ان العنف ولغة القتل لايمكن لها ان تدير مجتمع مهما كانت حدة القتل . يضيف الفضلي بالقول :" رغم سيطرة التنظيم الأخيرة على زنجبار وجعار إلا ان حياة الناس هنا لاتزال تسير على مايرام ، ماشاهدناه في العام 2011 لاوجود له اليوم .. لقد تغيروا كثيرا وباتوا أكثر ايجابية .