تقول المواقع الاعلامية ان روسيا وضعت سقفا زمنيا للتدخل هو 12 شهر او 18 شهر وهو المعروف اعلاميا وقد خفضتها بعض المواقع الى 6 اشهر وبعضها الى 4 اشهر فانسحاب روسيا المفاجئ في غضون 5 اشهر خلق ردود فعل متباينة ومفاجئة على الساحة وحقيقة قد قرئت في اكثر من موقع اعلامي تحليلات عن اسباب الانسحاب ولكن كعادة المواقع الاعلامية كل موقع يروج للانسحاب بتحليل يرضي الجهة التابع لها وسأسرد بعض التحاليل التي صدرت من تلك المواقع والتي تواكب ذلك الانسحاب بشكل منطقي دون ذكر الاسباب السياسية المذكورة التي تقارب مصالح جهات المواقع الاعلامية في التحليل فاليوم لكي تتابع الاحداث بشكل صحيح وتستقرا الحقيقة لا تتابعها من موقع واحد او قناة اعلامية واحده فذلك خطاء جسيم ترتكبه في حق تركيبتك الذهنية واستقرائك واستشفافك للحقائق! فكل موقع اليوم ليس محايد في نقل الحقيقة بل ينقل ويحلل حسب ما ترغب سياسة جهته ولكي تكون محللا براغاماتيا وانا لا اعلم ما معنى براغاماتيا..! لكن لكي تكون كذلك عليك ان تقتحم مواقع الاصدقاء والاعداء وتقرا وتتابع الاحداث بنهم ولكن قبل الاقتحام تجرد من عاطفتك وانتمائك لهؤلاء وخصامك ومعاداتك لهؤلاء لكي تأتي بالزبدة والقشطة والخبز وشيء من صحة الخبر والتحليل !
المهم ان الاسباب المنطقية لانسحاب روسيا من سوريا حسب ما اوردتها المواقع الإعلامية المقاربة للحقيقة هي : ان روسيا ادركت من خلال تدخلها وتجربتها في الحرب مع الارهاب ان الحرب ستكون طويلة المدى وانها لن تكون نزهه على الساحل السوري وبما ان روسيا وضعها الاقتصادي لا يسمح لها بذلك فهي منهكه اقتصاديا وكل وضع اقتصادي قادم قد يسهم في استنزافها اكثر فضلت الانسحاب والتسوية السياسة.
ثانيا قد نجحت روسيا في استعراض قواتها في المنطقة لخلق تواجد لها ولو جزئي فحتى لو انسحبت اليوم فلا زالت تحتفظ بقاعدة حميميم وقاعدة طرطوس وتتواجد بها قواتها حتى بعد الانسحاب كخط رجعه في حالة ان ..!
ثالثا: عملت روسيا على تقوية دور الاسد امام خصومه ونقله من حالة الانهيار الى حالة التفاوض وهذا سبب معقول ومنطقي فبالأمس كانوا يريدون ازالة الاسد واليوم مجبرين على التفاوض معه سوى المعارضة او غيرها !
والسبب الرابع والاخير: هو حساب روسيا للتحالفات الإقليمية من التحالف الدولي والتحالف البري المنوط به وقد يحدث ذلك حرب عالميه ليست روسيا مؤهلة لها اقتصاديا حاليا وحليفتها ايران لم تصدق انها تنفست الصعداء من خلال البرنامج النووي وتحاول ان تعزز علاقتها بأمريكا للخروج من رقابة العقوبات الاقتصادية من غير الحروب التي عملت على تأجيجها في المنطقة وكانت هي حطبها ونارها.
انما اعتقد اكثر ان اسباب الانسحاب الروسي الاهم هو تحليلات بعض الخبراء الاقتصاديين الذين يعتبرون ان الاقتصاد هو مربط الفرس وبيت القصيد في الازمات السياسية ودائما تأتي تحليلاتهم اكثر قربا من الواقع واكثر استقراء سياسيا معقولا وكما يقولون ان انسحاب روسيا اسبابه هي اقتصادية بحتة.
يقال ان اوروبا كانت تعتمد على استيراد الغاز الطبيعي من روسيا بنسبة 80% وهذه ورقة سياسيه ثقيلة كانت بيد موسكو كانت تستطيع روسيا ان تبتز بها دول اوروبا وقد حصل ذلك مع اوكرانيا عام 2008 حينما قطعت الغاز عن اوكرانيا باكملها
وقد ارعبت خصومها اوانها وحلفائهم في اوروبا والشرق وجعلتهم يقوموا على اثر ذلك بطرح مشروع مضاد لتلافي مثل تلك الازمات الخانقة لهم من روسيا هو مشروع "نابوكو" وهو مشروع مضاد لكسر هيمنة الطاقة الروسية ويتمثل في ايصال الغاز القطري والتركي لوسط اوروبا عن طريق سوريا واعتقد على هذا ذهبت روسيا بثقلها الى سوريا لشيئين في صدد ذلك اولا:
ليتعثر هذا المشروع عن طريق احداث ضربات للمعارضة تثني عن ذلك واحداث لغط وشوشره وصخب وعرض قوة وخلط اوراق لتعزيز وجودها العسكري ولتعثر مثل هيك مشاريع لا تصب في الصالح الروسي علما انه سبب غير منطقي ولكن سبب وجيه وجدير بالذكر!
ثانيا: ان ذهاب روسيالسوريا كانت كمستثمر وليست كمدافع واليوم كما تقول التقارير الاقتصادية انها توجد شركة روسيه اسمها suez oil gaz في الساحل السوري فهناك يقال انه تم اكتشاف اكثر من 8 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي وقد قامت الحكومة الروسية بتوقيع عقد مع النظام السوري مدته 25 عام مقابل حمايته من الجماعات والفصائل المعارضة وتعزيز وجوده السياسي وانتقاله من مرحلة المدافع الى مرحلة المفاوض وقد نجحت في هذا كما ذكر اعلاه ولا اعتقد منطقيا وسياسيا ان التحالف اليوم يريد اسقاط بشار كما ما يروج له البعض من خلال المواقع الاجتماعية !
ومن ثم اعتقد ان روسيا كانت تنظر لانجاز مصالحها في المنطقة كإنقاذ ما يمكن انقاذه وتسابق الوقت قبل ان تتطور الاوضاع وتستعر الحرب على الارهاب بعد ان ادركت انها حرب طويلة الامد لتخرج باقل الخسائر واثمن المكاسب والمفيد ان الفصائل السورية كانتا غاب قوسين او ادنى للسيطرة على دمشق وفي حسابات روسيا انها تمت السيطرة عليها من قبل هذه الفصائل او تلك قد تذهب مشاريعها الاقتصادية ادراج الرياح واليوم هذه الفصائل المعارضة في محل تفاوض مع النظام وليس مهاجم باستثناء النصرة والدولة الاسلامية طبعا !
وبهذا عززت روسيا وجودها عبر محاربة الارهاب ونجحت في ملاحقة كنزها الاقتصادي وتعزيز هيمنتها في العالم للسيطرة على الغاز الطبيعي وبهذا نفهم انها انجزت اهم ما تطمح اليه فقد خلقت لها جوا سياسيا في اللعبة الإقليمية وحجزت لها مكانا واسهمت في نقل النظام من منطقة الانهيار الى منطقة التفاوض ناهيك عن انها ساهمت في سيطرته الأخيرة على بعض الاراض من المعارضة والفصائل وجعلته يقف على ارض صلبه وعززت تحالفها مع ايران وخلق توازان مع الغرب بهذا ضمنت وضعها الاقتصادي بالنسبة للغاز الطبيعي بانها هي لازالت المستحوذة عليه بغض النظر عن خسارتها في هذه الحرب فهي لا تقارن بالمكاسب السياسية التي جنتها منها .
واعتقد حسب التقارير ان انسحاب روسيا ستكون اسبابه اقتصاديه ايضا كالتالي:
اولا: عودة تزايد النشاط العسكري شرق اوكرانيا ثانيا: هبوط اسعار النفط فبالإضافة الى زيادة العقوبات الاقتصادية عليها من الغرب
ثالثا: سقوط عملة الدولة الرسمية الروبل
رابعا: الكلفة العسكرية الباهظة التي تدفعها موسكوا يوميا
نفهم من هذا ان ذهاب بوتين لسوريا كان لتنمية اقتصاده والحفاظ عليه وانسحابه منها لنفس الاسباب والله اعلم .