ها هي تمر أكثر من أربعين يوماً على رحيل الشخصية الاجتماعية الكبيرة والتربوي القدير والمثقف والشاعر والفنان والملحن / محمد علي ميسري ، وبرحيل المغفور له بإذن الله خسر الوطن علماً بارزاً وشعلة مضيئة ورمزاً من رموز الفن الغنائي في الوطن والذي كرس حياته في خدمة الناس والوطن ، فشريط حياته كان حافلاً بالنضال الدؤوب من الاجتهاد والمثابرة والعمل المضني وصورة قاسية من المعاناة والصبر . فهاهو الحاضر الغائب الذي اختط طريقة في الفن الغنائي الهادف إلى إيقاظ الإحساس الإنساني وتنمية الشعور والمشاعر الإنسانية النبيلة وتهذيب الوجدان العاطفي كقيمة إنسانية وغرس وتنمية روح حب الوطن وشحذ الهمم بروح التفاؤل المليء بآمال مستقبل مشرق . أيها العزيز الحاضر الغائب لقد جسّدت بفنك حب الإنسان العاشق وحب الوطن وحب الإنسانية ، انك بحق ركناً من أركان الفن الغنائي في الوطن ورمزاً من رموزه ، لقد كسبت تقدير المستمعين ونلت إعجابهم بفنك المبدع الجميل لأكثر من خمسين عاماً وأن حياتك في العمل الفني حياة جيلين أثريتهما من إرثك الفني الكثير والكثير والذي يعتبر مدرسة في الفن الغنائي الهادف والصادق الممهور بالكلمة الشريفة النبيلة المليئة بالعزة والأنفة وكبريا الكرامة بعيداً عن التزلف والتطبيل ودناءة النفاق ، فأنت أيها العزيز الحاضر الغائب لم تدلف باب الفن الغنائي طالباً للكسب بل دلفت بابه راغباً في إسعاد الناس ، وتلك حقيقة لا يشوبها شائب ، انك أفنيت حياتك في سبيل ذلك . أيها العزيز الحاضر الغائب لقد رأيت بأم عينيك في الفترة القصيرة قبل أن تغادرنا مصير تلك القيم التي كنت تناضل من أجلها والأمل الذي كنت تحلم به في مستقبل مشرق ، وقد يتحول إلى جرحٍ دامٍ ، جرحاً يسيل الصديد من جوانبه ، جرحاً متعفناً نتناً تعم رائحته كل شبرٍ من أرضنا الطيبة . أيها العزيز الحاضر الغائب لا يستطيع أي كاتب كتب عنك أن يوفيك حقك ، وما كُتب عنك إلا النذر اليسير لأنك أعظم من ذلك كله . رحم الله الفقيد الراحل واسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان وعوّض هذا الوطن بأمثاله من الأجيال الحاضرة والآتية انه سميع مجيب .