ان القرارات المفاجئة التي اتخذها الرئيس عبدربه منصور هادي بتعيين الفريق ركن علي محسن الاحمر نائبا للرئيس، والسيد احمد عبيد بن دغر رئيسا للوزراء، خلفا للسيد خالد بحاح تمهد لتهيئة الاجواء لمفاوضات الكويت، من خلال العودة إلى المحاصصة السياسية التي تضمنتها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ،فالهدف من تعيين الاحمر هو تطمين حزب الإصلاح وتكريس تحالف الرئيس هادي وداعميه في الرياض مع حركة الاصلاح الإسلامية الإخوانية ، من اجل اعادة توحيد الجيش وكسب ولاء عشائر وأفخاذ قبيلة حاشد ،وبقية القبائل والعشائر في الشمال ، وتعيين بن دغر لزعامة حزب “المؤتمر”، من أجل الإطاحة ب " صالح " من قيادة الحزب وإعادة توحيده ،من خلال أيصال رساله لأعضائه وقواعده بأن دورهم وحزبهم في الحكم الجديد مازال مضمونا شريطة الابتعاد عن صالح . هذه القرارات المفاجئة التي صدرت ربما تكون حل توافقي لجميع اطراف الصراع الداخلية والخارجية في اليمن ،من أجل نجاح مفاوضات الكويت ،المقرر أجراءها في 18 ابريل 2016 ،وسوف تتبعها قرارات بتعيين ممثلين لجماعة الحوثي والقضية الجنوبية . تعيين كل من الفريق الاحمر والسيد بن دغر في المنصبين الثاني والثالث في هيكلية مؤسسة الحكم في الدولة اليمنية، بالإضافة إلى ما ستليها من قرارات قادمه ، خطوة اتخذت بعد دراسة معمقة، لتوحيد الجيش والأشراف على الحكومة الوطنية التي ستتولى تنفيذ الفترة الانتقالية ،الخاصة بتطبيق رؤية الحل السياسي الذي قدمه حيدر ابوبكر العطاس لحل الصراع في اليمن ،والذي يتضمن قيام دولة فيدرالية مكونه من اقليمين شمالي وجنوبي ،والمقرر الموافقة عليها من جميع الأطراف في مفاوضات الكويت القادمة . فالرجلان، اي الاحمر وبن دغر هما حل وسط لقيادة الفترة الانتقالية ،كما انهم يمثلون ضمان حقيقي لعدم تعرض هادي لمحاولة اغتيال عند عودته إلى صنعاء ،والتأكيد على وحدة اليمن واستقراره . مما يؤكد بأن الأخطبوط " علي محسن الاحمر " هو همزة الوصل بين صالح وبقية اطراف الصراع في اليمن ،وكذلك القوى الإقليمية والدولية التي أتت بالخريف اليمني ، فلقد كان انضمام محسن لثورة الشباب السلمية في 2011 حزام واقي للقصر الجمهوري وصالح ،أدى في نهاية المطاف إلى أسقاط الثورة بتسوية سياسية أتت بالمبادرة الخليجية ،والتي بموجبها تم انتخاب الرئيس هادي ، فهل يكون تعيينه اليوم هو طوق نجاة صالح الذي سيقضي على المقاومة الشعبية التي تقترب من صنعاء ،من أجل إنجاح مفاوضات الكويت التي ستأتي باليمن الفيدرالي الجديد والحديث ،كما أن قرار تعيين علي محسن وبن دغر بعد حشد السبعين الذي أقامه المؤتمر الشعبي بقيادة صالح ، هو من سيشجع عودة احمد علي للواجهة من جديد كمرشح رئاسي باسم المؤتمر في الانتخابات المقبلة بعد انتهاء الفترة الانتقالية في اقليم الشمال ،مثلما كان قرار عزل محسن في السابق سبب في عزل احمد علي ،ومثلما سيكون استبعاد خالد بحاح كذلك أيضا هو مقدمه ليكون المرشح الرئاسي القادم لإقليم الجنوب حسب اعتقادي . لان هذه التعيينات المفاجئة التي جاءت قبل ايام معدودة من تطبيق اتفاق وقف اطلاق النار واستئناف المفاوضات بين اطراف الصراع اليمني التي ستعقد في الكويت تحت مظلة الاممالمتحدة، ستخلط الاوراق، وربما ترسم خريطة جديدة للصراع السياسي في اليمن، وطبيعة التحالفات السياسية والعسكرية على ارضه، والايام المقبلة حافلة بالمفاجآت، وما علينا غير الانتظار.