عندما يخوض فعاليات بطولة كأس الأمم الأوروبية القادمة (يورو 2016) ، لن يكون الهدف الوحيد للمنتخب الأسباني لكرة القدم هو الدفاع عن لقبه وأن يكون أول منتخب في تاريخ البطولة يفوز باللقب في ثلاث نسخ متتالية وإنما سيسعى الماتادور الأسباني جاهدا إلى استعادة ثقة مشجعيه الذين يبدو أن ثقتهم بفريقهم توقفت. وظهر الصدع بين المنتخب الأسباني وأنصاره خلال بطولة كأس العالم 2014 بالبرازيل حيث سافر الفريق إلى بلاد السامبا للدفاع عن لقبه العالمي بقيادة المدرب فيسنتي دل بوسكي ولكنه عاد صفر اليدين بعد السقوط المهين في الدور الأول (دور المجموعات) . وكانت الصدمة عنيفة للغاية بالنسبة للجماهير العاشقة للفن الكروي الأسباني والتي كانت في قمة السعادة والاحتفالات على مدار السنوات الست التي سبقت هذا المونديال حيث احكم فيها الفريق قبضته على صدارة الكرة الأوروبية والعالمية بإحراز لقبي يورو 2008 و2012 ولقب كأس العالم 2010 ومنذ خروج الفريق من المونديال البرازيلي ، بدا دل بوسكي ولاعبيه تائهين خاصة فيما يتعلق بغياب المساندة الجماهيرية الهائلة التي حظي بها الفريق السنوات التي سبقت هذا المونديال. ولم يكن التأهل لنهائيات يورو 2016 كافيا لإثارة حماس جماهير الفريق وكذلك لم تكن المباريات الودية التي خاضها المنتخب الأسباني بعد ضمان تأهله للنهائيات. رغم هذا ، يبدو أن الفريق لا يزال يحظى باهتمام رائع على مستوى المشاهدة التلفزيونية التي ظلت ثابتة ومستقرة على مدار العام الماضي. وعلى سبيل المثال ، كانت المباراة الودية التي انتهت بالتعادل السلبي مع المنتخب الروماني في 27 آذار/مارس الماضي هي المباراة الأكثر جذبا للمشاهدين عبر التلفزيون من بين جميع المباريات التي أقيمت في هذا اليوم حيث تابعها أكثر من أربعة ملايين مشاهد بنسبة بلغت 2ر25 بالمئة من حجم المشاهدة التلفزيونية لمباريات هذا اليوم وهو ما رفع متوسط نصيب قناة "كواترو" إلى أربعة أمثاله. ورغم هذا ، فإن ارتباط وثقة المشجعين بالفريق تمثل شيئا آخر. وذكرت صحيفة "آس" الأسبانية الرياضية مؤخرا : "دل بوسكي يحاول التخلص من شعور المشجعين بأن الفريق الوطني بات مملا. هذا الشعور انتشر بشكل واسع في أسبانيا". وقبل أكثر قليلا من عشر سنوات بقليل، لم يكن المنتخب الأسباني قد فاز بأي شئ تقريبا ولكن المشجعين كانوا ينتظرون بحماس شديد مشاركته في كل بطولة كبيرة على أمل أن يحالفهم التوفيق فيها. وكانت تصريحات المشجعين هي : "قد يكون الأمر ممكنا هذه المرة.. ربما نصل لأبعد من دور الثمانية في هذه البطولة". ولكن كل محاولات الفريق باءت بالفشل. ورغم هذا ، ظل الإصرار على اجتياز هذه النتائج متوسطة المستوى وتزايدت التوقعات في كل بطولة سواء كأس العالم أو البطولة الأوروبية. وحالف النجاح المنتخب الأسباني أخيرا وأسرف مشجعوه في الثقة بالفريق بعد الألقاب التي فاز بها الفريق من 2008 إلى 2012 على الساحتين الأوروبية والعالمية حتى جاء المونديال البرازيلي في 2014 ليبدد هذه الثقة. ويقتصر الجدل حاليا بين عدد قليل من الأسبان حول كرة القدم أو الفرص الفعلية للفريق فيما يدور جدل أكبر يثير ضجيجا هائلا حول أسئلة أخرى منها ما يتعلق بمصير دل بوسكي مع الفريق وما إذا كان سيستمر مع الفريق بعد يورو 2016 وكذلك حول المهاجم دييجو كوستا المولود بالبرازيل وما إذا كان دل بوسكي سيواصل استدعائه لصفوف الفريق. كما يدور الجدل بشأن المدافع جيرارد بيكيه الذي يفضل استقلال إقليم كتاللونيا عن أسبانيا ، فعل يكون مخلصا للمنتخب الأسباني ؟ وهل يستبعد دل بوسكي حارس المرمى العملاق المخضرم إيكر كاسياس من قائمة الفريق ليورو 2016 ؟ ولكن ربما يكون هذا دليل على ان الجدل الذى يركز على كرة القدم قد نحي جانبا للتركيز على تكهنات اوسع نطاقا حول الرياضة. وعلى جانب آخر ، يتضح أن المنتخب الأسباني فقد نجومه أصحاب الكاريزما مثل كارلوس بويول وتشافي هيرنانديز وتشابي ألونسو وفيرناندو توريس وديفيد فيا. وما زال كاسياس ضمن صفوف الفريق ولكن أداءه والجدل المحيط بسلوكه قلص من ارتباطه بالجماهير. ولا يحظى أندريس إنييستا وسيرخيو بوسكيتس بنفس القدرة على القيادة في ظل الانطوائية التي تصبغ شخصيتهما. وبينما كان سيرخيو راموس قادرا على أن يكون قائدا حقيقيا للفريق ، لم تكن عروضه مع ريال مدريد في موسم 2015 / 2016 مقنعة بدرجة كبيرة. ويخوض المنتخب الأسباني فعاليات يورو 2016 وسط جدل بشأن المدرب وفي ظل ضغوط هائلة على اللاعبين لأسباب عدة ومع افتقاد لوجود القادة المؤثرين بالفريق وهو ما يثير الشكوك حول فرص الفريق في البطولة الأوروبية خاصة وأن مستوى الأداء ما زال بعيدا عن المستوى الذي قدمه الفريق في النسختين الماضيتين من البطولة الأوروبية وكذلك في المونديال البرازيلي.