أزمة اليمن سياسية وأزمة السياسة ثقافية وأزمة الثقافة نفسية.. كل مثقف مريض نفسي بالضرورة.. زيادة سكانية تبحث عن استحقاقات مادية في وضع "صفر إنتاج". السياسات لم تؤدِ دورها من الماضي وحتى الحاضر ويبدو أنها ممتدة إلى المستقبل في هندسة الحياة العامة في محاولة القضاء على البطالة وإيجاد حالة تقترب من التشغيل الكامل وفوائض إنتاج. الوضع الطبيعي لمثل هكذا مستوى اقتصادي والذي لا يلبي المستويات الدنيا من الحالة المعيشية مستقرة وكريمة أن صنعاء مثلا لا تكفي إلا لمن هم الآن في اليقظة (العاشرة صباحا) ويمارسون أعمالهم وكل من يخلد إلى النوم حتى الآن هو زائد في هذه الحياة ويجب أن يستمر في النوم إلى الساعات الأولى من صباح يوم القيامة.
*** كل ما في الأمر أن الشعوب استطاعت وقف عبث الماضي لكنها عجزت عن رسم ملامح المستقبل.. على كل حال: نحن اليوم مهما كان البؤس مؤلماً والظلمة حالكة السواد والجراحات مفتوحة وتنزف والثمن فادح، رغم كل ذلك وأكثر نحن بلا جدال أفضل من الأمس. بعد أن سقط الماضي نحن اليوم في نقطة التعادل والصراع على أشده بين طلاب الوطن المنشود والحلم الجميل وطن الدولة وسيادة القانون وطن العدل والحرية وطن الكل فيه مواطن، وبين الماضي البئيس ماضي الطبقات والتفاوت الاجتماعي ماضي الفسدة والمفسدين ماضي التخمة والترف لفئة على حساب عامة الشعب. إنها اللحظة الفارقة بين أن يعود الماضي الكئيب أو يتشكل المستقبل الجميل والوطن الحلم.. اعتقد أننا اليوم بحاجة إلى الكثير من جهد العقل السليم والقليل من العمل الجودة والمحترف والذي يَقْدُم بك خطوات لا الفوضى الضجيج والتي إن لم تؤخرك الخطوات فهي ليست إلا مراوحة ذات النقطة وفي نفس المكان وهي بحسابات الزمن أكبر الخسارات.
*** تعز مشروع الوطن الحلم.. تعز يا وجعنا الكبير. تعز هي ما تبقى لهذا الوطن من إحساس بالكرامة وهي التطلع للحرية. تقريبا كل جغرافيا الوطن قد أصيبت بالبلادة تجاه وضع كهذا وبالخصوص من ذلك إب وأم البلادات هي صنعاء صنعاء التي ليست جغرافيا ولكنها اليمن الكبير بصورة مصغرة ومواصفات البلادة بمختلف مستويات البلادة المتوزعة على جغرافيا الوطن. هناك من الجغرافيات من تخضع لقبضة حديدية مثل عمران المناضلة الأولى والتي كان قدمت من التضحيات الكثير من أجل عدم الوصول إلى نقطتنا هذه وقد كان القشيبي رحمه الله المسد للبالوعة التي اليوم بعد ترجل ذلك الحارس الجمهوري تطمر اليمن بالوحل ولا ننسى تضحيات أرحب. وهناك تضحيات من نوع خاص هي للبيضاء البيضاء الامتلاء الجمهوري والعطاء بلا نفاد. والحديدة التي لا تجد ما تحمل به نفسها من أجل البقاء، لك الله يالحديدة.
وبانتظار قدوم الوطن الحلم منك يا مأرب التاريخ، فأنت الحضارة.