صمتاً إذا ذُكِرَ هادي ، فهادي لم يهرب من صنعاء ولم يهرب من عدن ، وإنما كان خروجه متحرفاً لقتال ومتحيزاً لفئة علم أنها ستنصره بعدما خذله المتخاذلون ، فخرج من صنعاء واستقر في عدن فقاتل فيها قتال الأبطال وعندما تكالبت عليه جيوش صالح ومليشياته ، توجه نحو الأشقاء طالباً المدد العسكري ، ولم يطلب مدد الرجال لأن هادي يعلم أنه يتكئ على مخزن الرجال في الجنوب ، فهم في الضالع كالأسود الضارية وفي لحج كالنمور المفترسة وفي عدن كالفهود المهاجمة وفي أبين كالرعد الهادر وفي شبوة كالأمواج المتلاطمة وفي حضرموت كالسيول الهادرة وهم في المهرة كالرياح العاتية . صمتاً فهادي قاتل في عدن بفتية لم يعرفوا حمل الكلاشنكوف ولكنهم حملوه فكانوا جيوشاً قاهرة في بضعة أيام ، لقد استند هادي على مصنع الرجال في الجنوب فحطم جيش صالح وتهالكت مليشياته في أرض الجنوب التي تحولت إلى محرقة فأحرقت تلك الجيوش الزاحفة من كهوف مران وزوايا باب اليمن ومن وسط اليمن ، لقد خارت قوى صالح وجيوشه على عتبات حدود الجنوب المحروسة بشبابها ورجالها ، ولم نعد نسمع لصالح إلا جعيره وعويله في أبواق قنواته . صمتاً لقد فكك هادي خلايا صالح التي عقدها خلال ثلاثة عقود . صمتاً عندما يظهر هادي بهيبته وجلاله ، صمتاً لقد تحدث عنه صالح كثيراً فاخرسته قرارات هادي وانجازاته ، لقد تبجح المتبجحون وقالوا : إن هادي لن يستطيع الخروح من عدن إلا عبر البحر ، فخرج عبر البر متحدياً جحافل جيوش صالح ومليشياته ، وعاد إلى عدن وغادر منها جواً ، وسيعود إليها ، لأنه يعرف قيمة الوطن ، والذين لا يعرفون قيمة أوطانهم يعيشون تحت ترابه أحياء وسيظلون حتى يموتون تحت ترابه .
صمتاً فقرارات هادي تؤرق أعداء الوطن ، صمتاً فهادي أصبح رمزاً وطنياً ، صمتاً ثم صمتاً ثم صمتاً حتى تُخرس ألسنتكم فلن تستطيعوا النيل من الرجل الداهية ، ولن تستطيعوا الاقتراب من سهامه التي أعدها للدفاع عن الجنوب ، فارمِ بسهامك يا سيادة الرئيس كل متخاذل فسهامك أمضى سهام . لقد تحدثت في مقال سابق تحت عنوان هادي ما المانع من العودة ؟ وعلمت بعدها أن نظرة السياسيين تختلف عن نظرتنا نحن الذين لا تربطنا بالسياسة إلا جلسات المقايل والدكك ، فهادي سيعود وستكون عودته في الوقت المناسب ، ولأنه أدرى متى يذهب ؟ ومتى يعود ؟ فصمتاً فقد جفت أفواهكم وجف حبر أقلامكم ، وهادي يعمل بصمت ، فما أجمل أن يعمل المرء بصمت ! فاصمتوا لعل صمتكم يوقظ ضمائركم ...