بعد عامين من التشرد، لم يجد الطفل اليمني، أحمد الحيمي، ذو الخمسة عشر ربيعا، مكاناً يؤويه أو يقتات منه، مما دفعه إلى القبول بالانضمام إلى صفوف المقاتلين الحوثيين. ينتقل الحيمي بين جبهات القتال (تعز، الجوف، مأرب)، نزولاً عند رغبة الجماعة، التي عملت على إقناعه مطلع العام 2016 كما فعلت مع غيره من الأطفال المشردين، بالانضمام إلى صفوف مقاتليها، عقب اجتياحها العاصمة صنعاء في أيلول/سبتمبر 2014. الحيمي ترك منزله بداية العام 2014، إثر خلاف مع والده بعد عجزه عن توفير (ثلاثة آلاف ريال/ما يعادل 12دولاراً) يوميا لأبيه حسب طلبه، الأمر الذي دفع الأب إلى طرده خارج المنزل. يقول الحيمي ل"العربي الجديد": "الشارع منزلي، كنت أجد صعوبة في الحصول على الطعام والمأوى". يصمت قليلا ويضيف: "تعبت من هذا العيش، ذهبت إلى القتال كي أحصل على الطعام من دون تسول". من التشرد إلى القتال يعدّ الحيمي واحداً من عشرة أطفال مشردين، وثق معد التحقيق التحاقهم واستمرارهم في القتال في صفوف جماعة الحوثي بعد حياة التشرد بسبب النزاع المسلح والخلافات الأسرية، ومن بين هؤلاء الأخوان نائف (10 أعوام) ومحمد الحرازي (12عاما) اللذان تشردا بعد انفصال والديهما، ولم يجد الطفلان من يؤويهما مما دفع بهما إلى الانخراط في صفوف مقاتلي جماعة الحوثي. يعمل الأخوان الحرازي، حالياً، في إحدى نقاط الحراسة، التابعة لمقاتلي جماعة الحوثي بصنعاء، حسب قريبهما، عبد العليم غالب، والذي قال ل"العربي الجديد": "بداية العام 2016، قرر الطفلان الانضمام إلى صفوف المقاتلين الحوثيين بعد إقناعهما من قبل المقاتلين، والدفع لكل واحد منهما يوميا ألف ريال/ما يعادل أربعة دولارات". وتوضح الدكتورة، نبيلة الشرجبي، أستاذة علم النفس في كلية الآداب في جامعة تعز الحكومية، أن أسباب انضمام الأطفال المشردين إلى جماعة الحوثي ترجع إلى أنهم "وجدوا من يوفر لهم لقمة العيش دون تسول، وهو ما يعد دافعا هاما للالتحاق بالحرب لصالح الطرف الذي يدفع".
يطابق رأي المختصة في علم النفس ما جاء في موقع الأممالمتحدة على الإنترنت، من أن النزاعات المسلحة تعرض الأطفال للتشرد، والذين يلتحقون بالجماعات المسلحة أملا في الحصول على الغذاء والمأوى. ويؤكد الدكتور، نبيل الشرجبي، أستاذ إدارة الأزمات السياسية في جامعة الحديدة الحكومية، أن الفئات التي يتم استهدافها للانخراط في صفوف مقاتلي جماعة الحوثي كثيرة، وفئة الأطفال المشردين واحدة منها. ويقول الدكتور الشرجبي ل"العربي الجديد": "يتم إخضاع الأطفال لعملية إعادة تشكيل عقلي كامل، وخلق جيل جديد أكثر تطرفاً بهدف استخدامهم في حروبهم دون أن يكونوا أمام أية مساءلة قانونية"، مضيفا أن هذه العملية تتم وفق آلية الإغراءات المادية وحاجة الأطفال إلى المال.