دموع كثيرة تتقاطر من أعين الأمهات والزوجات والأبناء والبنات، حزناً على الذين يفقدون في ساحات المعارك، أو الذين قضوا نحبهم بصواريخ الكاتيوشا وقذائف الدبابات والهاونات والمدفعية الثقيلة التي تطلقها مليشيات الحوثي وعلي صالح على مدنهم وقراهم، أو الذين يستهدفون بضربات طيران التحالف العربي، إما عن طريق الخطأ أو نتيجة استغلال الحوثي وصالح المدنيين واستخدامهم دروعاً بشرية، فيتم تخزين الأسلحة داخل بعض المنازل، أو بجانب منشآت صحية. دموعٌ الحزن والألم التي صنعتها عصابات الحوثي وصالح. نعم، عصابات حوّلت حياة اليمنيين إلى ما هو صائر حالياً من جنائز ومآتم، في كلّ مدينة ومديرية، وربّما معظم قرى اليمن. قالها مرّة زعيمهم صالح إنّ الحرب ستصل رحاها إلى كلّ بيت، إذا ما حاول أحد أن ينتزعه من كرسي السلطة، إذ جهّز رجالاً وأموالاً كثيرة، لكي تكون اليمن تحت سلطة أسرته، ولولا التدخل العربي المفاجئ له، ولحليفه الحوثي، لكان اليوم قد ارتكب مجازر كثيرة بحق الشعب اليمني. نعم، الحزن يعمّ بيوتاً كثيرة في اليمن، فقدت فلذات أكبادها في المعارك، دفاعاً عن حقها في الحياة بحرية وعدل ومساواة، أو في الطرف الآخر، واقعة تحت تأثير خطابات السيد في كهوف مران، وأوهام الزعيم تحت سراديب الأرض، حيث يأمنان على نفسيهما غارة، ربما تودي بهما إلى حيث يجب أن يكونا، ليتوقف نزيف الدم اليمني الذي يغذيان بقاء نزيفه بعنجهيتهما، طائفياً وعسكرياً ومادياً، فالعنجهية تأتي من الإستقواء بالطائفة التي يقدّسونها، ومن بقايا علي صالح في ما كان يعرف بالحرس الجمهوري (العائلي)، ومن المال الذي اكتنزوه، سرقةً ونهباً واختلاساً من خزينة الدولة التي كان للزعيم حق جباية أموالها واقتسام بعضها مع شركائه في السلطة والطائفة. دموع لا تتوقف، وأحزان تنتقل من بيت الى بيت، ومن قرية الى قرية، حتى المناطق التي ليس فيها مواجهات... أودية وجبال أرياف تعز يزرعون طرقاتها الفرعية وحقولها بالألغام. في ليالي تعز وأريافها، لا تسمع سوى أزيز الرصاص ودوي القذائف والصواريخ، هذا ما أنجزه حكم صالح ومن معه لشعب اليمن، سلاح لقتل الشعب وترويع الآمنين، ومحاولة بث الكراهية والأحقاد والثارات بين أبناء اليمن، وعلى الرغم من كلّ هذه الأحزان ستنتصر إرادة أهل اليمن. اليوم أو غداً، وإنّ غداً لناظره قريب، أكتب هذه السطور ودوي الطلقات والقذائف يضجّ مسمعي.