الاحداث المتتالية من حولنا اسرع من دوران الارض وليتها تحمل انباء سارة فقد سئمنا من الحديث عن الدمار وشلالات الدماء وقتل الاطفال وتهجير النساء وكأن هذا قدرنا وهو يخالف جميع شعوب العالم التي تشتغل وتمرح وتعيش في سعادة ونقول الحمد لله وما شاء فعل. والذي ينظر نظرة محايدة بين الاطراف المتصارعة يحزن لان العقول تحجرت وكل طرف لا يتنازل عن موقفه قليلا لمصلحة الشعب اليمني الذي هو ضحية لهذه الحرب المجنونة فزادوه فقرا على فقره. الحرب في اليمن هي اغرب الجنون في الشرق الاوسط فان 85% من الشعب اليمني تحت خط الفقر ولا ندري لماذا يتصارع هؤلاء على حكم شعب هذا حاله بل يزيدون في فقره وفي ضحاياه . اليمن الان يسير بين خطين متوازيين وهما يجلبان الدمار والقتال على اليمن باكمله الخط الاول هو :- خط الحكومة التي ادعت لنفسها الشرعية وهو الكذب على النفس والكذب على الشعب. اما الخط الثاني :-فهو خط الانقلابيين الحوثيين وصالح وغرور الوهم بالانتصار. ونتكلم عن اليمن الذي كان اليمن السعيد.. اما اليوم فقد اصبح لا يقل عن باقي العرب تعاسة ففيه القتلى والجرحى واللاجئون مثل فلسطين وسوريا والعراق ومصر والقائمة تطول .فبعد قيام الحوثيين الذين اتخذوا اسم (انصار الله ) تقريبا اسم مستنسخ مثل (حزب الله )واستولوا على اليمن. والباقي معروف للجميع فلا داعي للتكرار .المهم ان (دولة الكويت) وجهت دعوة الي اليمنيين للحضور الي الكويت واجراء مفاوضات بينهما برعاية الاممالمتحدة للخروج من هذه الحرب التي لا معنى لها في اليمن . وفعلا بدأت المفاوضات ولكن اثناء المفاوضات بين الحوثيين وبين الحكومة الشرعية في الكويت فاذا بالحوثيين وشريكهم الرئيس السابق لليمن على عبد الله صالح يصدرون اتفاقا اطلقوا عليه اسم (مجلس سياسي لادارة اليمن) ليكون مجلس رئاسة ليحكم اليمن .وهذا المجلس مكون من عشرة اشخاص نصفهم من الحوثيين والنصف الاخر من حزب المؤتمر الشعبي.. اي من على عبد الله صالح واتباعه وتكون الرئاسة متبادلة بينهما ربما سنويا او اكثر فلم تصلنا انباء عن التفصيلات بعد .وبذلك انتهت مفاوضات السلام بين الطرفين في الكويتوعدنا الي المربع الاول ..وهو خيار واحد لا ثاني له وهو الحوار بلغة السلاح اي البندقية والمدافع والصواريخ..الخ. لكن لمذا فشلت المفاوضات بين الجانبين في الكويت وقبلها في مسقط..؟ اذا اردنا ان نواجه الحقيقة بصراحة وبشفافية وحياد نقول الاتي :- تقصير مطلق من جانب الرئيس عبد ربه منصور هادي ومن جانب الحكومة التي عينها وذهب الي (عدن) بعد تحريرها من ايدي الحوثيين في زيارة قصيرة ..ولا ندري أهو خائف من اغتياله في عدن ..ام ان الحياة الهانئة والرفاهية في الخارج افضل من اليمن ..؟ فلماذا يحكم اليمن وهو بعيد عنه..؟ والسبب الثاني هو افق الخيال اللامتناهي عند الحكومة ..فهم يقولون انهم حرروا 80% من اليمن ولم يبق في ايدي الحوثيين سوى 20% من ارض اليمن فهم الاقوى .وهذا مغالطة للنفس وللشعب الذي يرى كل شيء على ارض الواقع. والسبب الثالث عدم وجود جيش قوي لدى الحكومة الشرعية يواجه الحوثيين وصالح ..فهم لم يستطعوا تحرير العاصمة (صنعاء) فهي بيد الحوثيين حتى اليوم. اما بالنسبة للطرف الاخر في الصراع وهم ما يطلق عليهم (الانقلابيون) اي انصار الله وعلى عبد الله صالح .. فالحقيقة لديهم اسباب عديدة لعدم البحث عن السلام اولها يتشككون بل يطعنون في صحة واهلية (الرئيس عبدربه منصور هادي).. ويعتبرون انفسهم اصحاب الحق القانوني في رئاسة اليمن . واما هادي بحسب زعمهم فلا يوجد جذور له في اليمن. ومن جهة ثانية غرور الوهم بالانتصار.. فقد استطاع (الحوثيون) بمؤامرة مكشوفة مع الحكم السابق ورئيسه على عبد الله صالح من الاستيلاء على معظم مفاصل الدولة واهمها العاصمة (صنعاء) فلماذا يبحثون عن السلام ..؟ومن جهة ثالثة فان (الحوثيين) شيعة صحيح انهم (شيعة زيدية )ولا يؤمنون (بالولي الفقيه) في ايران .الا ان هذا لم يمنع ايران من تزويدهم بكل ما يحتاجونه من مال وسلاح تمشيا لمعتقدات (الامام الخميني) بتصدير الثورة الايرانية الي الدول العربية.ورفع الظلم عن المظاليم..ولكن اغرب ما في حرب اليمن انعدام( البعد الاخلاقي) لدى القادة.. فقد سمعنا زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي وهو يرفض تنفيذ قرار مجلس الامن 2166 القاضي بتسليم اسلحة الحوثيين الي الدولة.. وسحب قواتهم من المدن.. فقد شن هجوما عنيفا على (مجلس الامن) وعلى الاممالمتحده.. وعلى الولاياتالمتحدةالامريكية.. في تحد واضح ..وهذا شيء مضحك ..عندما يتحدى الحوثي مجلس الامن والاممالمتحدهوامريكا .. بل يهاجم الاممالمتحدة ومجلس الامن ..ما يدل على سطحية في التفكير.فهو وغيره كثير ليسوا الا حجر شطرنج صغيرا على رقعة الشرق الاوسط .. الحروب تجري فيها بالوكالة لدول المنطقة الاكثر قوة.. وللدول الكبرى.. التي تسير العالم . فهذا (جون كيري) وزير خارجية امريكا يجتمع مع (لافدروف) وزيرخارجية روسيا ويرسمان حدود السلام والحرب ..بل يضعان خطوط الطول والعرض لكل دولة عربية او اسلامية في المنطقه. وكأن التاريخ يعيد نفسه فنرجع الى اتفاق( سايكس – بيكو) وزيري خارجية بريطانيا وفرنسا سنة1917عندما قسما البلاد العربية في ذلك الزمان. ولا ندري، إلى أين يسير اليمن ..؟ في ظل هذين الخطين المتوازيين اللذين لا يلتقيان في الوقت الحاضر ولا في المستقبل المنظور..فهما مثل خطي السكة الحديد متوازيان لا يلتقيان ابدا. لذلك لم يبق امام الحكومة الشرعية وامام المملكة العربية السعودية سوى حسم المعركة عسكريا اذا استطاعوا فالحوثيون يشكلون 15% من سكان اليمن ولا يعقل ان يستطيعوا بسط نفوذهم على اليمن كله دون مشاركة باقي اليمنيين .ويبقى الضحية هو اليمن وابناؤه . لا نملك الا ان ندعو الله ان يحفظ اليمن واهله من كل مكروه وان يلهم اهله الحكمة فيما بينهم فلا يدمروا بلادهم..فاليمن بلد عربي منذ فجر التاريخ.