كنت على ثقة تامة، بإن تنظيم القاعدة الإرهابي، لن يترك مناسبة العيد تمر بسلام، وإنه سينتهز الفرصة ليضغ عليها بصمته الدموية، بعمل إرهابي جبان، يحصد أرواح ثلة من أبناء الجنوب ممن انخرطوا ضمن صفوف قوات الحزام الأمني، في محافظة أبين. توج التنظيم أواخر أيام شهر رمضان الماضي، بعمليات إرهابية متزامنة في مدينة المكلا، وفي ساعات فجر أول أيام عيد الفطر تبنى غزوة معسكر الصولبان في عدن، وبين العيد السابق والعيد الاتى لم يدخر التنظيم جهدا في التفنن في قتلنا وإزهاق أرواحنا وإباحة سفك دمائنا، فرادا وجماعات، بالمسدسات الكاتمة للصوت أو الدراجات النارية الحمراء، والسيارات المفخخة والعبوات الناسفة، لأننا من وجه نظر علمائه ومفكريه (كفره وملحدين). لا أحد بإمكانه أن يتنبأ بمكان وموعد العملية القادمة لتنظيم القاعدة، بعد تمكنه اليوم من قتل ما لا يقل عن 6 ستة جنود، وجرح العشرات في هجوم بسيارة مفخخة على تجمع لقوات الحزام الأمني في الوضيع بلدة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، تلك حقيقة لا بد من المجاهرة بها، والاعتراف أيضا أن الانجازات الأمنية التي تحققت؛ ودائما ما نسمع عنها في بيانات السلطات الرسمية ووسائل الإعلام قد نجحت في الحد من تلك العمليات، نوعا ما، لكنها فشلت في إيقافها بالكامل لاجل غير مسمى، لإن التنظيم بات يمتلك القدرة على التموية والاختباء، واستغلال الهفوات والثغرات الأمنية الطارئة في الوحدات العسكرية الحديثة العهد، إلى جانب اعتماده على سياسة عقد الصفقات المرحلية بمعاونة زعامات قبلية ورجال دين!، والقبول بحلول وسط تتمثل في فرض "الهدنة" التي تتيح أمامه فرصه التقاط الأنفاس وإعادة ترتيب الأوراق؛ لشن عمليات مباغتة، خارج تلك المناطق التي يعتبرها بمثابة نقطة انطلاق لغزواته "اللامباركة". من الواضح جداً أن التنظيم يضع أجندة مرسومة بدقة لعملياته، من حيث مواقع التنفيذ وأسلوبه وتاريخه، فتعمده شن هجمات من العيار الثقيل قبل العيد بساعات، يشي إلى رغبته في إيصال رسائل للداخل والخارج والعالم أجمع، بأن قوته الضاربه لم تتأثر، رغم انحسار مناطق تواجده، وأنه يحتفظ بميزة المبادرة والهجوم في الزمان والمكان الذي يحدده ويختاره بعناية فائقة، هذا إلى جانب الرغبة المحمومه لعناصره في اغتيال أي فرحه أو ابتسامة قد تشرق على محيانا في مناسبات تبعث على البهجة والحبور، مثل العيد!. ما من شك أن عمليات التنظيم في مجملها تنطوي على تخطيط استخباراتي عالي الدقة، يكفي أن ننظر في حيثيات الهجوم بسيارة مفخخة على معسكر للتجنيد في الشيخ عثمان الشهر الماضي، إذ اقتضى الانتحاري، انتظار لحظة دخول سيارة الأغذية للمعسكر لاقتحامه خلفها مباشرة، والتفجير وقت تجمع الجنود لاستلام وجباتهم... هجوم الوضيع اليوم أيضاً تم بسيارة مفخخة شبيهه بسيارات الحزام الأمني، أفكار قد يراها البعض سهلة، ولكن من الصعب اكتشافها والتصدي لها، وعنصر مواجهتها يخضع لمعيار الوقت المحسوب بالثواني. خطورة نجاح هذا العمليات الإرهابية لا يكمن فقط في عدد ضحاياها، والبراعة في تصوير لحظة تنفيذها بتقنية سينمائية، بل يتجاوزه إلى ما يخلفه من انطباع باستحالة إيقافها، ويجعل الشك يدب في مفاصل الأجهزة الأمنية والدوائر العسكرية ذاتها، بإنها مخترقة، ومع مرور الوقت يفقد الجندي ثقته في نفسه وفي مؤسسته وقياداته، في حين يصبح الخوف والقلق رفيق المواطن، مثل ظله، أينما حل وذهب والتجئ. إنها المعادلة التي يسعى إلى فرضها عناصر التنظيم، نحن أو الموت، في وجودنا الأمان والاستقرار، وفي غيابنا وبعدنا لا بديل عن الفوضى والرعب، أنه نفس منطق الوحدة أو الموت، قد يبدو الفرق في استبدال رأية الشرعية1994، برأية الشريعة 2015، في حين ظل سيظل العدو (الانفصالي، الصائل) واحد.