آن الأوان أن نقولها وبالفم الملآن أن السلطة في الجنوب لن تكون حكرا على الحراك والحراكيين من أبناء الجنوب، وأن مصطلحات الوطنية والنضال والإخلاص للجنوب لم تختزل قط فيمن هو حراكي أو ممن حملوا أعلام الحراك في ساحات الحرية والنضال فقط.. فأولئك كان لهم شرف النضال من أجل وطنهم وأرضهم ولكنهم ليسوا وحدهم من يستحقون هذا الوطن وليسوا وحدهم من يحبون هذا الوطن... هناك من هم أكثر إخلاصا ووفاء منا للجنوب، ولكنهم بحكم ظرف ما تواروا عن المشهد السياسي.. وما يدريكم لعل متغيرات الواقع اليوم قد دفعت بالكثير منهم من مستنقع الخطأ إلى مربع الصواب. ولا بأس أن يخطئون فكل أبناء آدم خطاؤون... أقول هذا باعتباري أحد الأفراد الذين كان لهم شرف الانتماء إلى الحراك الجنوبي منذ انطلاق شرارة ثورته الأولى في 2007، ومن باب الحرص على إنجاح ثورتنا هذه أصبح لزاما على كل منا أن يسهم في تصحيح مسارها ولو تطلب ذلك أن نقف ضد ممارسات بعض ممن هم في قيادة الحراك الذي تشرفنا بالنضال تحت لواءه طوال سنوات ثورتنا السلمية والمسلحة. جل ما نريده من قيادتنا الحكيمة أن تستفيد من أخطاء الأنظمة السابقة وألا تتجه في مسار قيادتها نحو تقليد تلك الأنظمة في سياسة حكمها وتوجهاتها. نقول هذا ونحن نرى اليوم أن هناك من يكرس من مبدأ الحزبية الجهوية والعنصرية السياسية لدرجة أن أصبح بعض ممن هم في هرم قيادتنا الحكيمة يرون أن معيار الانتماء للحراك الجنوبي أحد أهم المعايير الخاصة لتولي أي منصب من المناصب في الإدارات الحكومية المختلفة.!! ألم نكن بالأمس ننتقد المؤتمريين بأن جعلوا السلطة حكرا على من هو مؤتمري؟ ألم ننتقد الإصلاحيين واتمهناهم بالأمس بأنهم وراء مشروع أخونة مؤسسات الدولة؟!! فكيف لنا اليوم أن نعمل وفق ذلك المبدأ الذي طالما وانتقدناه في الأمس القريب وبقوة؟!! اليوم يجب أن نمد أيدينا إلى جميع أفراد الشعب وأطيافه وتياراته وننتقي من بينهم كل ذي كفاءة واقتدار، كائن من كان وأن نتخلص من إرث الماضي البغيض. هذا لا يعني أننا سنمكن الفاسدين أو العابثين بمقدرات الوطن، فالحد من نفوذ مثل أولئك العابثين يأتي من خلال تفعيل سلطات القضاء وأجهزة المراقبة والضرب بيد من حديد كل من يثبت تورطه بأبسط أعمال فساد أو عبث في جميع مؤسسات ومرافق الدولة... أما من يفكر أن الحد من الفساد المستشري في جميع مفاصل الدولة يأتي من خلال استبعاد كل من هم في قيادة المؤسسات السابقين سواء كانوا من عهد عفاش أو ما بعد عفاش ليحل مكانها قيادات أخرى معيار اختيارها أنها حراكية فهذا هو الخطأ الذي أخشاه على حراكنا وجنوبنا.. نحن لسنا بحاجة لأن ندفع بالناس إلى أن يكونوا طرفا آخر معاديا لنا بفعل ممارساتنا تجاههم سواء باستبعادهم من إدارات المرافق الحكومية أو حتى من خلال تكريس ثقافة التخوين والتشكيك بكل من سبق ومارس السلطة في عهد عفاش. الوطن وطن الجميع ويجب أن نغير من ثقافتنا الخاطئة التي أصبحت السائدة لدى الكثير منا حتى ممن هم في هرم قيادتنا الحكيمة.. لا بأس أن تمد قيادتنا الحالية أيديها إلى الجميع دون الاقتصار على من هو حراكي وفي نفس الوقت يجب أن تفعل من دور أجهزة الحكومة القضائية والرقابية للتتعامل وبقوة أمام كل من يريد أن يعيد إنتاج أي صيغة من صيغ الأنظمة الاستبدادية السابقة. وما أريد أن أنوه له هنا إلى أنني لست ضد أي تغييرات تنوي قيادتنا إجرائها في أي مرفق أو مؤسسة كانت، بل على العكس من هذا فنحن مع أن تعمل هذه القيادة وفق مبدأ التدوير الوظيفي خصوصا وأن هذا لا يشجع بعض من يريدون أن يتشبثوا بمناصبهم القيادية في مختلف المرافق الحكومية، فالمناصب الحكومية ليست ملك لهم ليتشبثوا بها، لكننا ما نريده هنا هو أن تشمل التغييرات أو التعيينات الأشخاص بغض النظر عن انتمائاتهم السياسية أو الحزبية وأن تستند عملية التعيين على معايير الكفاءة والنزاهة قبل أي اعتبارات أخرى... أملنا في قيادة السلطات المحلية في عدن ولحج كبير، وللصراحة فهم أكثر من أعول عليهم بأن يعملوا وفق ما تتطلبه منهم المرحلة الراهنة وأتمنى من القيادات الأخرى التي تساندهم أن تقرأ الواقع الحالي قراءة صحيحة وأن تفهم أن العمل الناجح ليس بتقليد أسلوب من حكموا قبلهم، فلو كان ذلك مناسبا لما انهارت عروش حكمهم.. أخيرا أتمنى أن لا يفهم البعض من كلامي هذا أنني أتهم جميع قيادات الحراك الجنوبي بأنهم جميعا على النحو الذي انتقدته بل على العكس من ذلك فهناك القيادة التي برزت وسلكت مسلكا صحيحا ونراها اليوم تتقدم بنا نحو المستقبل الذي ننشده جميعا. وأن مجمل ما انتقدته هو بعض السلوك الخاطئ الذي نخشى أن يسود لدى معظم أبناء الجنوب وقيادتهم... هذا والله من وراء القصد،،،.