العزيز فتحي بن لزرق الأكرم قرأت كلماتك وأنت تستجير من رمضاء الفساد، وتشكو من بطش أساطينه ، فكان لها في نفسي وقع ، وفي أذني دوي ، حتى تملكني شعور بالحمية ، ليس حمية الجاهلية التي قال عنها الصادق المصدوق : (ميراث الجاهلية تحت قدمي ) ولكنها حمية الحق فهي أسمى وأنبل من حمية الجاهلية التي فزعوا إليها ، فأن لاذوا بقراهم وقبائلهم الصغيرة ، فقد لذت بكنف الوطن ، الذي من أوى إليه خائفا آمنه ، ومن استجار به أجاره ، لذا فقد أسأوا أختيارهم جحر القبيلة مأوى لهم ، و أحسنت اختيار مآواك حين أخترت كنف الوطن . ثق لن يصلوا إليك ، فحصون الفساد وأن بدت منيعة فهي أوهى من بيت العنكبوت ، فمناعة جدرانها ستتهاوى ، وبنيانها سينهار بسرعة ، فصيحات الجموع الغاضبة وحدها كفيلة بتقويض أركانه ، كما أن أقدام الجماهير كفيلة بسحق حراسها تحت نعالها، وستضيق هذه الحصون عليهم بما رحبت ، ولن تأويهم غير السجون ، ولن تقبلهم غير الجحور خائفين مرعوبين ، تحاصرهم دعوات المظلومين ، وتطاردهم لعنات شعب مكلوم سلبوه حقه ، وصادروا كرامته . أخي العزيز أن كنت تشكي ضيق ذات يدك ، وأنك لاتملك سوى القلم ، وهم يملكون العتاد والعدة ، فثق أن القلم سينتصر ، فهو يستمد قدسيته من الله الذي اقسم به ، فالله عظيم ولايقسم إلا بعظيم ، فقدسية سلاحك مستمدة من الله ، وقوة سلاحهم مستمدة من جبروت الظلم والطغيان ، فلاتغرنك شجرة الشر وأن بدت دانية الأغصان وأرفة الظلال ، فجذورها في القشرة الأرضية لاتقوى على مواجهة أعاصير الغضب . أخي العزيز ، أن هددوك بالقتل فاعلم أن الآجال لايقضي بتنفيذها البشر ؛ ولكن الذي أجراها على رقاب العباد وحدة هو من يقضي بها ، فالموت والحياة وقفا عليه سبحانه، ولم يمنح هذه الصلاحية لأحد من البشر ، فأن قدر الله أن تنقضي أيامك وسط معركة التصدي للفاسدين الذين أكلوا لحم الشعب ، ومصوا دمه ، فقد فزت ورب الكعبة ، وسترتقي روحك إلى جوار خير من جوارك ، وإلى دار خير من دارك التي يتوعدون بحرقها ، وسيخلد التاريخ اسمك في أسفاره ، وسيجعل من موتك تاريخا يدون ، ومن مواقفك مآثرا تروى، ستتناقلها الأجيال جيلا بعد جيل . حفظ الله الوطن حرا مهابا ، والحرية والكرمة محفوظة مصونة .