مرت ثلاثة أشهر عجاف على معلمي محافظة أبين ، وجاء الشهر الرابع ليزيد المأساة على مساكين هذه المحافظة الذين لا يجدون إلا الراتب لإعالة أسرهم المنكوبة جراء الحروب التي تتناوب عليهم ، فكل شيء في أبين لا يبشر بخير ، كيف ستتحسن الأوضاع والمربي والمعلم بدون راتب ؟ أيعقل هذا ؟ ماذا سنقول لشوقي الذي طلب منا الوقوف لهذا المربي ؟ ماذا سنقول له لو قام متسائلاً هل مازلتم تبجلون المعلم ؟ هل سنقول له إننا نختبر صبر معلمينا وقدرتهم على التحمل ؟ ما علينا من شوقي وأوهامه وتخيلاته وتبجيله للمعلم ، فلنعد للراتب ، فبعد هذا الانقطاع للراتب الذي طال أمده جلس الأب ( المعلم ) مع أسرته يكسوهم الظلام بسبب انقطاع الكهرباء الذي تزامن مع انقطاع الراتب ، فطلب الأب من ابنه أن يولع التريك ، فتدخلت الأم قائلة لهم : اتركوه سنتعشا عليه ، وفرح الصغار بهذا القول فقد ضمنوا خصار العشاء ، وكانوا يتساءلون عن نوعية هذا الخصار ، فجاء العشاء ولم يأت الحبيب الغالي الخصار ، فتعالت الأصوات من هنا وهناك ، مطالبة بالخصار الذي وعدت به الأم ، فقال أصغرهم لأمه : كنت تقولين لنا خلوه سنتعشا عليه ، ففهم الأب ما هو الخصار المطلوب ، وأخذ التريك ووضعه بين الأكل وقال بغضب خصروا واتركوا قليلاً منه لمدير البنك ، فبكى الأولاد وناموا من غير عشاء .
وولعت الكهرباء وفرحت الأسرة بها ، فقامت الأم صوب الغسالة ونسيت الأسرة العشاء ، واستمرت الكهرباء قليلاً وانطفأت فعادت الأم تبحث عن الخصار ، أقصد التريك وجاءت رجلها في صحن العشاء وتطاير الخبز وسرحت ليلة الربوع على أم الأولاد ، بسبب خصار العشاء أعني التريك ، فمسكين هذا المعلم كل شيء عنده مقطوع ، فالراتب مقطوع والكهرباء مقطوع والماء من زمان مقطوع والشبكة مقطوعة والمعونات مقطوعة عنه ، لأنه معلم مرتاح ، وصوته مقطوع ، وكل شيء عنده مقطوع حتى حذاءه أعزكم الله مقطوعة ، وأمله في الراتب مقطوع ، فنسأل من الله أن يجعل خصار حكامنا تريك أبو ثلاث بطاريات .