الكل في الجنوب يطالب بعودة الدولة الجنوبية ولكن المشكلة تكمن في تعريف الدولة المطلوب عودتها ونظام الحكم فيها ..فهناك تيار يريد عودة الدولة الجنوبية برموزها الاشتراكيين الذين حكموا الجنوب بقوة الحديد والنار بعد سنة 67م وهناك من يريد عودة للدولة الجنوبية الفاشلة بزعامة علي سالم البيض فقط أي دولة ما بعد 13 يناير 86 إلى عام 90م وهناك من يريد عودة دولة الجنوب العربي برموزها السلاطين والأمراء والمشايخ أي حكومة اتحاد الجنوب العربي المدعومة بريطانيا ما قبل عام 67م. والحقيقة إن الإشكالية الجنوبية الكبرى تكمن في عدم تعريف نظام الحكم للدولة الجنوبية المنشودة مما جعل الأبواب مفتوحة لكل طرف يغرد على ليلاه باسم الجنوب واستعادة دولته الآمر الذي تسبب في فقدان الثقة بين الجنوبيين وجعل كل تيار يتوجس خيفتا من التيار الأخر حتى وان تظاهر الجميع بغير ذلك إلا أن بعض التصرفات الشاذة لهذا التيار أو ذاك تدل على الإصرار للمضي في فرض كل تيار لرويته وطموحاته ؛ ونعتقد بل نجزم إن سبب كل هذا التخبط الجنوبي يعود إلى غياب المشروع الوطني الواضح والصريح والمجمع عليه من كل أطياف العمل السياسي الجنوبي كما نجزم إن غياب المشروع الوطني عمل متعمد من هذه التيارات الحالمة بالاستحواذ على السلطة والتحكم منفردة بمصير الجنوب من جديد .فلو إن هذه التيارات صادقة مع نفسها ومع الشعب الجنوبي وحتى مع شعاراتها المعلنة لكان واجدة من البداية مشروع وطني يرسم نظام الحكم في الدولة الجنوبية القادمة حتى يطمأن له الجميع ويشاركوا في أدى وجباتهم بعد إن يعرفوا حقوقهم ..