ليست المرة الأولى التي تتم فيها محاصرة بيت اليافعي. فقد كاتت المرة الأولى في نهاية عام 65 أو بداية عام 66 م. كان ذلك إثر عملية إطلاق قذائف على قصر السلطان.( لا يزال بعض من شاركوا فيها أحياء). انطلقت القذائف من هذا البيت وإثرها قامت قوات الأمن التابعة للسلطنة بتطويق حارة مسجد الدولة. ولولا ستر الله على الشباب(حينها) الذين قاموا بتلك العملية لكانت إحدى القذائف التي انفجرت خطأً في الساقية المجاورة للمنزل قد أودت بحياتهم. وبعد الاستقلال دفع أحد أبناء اليافعي الثمن غالياً عن وطنيته لا تزال آثارها ظاهرة عليه حتي اليوم.
وفي فترة االحراك السلمي جرت أيضاً محاصرة المنزل من قبل قوات الأمن بحثاً عن أحد أبناء حسن اليافعي(أنس). كانت الأوامر باقتحام البيت والقبض عليه. ولأني(والده) وقفت في وجه الجندي الذين كان يصر على اقتحام المنزل، بعد أن أخبرتهم بأن أنس يلعب الكرة مع أقرانه في ملعب الثانوية، أمر قائد الحملة جنوده بإبقاء جنديين لحراسة المنزل واتجه بالبقية نحو المكان الذي يتواجد فيه أنس حيث تم إلقاء القبض عليه واحتجازه في مقر شرطة الحوطة.
في الحرب الثانية على الجنوب(مارس 2015 م) كان بيت اليافعي منطلقاً للهجمات التي يشنها شباب المقاومة، بمختلف أطيافهم، على القوات الغازية.
كان بيت اليافعي قلعة لصمود المقاومة الجنوبية من بداية الحرب وحتى انسحاب مقاتليها من الحوطة حاملين معهم جثة آخر شهيد سقط فجر ذلك اليوم(خالد الشلن). في 19 مايو 2016 م.
كان بيت اليافعي مخزناً لسلاحهم ومستوصفاً لعلاج جرحاهم ومرضاهم. بل ومأوىً لكثير من المفاتلين الذين غادرت أسرهم الحوطة. كانوا يأكلون( ما يتوفر من غذاء) ويشربون وينامون في بيت اليافعي.
وماحدث خلال الايام الماضية ، وتحديداً أثناء صلاة المغرب، من اقتحام لبيت اليافعي من قبل قوات لا ندري عن هويتها شيئاً إلا أنها جاءت تبحث عن سلاح ولتعتقل أنس.
أنس كان قد عاد لتوه من مقر شرطة المحافظة باعتباره أحد حراسات مدير أمن المحافظة السابق، وكان بإمكانهم استدعائه عبر المدير أو أحد القيادات المتواجدة في المكتب. وبالنسبة لقضية البحث عن أسلحة فقد كان بإمكانهم المجيء إلى البيت وأخذ الإذن، وبالتالي، قيامهم بمهمتهم على خير وجه. علماً بأنهم لم يجدوا سوى قطعتي سلاح شخصي آلي لا تعود ملكية إحداهما لأنس. كما وجدوا أيضاً دوشكا قديمة ومعطلة مرمية فوق سطح المنزل.
لقد أخبرني إبني (أنس) قبل مدة بأن جنود الحزام الأمني يتحرشون به في النقاط، وأنه سمع كذلك أنه مطلوب. وعندما سمعت منه ذلك طلبت منه أن يتأكد من أنه فعلاً مطلوب، وعندما يتحقق من ذلك فإن عليه تسليم نفسه لقوات الحزام الأمني. وفعلاً ذهب وعرض تسليم نفسه على صالح السيد الذي رده ولم يعتقله.
إنني كأب لأنس، ليس لدي مانع من اعتقاله إذا كانت عليه قضايا وأدلة. لكني لا أوافق، بل وأرفض تلك الطريقة المذلة التي تم اعتقاله بها. كما أرفض أيضاً عملية اقتحام البيت والعبث بمحتوياته بتلك الطريقة الهستيرية والهمجية.
لقد حدثت المداهمة والضرب في وجود نساء وأطفال أصابهم الخوف والهلع مما رأوه أمام أعينهم، بل ونالهم من التهديد والوعيد ما نالهم.
إن ما فعلته القوات (ماتسمى بالضاربة) بأنس وبالمنزل وأهله لا يندرح ضمن مكافحة الأرهاب، بل يزرعه ويعمق جذوره. كما أنه لا صلة لما فعلوه بالرجولة وأخلاق المحارب.