ذكرى الاستقلال ذكرى عظيمة وغالية على قلب كل وطني جنوبي, لما تحمله من دلالات سياسية هامة في تاريخ وحاضر ومستقبل شعب الجنوب الثائر التواق للاستقلال الثاني من براثن الاحتلال اليمني المتخلف . في مثل هذا اليوم من عام 1967 م عاد إلى عدن وفد الجبهة القومية المفاوض في جنيف والذي من ابرز المشاركين فيه كل من قحطان الشعبي وسيف الضالعي ومحمد احمد البيشي وعبد الفتاح إسماعيل , حيث كان في استقبالهم حشد كبير من شعب الجنوب تعبيرا عن فرحته بهذه المناسبة. فقد ألقى الرئيس قحطان الشعبي خطابا تاريخيا في الجماهير المحتشدة في أجواء مفعمة بالفرح ومشاعر الانتصار الذي أتى ثمرة لنضال 4 سنوات من الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني . إن الاستقلال حدث مفصلي تحولت فيه الجنوب من سلطنات ومشيخات إلى دولة واحدة بجغرافيا واحدة وهوية واحدة ورئيس واحد هو الرئيس الراحل قحطان محمد الشعبي رحمه الله . ويعد ذلك الانجاز معجزة إذا ما قارناه بحالنا اليوم وما نعيشه من تخبط وتشتت قد يقودنا نحو التمزق والتجزئة للأرض الجنوبية إلى ما كانت عليه قبل 1967 م . لقد عمل الاحتلال اليمني للجنوب منذ عام 1994م على تمزيق النسيج الاجتماعي للجنوب بكل ما أوتي من قوة من خلال إذكاء الثارات وجميع الصراعات القبلية والمناطقية والدينية للعودة بالجنوب إلى المربع الأول , فما يجري من تهيئة لتقسيم الجنوب عبر ما يسمى بالأقلمة يندرج في نفس هذا السيناريو الذي ظهرت بوادره ماثلة للعيان في حضرموت . وبالتالي على جميع الشرفاء والعقلاء في الجنوب اليقظة والحذر تجاه المستجدات والمتغيرات التي تحدث , والتصدي لأي محاولات من هذا النوع يراد منها إرغام شعب الجنوب على ما لا يحبه ويرضاه . ويعد الاحتفال بذكرى الاستقلال 30 نوفمبر من عام 1967 تجسيد لوحدة الجنوب ورفض تمزيقه , فإذا كانت ثورة 14 أكتوبر ضد الاستعمار البريطاني قد حولت الجنوب من كيانات متصارعة إلى دولة واحدة توجت بيوم الاستقلال فكيف يمكن لثورة الجنوب التحررية التي انطلقت في 2007م إن تحرر الجنوب وتجزئه إلى أقاليم لخدمة أطراف أخرى خارجية وداخلية ؟ إن الجواب على ذلك يعود إلى التخطيط والتنظيم وصدق النوايا لدى ثوار 14 أكتوبر , فلم تستطيع بريطانيا رغم كل محاولاتها وإمكانياتها إن تمنع ذلك ! فقد حاولت إن تشكل كيانات لكي تسلمها السلطة مثل اتحاد الجنوب العربي ولم تفلح , وحاولت إن تبحث عن أحزاب كحزب الرابطة لتسليمه مقاليد الأمور ولم تفلح وحاولت تسليم السلطة للجيش ولكنها وجدته مخترق من الجبهة القومية وبالتالي لا مجال لتسليم السلطة إلى للقوى المنظمة المسيطرة على الأرض المتمثلة بالتنظيم السياسي الجبهة القومية والمؤمنة بوحدة الجنوب الأرض والإنسان . فعلينا إن نفصل بين أداء هذا التنظيم في مرحلتي الثورة والدولة , فبرغم الأخطاء التي شابت عمل هذا التنظيم خلال فترة حكمه للجنوب إلا إن التاريخ يسجل في انصع صفحاته انه كان تنظيما سياسيا وثوريا دقيقا وناجحا قاد الثورة إلى بر الأمان , وقد وصف جورج شاكلتون رئيس الوفد البريطاني في جنيف حينها وفد الجبهة القومية المفاوض بأنهم رجال من العيار الثقيل بعكس ما كان يتوقع بأنهم مقاتلين قبليين لا علم لهم بالسياسة , فكانوا يستدلوا بالوثائق والبراهين عما يتحدثوا عنه . وبالتالي علينا الاستفادة من تجربة هذا التنظيم في بناء الحامل السياسي الجنوبي الذي دعا له قائد المقاومة الجنوبية - محافظ محافظة عدن عيدروس الزبيدي الذي ينبغي إن يرتكز على رؤية واضحة تمكنه من قيادة ثورة التحرير لنيل الاستقلال الثاني لجنوب موحد أفضل من ذي قبل , من المهرة شرقا إلى باب المندب غربا. وان يتم بناء هذا الحامل بعناصر مخلصة للوطن ذات كفاءة واقتدار فاعلة سياسيا وميدانيا من واقع السيطرة على الأرض . وما يجب إن نقوله وفقا لقناعتنا ودرايتنا عن الاستقلال الأول في ذكراه التاسعة والأربعون هو إن الاستقلال كان بمثابة خير وبركة لشعب الجنوب تحققت فيه الحرية وتحسنت فيه مستوى معيشة الشعب نحو الأفضل , وفتحت المدارس والمستشفيات وبنيت المصانع وشيدت الطرقات . وكانت فترة الرئيس الشهيد سالم ربيع علي (1969 – 1978م) هي الاجتياز الصعب والفترة التي وقفت الدولة الجنوبية الفتية جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية فيها على قدميها عسكريا وامنيا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا . آمالنا تتجدد وأحلامنا تتحقق إنشاء الله بتحقيق الاستقلال الثاني وبناء دولة جنوبية مدنية حديثة تحفظ لشعبها وأجيالها القادمة العزة والكرامة والتقدم والاستقرار تحية لشهداء الاستقلال الأول تحية لشهداء الحراك السلمي والمقاومة الجنوبية الذين ناضلوا من اجل تحقيق الاستقلال الثاني تحية لقادة الاستقلال لأول وفي مقدمتهم رئيس دولة الجنوب الرئيس قحطان الشعبي تحية لجميع وزراء حكومة الاستقلال الأول وإنها لثورة حتى النصر 29/نوفمبر /2016م