أسفاً لا يليق بماء عيناك يا امي يا ام الشهيد, اسفاً لا املك له عذر يليق بفداحة خسارتك, اسفاً مهزوم من رأسه الى قدميه, اسفاً فطر قلوبنا وجرح مآقينا يا ام الشهيد, والموت يشيعنا نعوشا في توابيت باسم الدفاع عن الشرعية! والموت يحجز لنا تذاكر اقامه دائمه باسم الدفاع عن اليمن! والموت يوزعنا في كل الاسقاع باسم الحرب ضد الطائفية! والموت يوعدنا بعوده وطن قد لا يوفر له حياه مواطن! والموت يتوعدنا بمزيد موت ان بقينا كفارا بكهنوت صاحبه القداسة ذات الخمسة وعشرين ربيعا الوحدة! ترى كيف كان وقع الخبر يا امي وهم يخبروك ان العريس اضحى شهيدا! ترى كيف صرختي صرخات قهرك الاولى! ترى كيف انتحبتي الما بعد ان ايقنتي رحيله الى الابد! ترى هل حالفك الحظ برؤيته ان بقى من جسده شيء! ترى هل حالفك الحظ برؤيه وجهه ان بقى من محياه شيء!
اخبريني يا امي فلقد شبعت موتا منذ ان عجزت عن التخيل والتصور امام شبح الموت الذي يحاصرنا من كل مكان ولا شغل لنا غير ان نحمل نعوشا ونستقبل نعوشا! اخبريني ما شعورك وقد اخبروك ان الشهيد لم يجدوا منه شيء بعد ان احاله الموت الى اشلاء!
آه يا امي كيف كانت الليلة الاولى وانتي ترين سريره الخالي! آه يا امي كيف اشتممتي قميصه وقبلتي اشيائه التي لن تريها عليه ابدا!
آه يا امي هل راق لك نوم هل غمض لك جفن هل استصغتي شربه من ماء او مضغتي لقمه من زاد!
آه هل سيجف دمعك وانتي ما زلتي تبكين وتتذكرين كل تفاصيل الشهيد يا ام الشهيد .. حديثه ضحكاته دخوله عليك ذهابا وايابا يخبرك ان موعد حصوله على اول راتب بات قريبا! وانتي تدعين له عديدآ ومديدا حين كنتي ترين وهج الامل في عيناه يزدان بالبريق البريء!
آه وقد وعدتي الشهيد بعروس العمر التي يحلم وتحلمين وانتي ترسمي له لوحه الفرح من قلب المعاناة! لا استطيع ان اخفف من احزانك لا استطيع ان ارجوك ان ترفقي بنفسك والحزن يعصف بك ويلفك ويستوطن قلبك وعقلك لا استطيع ان اتفوهه بكلمه امام محراب حزنك الكبير الذي لن يهزمه النسيان ولن تهزمه السنين! ولكن هل لي ان اشاركك حزنك المك دمعك فالحزن قد عم الديار حل على بيوتنا مساجدنا حاراتنا ومقابرنا! ونحن جميعا نلوك حديث الموت نأكله ويأكلنا كلما تناثرت اجساد شبابنا المقاتل في درب الصعب ونحن نبحث منذ عشرون عام عن مفرده اسمها الوطن! اتعلمين يا امي اننا نقتل منذ عقدين وقد مرسنا كل انواع الموت القاتل !
من الموت بكاتم الصوت الى الموت بالحزام الناسف! اعلم انني ارهقتك اشبعتك كلاما لا ولن يعيد لك الشهيد الذي اوجعك رحيله ياامي فعذريني فلست الا مواطن جنوبي مكلوما حزنا لا يملك الا الكلمات!!