نودع العام الميلادي 2016 ونحن نشاهد دول العالم وهي تخطو إلى الأمام بخطوات متسارعة نحو التجديد والتحديث والتطوير وتحقيق الانجازات العظيمة والرائعة في كل الميادين وتتنافس فيما بينها في تقديم ألاف الاختراعات والابتكارات والاكتشافات وبناء المشاريع العملاقة التي تخدم الانسان والحياة . ويصحو الملايين من الناس في هذه الدول كل يوم بمختلف أعمارهم وجنسياتهم وافكارهم وهوياتهم وثقافاتهم وتوجهاتهم لينطلقوا إلى مدارسهم ومصانعهم وجامعاتهم ومختلف أعمالهم في مسيرةٍ واحدةٍ وهدف واحد هو العمل والمشاركة في دفع دوران عجلة الحياة الي الامام والاسهام الفاعل في البناء والتنمية وخدمة المجتمع والوطن ليتحقق لهم بذلك الحصول علي مستقبل افضل وحياة ارغد يظللها التعاون والتعايش والسلام ويحدوها التفاؤل والامل والطموح ومع بداية العام الميلادي الجديد 2017 لازلنا نشاهد بعيون دامعة حال اليمنيين وهم لا زالوا يواصلون قتل بعضهم البعض في جبهات القتال وتحمل آلاف من سواعدهم الفتية بنادق الكلاشنكوف وقناصات البرجينيف ضد بعضهم البعض في مشهد يدمي القلب و يتكرر كل يوم في جميع الجبهات وتشرق فيه شمس كل يوم جديد على تدفق انهار من الدماء اليمنية الطاهرة لتستمر بذلك تلك المأساة المؤلمة الحزينة التي مات بسببها شعب وضاع منها وطن
قبل اندلاع هذه الحرب الظالمة في اليمن ورغم كل التحديات والصعوبات والعراقيل والمعوقات التي وجدت في مختلف مجالات الحياة بسبب الاضطرابات والأحداث السياسية والتي أصبحت سمة من سمات البيئة اليمنية منذ ذلك الحين الا انني مع بعض من زملائي في القطاع الخاص كنا مفرطين في الثقة والتفاؤل ونراهن على تجاوز تلك المرحلة الدقيقة بكل ما تحمله من انعكاساتها السلبية في خلال مدة وجيزة واستمرت مخيلتنا الواسعة واحلامنا الجميلة في رسم خطوط عريضة لمستقبل الوطن الوردي الواعد وأغرتنا في الاسترسال في الوهم جمال الصورة الهلامية الفاتنة التي رأيناها في اقتصاديات العالم المعاصر الذي احتكينا بدوله المتقدمة وارتبطنا في تعاملاته مع شركاته ومؤسساته وحلمنا في ان تتحول مجتمعاتنا من الواقع الذي نعيش فيه ونعاني منه الي التقلب مثله في رفاهية النعيم والتقدم والتنمية الاقتصادية.
ومع خيبة الامل التي حصدناها بعد اشتعال الحرب التي اكلت الاخضر واليابس تبخرت كل الأماني الحلوة الوردية وذهبت ادراج الرياح وتساقطت وانهارت جميع الاحلام والآمال التي رسمناها للمستقبل واصبحت جل أحلامنا وآمالنا تقتصر على استمرار الحفاظ على العيش على قيد الحياة والهروب من الموت المحقق مع التطلع بعيون دامعة ومنخفضة الى توقف شبح هذه الحرب الظالمة التي أهلكت الحرث والنسل ودفعنا فيها الكثير من الدماء والدموع والدمار بدون ذنب وتحملنا فيها شدة الكوارث والماسي والألآم وكنا ضحية بريئة لأقصى درجات الخوف والعذاب والمعاناة .
لقد خسر الوطن الكثير من ابنائه ومنجزاته وأحلامه وآماله وماضيه وحاضره ومستقبله وتاريخه وحضارته وثقافته ودينه وأخلاقه وتماسك نسيجه الاجتماعي بسبب الحرب والصراع بين الاخوة الفرقاء بل وسقط السواد الأعظم من اليمنيين أسيرا بين براثن الجوع والفقر والحرمان واتسعت الفجوة الغذائية وازدادت حدة انعدام الامن الغذائي لتشكل تهديد خطيرا لحياة ملايين من اليمنيين الذين اصبحت حياتهم ومعيشتهم تصنف تحت خط الفقر .ومن لم يمت في الوطن بصاروخ او قذيفة فانه يموت اما بالجوع والفقر او بالخوف والمعاناة.
ورغم اننا كقطاع خاص نجد ان مطالبنا المستمرة والملحة بطلب تحقيق السلام غير مسموعة لدى كل الأطراف الا إن احساسنا بالمسؤولية واحلامنا وآمالنا التي ضاعت ووميض الامل في الله عز وجل يجعلنا نجدد رفع اصواتنا مرة اخرى عالياً وبإلحاح بطلب توقف هذه الحرب الظالمة فورا والعودة الي الحوار والتفاهم بين كل الفرقاء وتقديم التنازلات المتبادلة من جميع الأطراف وترميم الشرخ واعادة لحمته واصلاح ذات البين والنظر بعين العطف والرحمة لحال الملايين من الناس وانقاذ المواطن من الموت المحقق وشدة المعاناة الناتجة عن واقع الأوضاع الكارثية التي نعيشها وإعادة بناء الوطن من جديد والتنبه لمخططات الاعداء والتذكير المستمر في ان الوطن هو الخاسر الأكبر من هذه الحرب والقتال والتناحر ومواصلة التنبيه والتذكير في ان استمرار هذه الحرب يتماشى ويخدم الرغبة الواضحة لبعض القوى الاستعمارية والأقطاب الدولية في استمرار هذه الحرب من اجل تحقيق مطامعها وأجندتها الاستعمارية ومصالحها الخاصة لتستمر بذلك اوضاعنا الداخلية مثل باقي البلاد العربية ومنطقة الشرق الأوسط التي تتفرد في العيش على ذلك الصفيح الساخن من الماسي والحروب والنزاعات وحالة عدم الاستقرار دون غيرها من دول العالم .