سألني أحدهم : " شوه الخبر؟ كل البيانات إدانة وتضامن مع صالح فريد، ونسيوا الجندي والمواطن اللي قتلوا العصر." أجبته بأنني أعتقد أن أحداً لم ينسَ ما حصل للجندي والمواطن من غدر وقتل، لكن المواطنين، وهذا رأيي الشخصي، كانوا واثقين من أن قوات الحزام الأمني ستكشف القتلة، وستتابعهم إلى أوكارهم، وذلك بتعاون المواطنين. وذلك كان ما حصل مع حالتي الاغتيال الأخيرتين اللتين جرتا في الحوطة، وتم بعدهما مباشرة التعرف على القتلة الذين لم يجدوا سبيلاً للنجاة(مؤقتاً) من القصاص سوى الهرب والتخفي. لقد تحقق ذلك لقوات الحزام بفضل تعاون المواطنين، وإن كان تعاونهم مع الأجهزة الأمنية في هذه المرحلة بشكل غير مباشر حرصاً منهم على سلامتهم وسلامة أهلهم من انتقام القتلة.
في رأيي الشخصي، أن المواطن في الحوطة يسير في طريقه نحو تحمل مسؤوليته ولعب دوره في حماية أمنه وأمن مدينته وأهله فيها. ذلك الدور الذي تعمدت سلطات الاحتلال اليمني على تجريده منه بطرق وأساليب كشفت تواطئها مع مرتكبي الاغتيالات السابقة.
وفي اعتقادي أيضاً، أن تركيز بيانات المواطنين ومنظمات المجتمع المدني في الحوطة وتبن على إدانة وشجب ما تعرض له عضو مجلس النواب من اعتداء وإهانة نابع من إحساس بأهمية وخطورة ما حصل على السلم الاجتماعي في مديريتيهم، كما ينبع من حرصهم على ممارسة دورهم الجديد في نقد وتقويم سلوك الجهاز الأمني وتوجيهه نحو ما ينفع الناس ويجنبه ما يؤذيهم، ويكسبه، بالتالي محبة والتفاف المواطنين حوله ودعمهم له.
لقد بدأ، ما يمكن أن نسميه، رأي عام شعبي يتشكل في لحج (الحوطة وتبن) الذي، في رأيي، سيسهم في تقييم وتغيير أي سلوك خاطىء يصدر عن أية جهة أو أفراد في المجتمع.
ذلك هو تفسيري للموقف المسؤول الذي تبناه مواطنو الحوطة وتبن مما جرى للأخ صالح علي فريد. ذلك الموقف، في رأيي، سوف يتكرر، بل وينبغي أن يتكرر وأن يكون مُرحباً به من قبل السلطة المحلية وأجهزتها الأمنية لكونه يشكل أحد مداميك الدولة المدنية التي ينشدها الكل والتي يكمن في قيامها حل مشاكلنا التي جعلها نظام الاحتلال اليمني تبدو مستعصية على الحل.
إنها لحج الجديدة، المتنورة، والمتحضرة تتخلق الآن في رحم المعاناة التي فُرِضت عليها طوال تلك الفترة المُظلمة التي مرت بها.
وعلى الجميع ألا يضيقوا بالآثار الجانبية والهامشية التي قد تنتج عن تعافيها، والتي قد تكون مؤلمة، طالما كانت وبقيت جانبية وهامشية.
علينا أن نتحمل ألام مخاضها إذا أردنا أن نستعيد روائها وفرحها.