وانت في هذه البلاد تستغرب كيف تدار الحياة فيها وكان لا احد يفكر او يخطط او يعمل على رسم سياسات مستقبلية قريبة او بعيدة المدى للبلد وتجد الكل غير عابه او مكترث بالنتائج السلبية التي ستعكس نفسها بكل تأكيد في المستقبل في ظل استمرار العمل دون دراسة وتخطيط .. ومن الشواهد الماثلة أمامنا اليوم والتي ممكن ان نستشف منها سياسة التخبط والعبث التي تدار بها البلاد والتي بدورها أوجدت أجواء غير سليمة للعمل وأفرزت مناخ غير ملائم للإبداع والتميز مس0لة معالجة البطالة ودمج وإستيعاب شباب المقاومة وإعادة بناء مؤسستي الجيش والامن .. فبعد ان رحلت مليشيات الحوثي وعفاش مدحورة من عدن كان لابد من قرارات تعالج الانفلات الامني و الفوضى التي عمت المدينة نتيجة تعدد تشكيلات المقاومة وعلى ذلك أصدر الرئيس هادي قرارا يقضي بدمج وإستيعاب شباب المقاومة الجنوبية في السلك العسكري والمدني وحل مشكلة الالآف من الشباب الذين اضطروا لحمل السلاح دفاعا عن الوطن. هذا القرار الذي أصدره الرئيس هادي كان ضرورة ملحة لإمتصاص حالة الغضب عند كثير من الشباب الذين وجدوا انفسهم بدون عمل او ممن تطوعوا للعمل بدون أجر او راتب لتأمين مؤسسات الدولة ومنشاءتها غير ان هذا القرار لم يتم تفعيله بالشكل المطلوب حيث تم الاكتفاء بالدمج في السلك العسكري فقط و اغفال الجانب المدني الذي كان سيؤدي نفس الغرض ولكن بطريقة افضل للبلد ولمستقبل شبابها.
جميعنا يعلم ان تسابق الشباب على التسجيل والالتحاق بالمعسكرات ليس حبا ورغبة في العسكره بل لايجاد عمل والحصول على راتب شهري ومصدر دخل دائم يستطيع الملتحق من خلاله مساعدة نفسه واسرته حتى ولو كان ذلك على حساب ميوله وطموحه في العمل او أتى متعارضا مع المؤهل العلمي الذي قضى سنوات من عمره بغيه اكتسابه.. هذا الإندفاع الكبير نحو اخراط الشباب في السلك العسكري دون إيجاد حالة من التوازن مع السلك المدني سوف يلقي بظلاله مستقبلا على نهوض البلد فمن غير المعقول و المنطقي ان يتحول جزء كبير من خريجي الجامعات العلمية و المعاهد الفنية ليجدوا انفسهم في مؤسستي الجيش والامن في ظل ان هذه الطاقات والقدرات لو تم تسخيرها في جوانبها المهنية ستقدم الكثير من العطاء وستكون محطة للابداع و التألق . عدن و المحافظات الجنوبية بالذات تحتاج لخيره شبابها في البناء والنهوض وينبغي ان يتم تفعيل قرار الرئيس بهذا الخصوص خصوصا ان اغفال هذا الجانب والإبقاء على الهامش البسيط المسموح به للتوظيف والتعاقد عند مدراء مرافق ومؤسسات ومكاتب الوزارات المدنية قد تسبب في خلق حساسيات و ظغاين و احقاد نظرا للتعامل بالمحسوبية او المعرفة ولو ان الدولة فكرت في تخصيص ما يساوي 10% من اجمالي المدمجمين في السلك العسكري لغطت به كل المقيديين في وزارة الخدمة المدنية والعمل منذ اكثر من عشر سنوات..
اننا وبهذه السياسات الغير مدروسة ندفن كثير من المواهب والطاقات في الوحل كما ان هذه الاخطاء لن تعفي الدولة من التزاماتها تجاه الكثير من الخريجيين والمؤهلين ممن لم يقتنعوا بفكره العمل والانخراط بالسلك العسكري والذين لازالوا ينتظروا دورهم في العمل المدني الذي يطمحوا من خلاله ان يكونوا شركاء فاعلين في البناء .