المساجد هي الأماكن التاريخية التي تقام فيها كل الشعائر الدينية من صلاة وعباده وقراءة للقرآن ومناسبات وفعاليات تنمي جيلا حافظا لكتاب الله وملتزما بتعاليم في خلاف كونها أماكن تاريخية عاصرت الكثير من الحقب الزمنية وشهد لها التاريخ وكانت مرجعا للعديد من العلماء والفقهاء والشيوخ للتعلم والاستفادة من الكتب الدينية والخطب الاجتماعية. إضافة إلى خطبة الجمعة التي ننتظرها للاستماع إليها وما فيها من أمثال وحكم وعبر وتوعية دينية شاملة تتماشى مع الواقع وتأثر بشكل كبير في نفوس الناس , ولا ننسى الدور الكبير التي تقوم به المساجد في شهر رمضان من إحياء للدين عن طريق أداء صلاة التراويح وعمل حلقات يومية ومسابقات رمضانية تنعش كل من يزورها أو يستمع إليها.
هي اليوم تفتقد لأبسط أدوارها في التوعية والتأثير بسبب الصراع الدائر في البلاد وتدخل السياسة في كل شيء حتى في الدين إضافة لعدم كفاءة الخطباء والأئمة ودخول البعض منهم دوامة التحزب والانتماءات التي أبعدتهم عن تأدية دورهم الحقيقي.
كانت لنا وقفة خاصة مع مجموعة من المواطنين للعبير عن اراءهم تجاه دور المساجد وما هي أسباب تراجعه وضعفة واعددنا التقرير التالي.
تقرير : دنيا حسين فرحان \ أحمد ماهر المساجد من أهم و أقدم المنابر الهادفة , التي سعت بكلف جهد لتوصيل كل الرسائل الهادفة للناس منذ القدم , و خاصاً في عهد الرسول عليه أفضل الصلاة و السلام والسبب في هذا يعود إلى قوة ارتباط الناس بالمساجد , و معرفة بأهمية الدور الذي يلعبه المساجد في توصيل الرسالة و مناقشة القضايا المجتمعية , فالمساجد لا يقتصر عمله على الخطب و الدروس الدينية , بل تلعب دوراً هاماً في مناقشة كل القضايا الاجتماعية و توعية الناس بكل أمور دنياهم, و هذا الذي كان موجود في السنوات الماضية , لكن سرعان ما اختفى هذا الدور الهام لعدة أسباب كانوا مشتركين في عملية التأثير على المساجد منها:
·عدم وجود الكفاءات العلمية , و أصحاب الفضيلة , حتى عملية تأهيل خطباء المساجد تقوم على حفظ كتاب الله , و بعض من الأحاديث النبوية , و لا تتوسع بتكملة الدراسات العلية في الأزهر الشريف أو بعض الجامعات العلمية , التي تدرس السيرة النبوية الصحيحة.
· ضعف دور مكتب الأوقاف , و عدم الاهتمام بالمساجد و الأئمة والاشراف عليهم بشكل مستمر.
·عدم وضع الأسس العلمية لاختيار الأئمة , و حتى إذا توفر هذه الأشياء , فأن الوضع الحالي الذي نعيشه في هذه الأيام يجعل كل أئمة المساجد في حالة سجن كامل عن الواقع ! فيكاد الأمام يخطب بالناس عن بعض الأمور العادية , و لا يتطرق إلى بعض القضايا المهم المجتمعية , و هذه يعود إلى الفوضى الحاصلة في البلد , و عدم توفر الأمن و الأمان ! و هذا ما جعل أكثر أئمة المساجد في حالة صمت كامل عن الواقع الأليم.
يتحدث أمام مسجد في مديرية دار سعد :
غاب دور المساجد في التوعية المجتمعية ! و مناقشة الأمور الحياتية و أصبحت خطبة الجمعة تتحدث في أمور إسلامية قديمة , و مكرره بشكل دائم , و لا نستطيع لوم أحد في ظل هذه الأوضاع. فمن يضمن سلامه حياته , في ظل وجود بعض الجمعات المتطرفة , و أيضاً في هذه الوضع فأي نقاش في الأمور المجتمعية , و السياسة يجعل الأمام معرض للمسألة القانونية , و قد يتم القبض عليه من بعض الأجهزة الأمنية , بحجة تعبئة الشعب و نشر الأفكار السلبية و المتطرفة , و تهيج الشارع , و هذا النظرة السلبية للأسف الشديد تعود لبعض ضعفاء النفوس , الذين يحاولون التجارة بالدين , و تسخير منابرهم للدعوة للأحزاب السياسة , أو للمنظمات الإرهابية المتطرفة , لهذا عجزنا عن حل مثل هذه التساؤلات , و وقفنا صامتين.
لكن نتمنى أن يتحسن الوضع الأمني , و يهتم وزارة الأوقاف بالمساجد بشكل دائم , فنحن داخل المساجد لا نستطيع حتى توفير مأطور لتشغيل الكهرباء , عند انقطاع التيار و إذا تم توفير المأطور لا نستطيع توفير مادة الديزل و الزيت إلا بمساهمات ذاتية من أبناء المسجد و نحاول تغطية دور وزارة الأوقاف و حتى دروس القرآن الكريم لا نستطيع أعطاهم للطلاب بسبب انقطاع التيار حتى نحن لا نستطيع تصليح أي خلل في شبكة المياه و الصرف الصحي للمسجد و هذا يعود بسبب عدم وجود ميزانية تشغليه للمساجد فكيف نناقش المشاكل الأساسية الحياتية و نتحدث فيها و نحن نعاني من كل هذا المشاكل في بيوت الله الذي لابد أن تكون من أهم الأماكن الذي تحضي باهتمام الدولة لكن لا نجد أذنا اهتمام و نحن نعمل بالإمكانيات البسيطة و العادية و ندعو الله أن يغير الحال و يصلح البلد و العباد و يعود دور المساجد للعمل من جديد و نتمنى أن لا يتحكم بالمساجد الأحزاب السياسية الذي لها مصالح و أهداف خاصة و نتمنى أن يكون المساجد جهة مستقلة مثل القضاء و تهتم الدولة بتأهيل أئمة المساجد بدورات حتى يصبحوا أصحاب كفاءات علمية.
الانتماء الحزبي يغلب ع الطابع الديني
تتكلم المواطنة ريم أحمد:
أصبح الانتماء الحزبي يغلب ع الطابع الديني في المساجد وكذا الخطب افتقدنا الإرشاد الصح وكلمة الحق و تعليم الدين الحنيف بطريقه الرسول صلى الله عليه وسلم . نجد المسجد الواحد ينقسم فيه الناس الى عده مذاهب وكل واحد يبحت عن غلطة لطرق للآخر نسوا اننا كلنا من دين واحد دين محمد عليه السلام . وإنما هم غلبت عليهم المصالح الدنيوية ونسوا الرسالة الربانية .
ونجد بعض الأئمة نماذج سيئة ولأهم قدوة للأبناء , وفي هذه المرحلة أصبح المسجد يصدر مفاهيم جديدة وفكر جديد لم نكن نعرفه من قبل وإنما أصبحوا يستغلوا الدين لأغراض شخصيه لهم, خيركم من تعلم القران وعلمه بشكله الصحيح كما ورد في الكتاب و السنة وليس ما يعلم ألان .
تجريف تراث المساجد وعشوائية الخطب الدينية :
يقول الصحفي سليم المعمري:
بالنسبة لدور المساجد يختلف كلا عن الآخر أي بالأصح كل أمام وخطيب حسب فكره والفصيلة الذي ينتمي إليه فالبعض يجيدون لغة العقل والمنطق والرجاحة في أداة الخطبة او الإرشاد فنجد كلامه له تأثير نفسي وروحاني يجذب عقول المستمع او الحاضر داخل المسجد. ومن اتجاه آخر هناك للأسف الشديد مساجد قليلة تصدر منها روائح الفتنة لأن أئمتها يتحدثون في الصراع السياسي ويناقشون جدلا بالأساس ليس لحاجة له لكون المجتمع مشبع بمثل هذه الإخبار المتعلق بالتفرقة "السياسة" عبر منصات شبكات التواصل الاجتماعي ولهذا عندما يتطرق الأمام أو الخطيب بمثل هذه الخطب فهنا يولد عنف ويفرز مناطقية وعنصرية.
بالنسبة للمساجد التي تم تغيير شكلها أو مظهرها التاريخي فهذا أمر مؤسف في ظل غياب دور الدولة ممثلة بوزارة الأوقاف والإرشاد التابع للحكومة الشرعية في ظل انتشار تغيير شكل المساجد بالتزامن ان عدن مشهودة لها عبر الزمن بالتعايش الديني والتنوع الفكري ولكن في هذا الفراغ التي يشق الوطن جعل للأسف الشديد مكتب أوقاف عدن يتصرف بتغيير أئمة المساجد التي لا تتناغم مع فكرتهم فقاموا بإعصار كبير يتعلق بهدم المساجد وتغيير الخطباء والأئمة.
فالمطلوب من الحكومة ممثلة بوزارة الأوقاف والإرشاد بضبط العشوائية الحاصلة في عدن من خلال تجريف تراث عدن المتعلق بالمساجد التي كانت تختزل عدة أفكار ومذاهب.
عدم توحيد المنهج الديني بخطبة وضعف دور المساجد التوعوي
يضيف الإعلامي رامي محمد الردفاني :
يجب أن يكون هناك خطب موحده عبر السلطة المحلية بالمحافظات تعطيها للمديريات أو المكتب المختص بالجانب الديني(مكتب الأوقاف) , توزع لكل المساجد وعدم الخروج عن النهج الموحد ومراقبة أي خطباء يخرجوا بكلام سياسي بعيد عن الدين وبعيد عن خدمة المجتمع.
دور المساجد حاليًا ليس بذلك الدور الذي نطمح له, فالمسجد يعتبر البيت الثاني للشاب، وللمسلم بصفة عامة، وهذا ما يجب مراجعة من الجميع؛ فلماذا بعض الشباب ينفرون اليوم من المساجد؟؟؟
بالنسبة خطب الجمعة فهي ذات مستوى متوسط، وهو ما عكس بالسلبية في مجتمعنا؛ فنرى الشباب الذين ينخرطون في الجماعات الإرهابية، ونرى المشاحنات بين الأخوين، ونرى التقاتل فيما بين المسلمين، ونرى الكراهية والحسد قد انتشرت بشكل مخيف، ونرى الفساد قد تفشا، ونرى الرشوة والسرقة بكثرة؛ وكلّ هذا لأن بعض الخطب لا تُحاكي الواقع ، ولا يكون مضمونها حساسًا، حيث يجب عليها أن تحث على زراعة بذور الود والمحبة والآخاء والسلام والأخوة بين عامة الناس .
وبالنسبة للمساجد التي دُمرت بفعل الحرب الأخيرة فهذا يستوجب وقفة من الجميع (وزارة الأوقاف، والدولة، وأئمة المساجد، ونحن كشعب) بإعادة النظر في هذه المساجد التي أصبح ركام الحرب يستوّلي عليها، ويحيط بها.
ورسالتي لبعض أئمة المساجد: أنتم تعلمون بأن موظف الدولة اليوم مُحبط ومنكسر من الأزمات التي تحدق به، والتي تكالبت عليه من جميع النواحي، وهنا يأتي دوركم المهم في زراعة بذور الصبر والتحمل في نفوس أبناء هذا الوطن، وفي كيفية التعامل مع هذه المواقف الصعبة.
انتهاك واهمال تتعرض له المساجد العريقة :
في الحرب الأخيرة على عدن كان للمساجد نصيب منها في الدمار والخراب فلم تسلم من قصف المليشيات الحوثية التي لم تراعي حرمة هذه الأماكن كونها دور للعبادة ورمزا دينيا للدولة فنجد عدة مساجد دمرت , ناهيك عن الانتهاك التي تعرضت له بعض المساجد من قبل جهات وأشخاص بحجة تغيير شكلها الخارجي الذي لطالما دل على عراقتها وقدمها التاريخي بالإضافة للإهمال التي تشهده بعض المساجد من عدم النظافة وتسرب لمياه الصرف الصحي وعدم وجود ميزانية لها تجعلها تقوم بعمليات الترميم والاصلاحات لذلك نوجه رسالة لمكتب الاوقاف في عدن ووزارة الاوقاف والقائمين عليها والحكومة أن تلتفت الى المساجد وتعطيها حقها من الاهتمام والرعاية الكاملة لما لدورها أهمية في الخروج من نفق الأزمات المتكررة وتثبيت النفوس والتخلص من الفتن التي تدس نتيجة الحرب والصراعات.