يحلم الشعب بوطن خالي من الفساد مشبع بالنزاهة والشفافية ولكن ذلك الحلم الجميل يصتطدم بواقع مؤلم وبائس غارق في الفساد . وكأن الحلم الجميل بمكافحة الفساد سراب في صحراء قاحله ما ان تقترب منه حتى يتلاشى .
الخطورة هنا ليس فقط في الفساد بل في سراب اسمه مكافحة الفساد كون هذا السراب يقتل فينا الأمل ويوجعنا بألم .
كما يقتل السراب الانسان التائه العاطش في الصحراء الذي يلاحق وهم بصوره ماء بارد وعذب او واحه خضراء ويظل في التقفز والملاحقة حتى يغرق في رمال الصحراء عاطش وبائس بحلم يتحول الى سراب .
كذلك واقعنا في وطني مع الفساد ومكافحته .
جميع الاطراف تصرخ وتنادي بمكافحة الفساد وانه اولويه قصوى ولكن في الواقع لانجد اي شيء ملموس سوى الغرق في مستنقع الفساد والموت غرقاً في رماله .
مكافحة الفساد لاتحتاج فقط الى استراتيجيات طويلة المدى ووصفات مستعصية .
مكافحة الفساد يحتاج فقط لتشخيص حقيقي وصادق لمكامن واسباب الفساد ومعالجة صحيحة لاستئصاله والفساد في وطني لم يعد مختفي تحت الظلال بل اصبح واضح والجميع يعرفه ويلمسه وبالامكان ان يقوم طفل صغير في وطني من اقصى الريف بالادلاء بالمعلومات المتعدده عن الفساد ومكامنه والمعالجات الممكنه لاستئصاله.
فهل نستمع لصوت الشعب ونوقف تغول الفساد في وطني؟ ام نستمر في ملاحقة سراب بائس. كما ان مكافحة الفساد يحتاج ايضاً الى ارادة حقيقية تقتلعه من داخل قلوبنا وارواحنا قبل ان نقتلعة من مؤسسات واجهزة الدولة . ارادة صادقة وحقيقية توقف اسطوانة مشروخة يتسلل منها وباء الفساد الى وطني هذه الارادة الصادقة التي توقف وتحطم اخطر واكبر بوابة لتسلل الفساد وهو تبرير الفساد.
نعم الجميع يطلق تصريحات نارية بوجوبية مكافحة الفساد بشكل عام وعند التفاصيل يكمن الشيطان
عند تفصيل اختلالات وفساد اي مؤسسة ايرادية او خدمية تحت ادارة هذا الطرف او ذاك يبدأ سيل وطوفان كبير من التبريرات باهمية استمرارية الفساد ومخاطر اقتلاعه وتخوين ومحاولات اسكات اي صوت يندد بالفساد او حتى يتعاطف مع مكافحة الفساد هذا الطوفان الخطير من تبريرات استمرارية الفساد لايقتلع فقط حلم جميل وسراب رائع بل يقتلع اعز شيء لقلوبنا وهو الوطن. للاسف الشديد مازال الفساد يعشعش في وطني ويبدد سراب أمل في مكافحته.
تكتيم كبير لجميع المعلومات والارقام المالية للايرادات والمصروفات العامة المركزية والمحلية في جميع المحافظات والمناطق وانهيار مريع لخدمات مؤسسات الدوله.
يجب ان يتم تعزيز الشفافية الشاملة والمطلقة للافصاح عن كافة الايرادات والمصروفات العامة دون اي استثناء او تبريرليعرف الشعب اين تذهب امواله ويوقف اي عبث فيها .
الشخص العادي عندما يقوم باخذ مبلغ مالي الى جيبه ويذهب الى السوق للتسوق دون ان يحدد المبلغ المالي الذي في جيبه ولم يحدد الاحتياجات المطلوب شراؤها سيعود الى المنزل وقد استنفذ كامل المبلغ لشراء اشياء لم يكن في حاجه اليها ولم يقم بشراء الاحتياجات المطلوبة رغم انه ايضاً استدان مبالغ اخرى لشراء الاحتياجات المطلوبة.
وكذلك الايرادات والمصروفات العامة للدولة مالم يتم كتابتها واعلانها للجميع وتعزيز الشفافية الشاملة لها فان معظم الايرادات العامة ستنحرف لتحقيق مصالح شخصية وستذوب وتختفي في مستنقع الفساد وهذا مايستوجب مكافحة الفساد بالشفافية .
الاخطر من هذا كله ان مكافحة الفساد في وطني اصبح مصطلح للمزايده وكل طرف يحمل الطرف الاخر الفساد ويطالب الاخر بمكافحته والمفترض ان يقوم كل طرف بالشروع الفعلي والملوس لمكافحة الفساد واعلان ذلك للجميع دون استثناء وان تكون تصريحات مكافحة الفساد مقرونه باجراءات ملموسة يلمسها المواطن في الواقع لافي الاحلام والسراب فقط.
جميع الاطراف في وطني ترحب وتهلل بعبارات مكافحة الفساد اذا لم توجه اليهم سبابه الاتهام واذا ما وجهت سبابه الاتهام نحوهم يتحول الى مارد خطير ينكر ويتنكر للفساد وفي الحد الاقصى منه يبرر الفساد.
يجب ان يتم معالجة الحساسية من مكافحة الفساد وان يبدأ الجميع بالاستماع الى صوت الشعب بايقاف الفساد واول خطوات ذلك هو بالاعتراف الصريح والواضح بالفساد وانه وباء خطير ويستوجب توقيفه واستئصاله دون اي استثناء او تبرير.
وبدلاً من ان يتم تعليق المشانق لخنق حرية الشعب في انتقاد الفساد والمطالبة بمكافحتة يجب ان تفتح كافة المكاتب لاستقبال بلاغات وشكاوى المواطنين واعتبار اي نشر او اعلان او تصريح او حتى جمله بسيطة في وسائل التواصل الاجتماعي او الصحف او المجلات او اي وسيلة من وسائل التواصل العامة او الخاصة اعتبار كل ذلك بلاغ رسمي يستلزم على الجهه المختصة بذلك الموضوع الرد الصريح وبالارقام والكشوفات اللازمة عن ذلك ولانعني هنا فقط التبرير والانكار بل حتى الاعتراف بصحة ذلك ان كان صحيح فالاعتراف بالحق فضيلة والاستمرار في الخطأ رذيله.
لايمكن ان يتوقف الفساد فقط باسكات الشعب وتكميم الافواة عن الكلام عن الفساد وكشفه وانتقادة بل بالعكس يتوقف الفساد بافساح المجال واسعاً لجميع افراد الشعب ليتكلموا ليصرخوا عن الفساد وينتقدوه ليتعرى الفساد وتسقط الاقنعه وينكشف الفساد وبانكشافة تبدأ الخطوة الهامة لاقتلاعه . يجب ان يتم منح جميع من يتقدم ببلاغ او شكوى او يتكلم عن فساد حصانه من اي ايذاء او اعتداء سواء كانت تلك المعلومات او البلاغات صحيحة او خاطئة .
باعتباره يقوم بعمل وطني لكشف الفساد ان كان ذلك حقيقة او لتوضيح الحقيقه للشعب من قبل الجهات المختصه ان كان هناك فهم او معلومات خاطئة وفي كلتا الحالتين هناك مصلحة تتحقق للجميع وان لاتظل البلاغات والشكاوى والمعلومات عن الفساد تحتقن في قلوب الشعب.
كما ان هناك دور اساسي للاجهزة الرقابية الرسمية واجهزة مكافحة الفساد لتعزيز الشفافية بالخروج من قمقم السرية لوقائع الفساد واخراجها للشعب ليعرف الشعب من الفاسد واين الفساد ؟ وهذا الدور الايجابي الذي بادرت اليه الرقابة الشعبية بالنشر عن وقائع الفساد واحالتها الى الجهات المختصه المتمثل في النيابة العامة والجهات القضائية المختصة للتحقيق واستكمال الاجراءات القانونية بصددها .
والذي مازال يحدونا الامل ان تقوم جميع الاجهزة الرقابية الرسمية وجميع اجهزة ومؤسسات الدولة بلا استثناء بتعزيز الشفافية في اعمالها ليعرف الشعب اين نجحت واين اخفقت وماهي المعوقات التي تعتريها والذي لايمكن ان يعرف الشعب بهامالم يتم اعلان ونشر وقائع الفساد لجميع الشعب.
نعم الشفافية المطلقة للايرادات والمصروفات العامة للدولة وكذا وقائع الفساد صخرة كبيرة يتحطم الفساد عليها ان تم تفعيلها دون استثناء.
يجب ان يتم خلع اقفال السرية عن وقائع الفساد في جميع محافظات ومناطق الوطن بلا استثناء والحيلوله دون وضع اي اقفال لاخفاؤها فالفساد تفشى ولايمكن ايقافة الا بالشفافية والاعلان . وفي الأخير :
امل ان يتم ايقاف تغول وتفشي الفساد في وطني الذي أكل الاخضر واليابس وتبددت نتيجته ايرادات وامكانيات الوطن لتحقيق مصالح شخصية ضيقة والذي لايمكن توقيفه مالم يتم كسر الاسطوانة المشروخة لاستمرارية الفساد تحت قناع طوفان المبررات لاستمراريته بالرغم من انه لايوجد اي مبرر لاستمرار الفساد بل ان تلك التبريرات هي ايضاً فساد للارادة الوطنية لاقتلاع الفساد والذي نأمل ان تتوقف التبريرات وتستبدل بالشفافية المطلقة لجميع الايرادات والمصروفات العامة دون استثناء وان تقوم جميع الجهات المختصة بدورها الدستوري والقانوني لتوضيح المعلومات والحقائق والارقام لجميع الشعب عن اي وقائع فساد مشتبهه لتوقيف الفساد ان كان حقيقة او لتصحيح المفاهيم والمعلومات الخاطئة ان كان غير ذلك وان يفسح المجال للشعب بان يصرخ ويصيح وينتقد الفساد بحرية مطلقة فهذا حق له وواجب الدولة ان تحميه وتوضح صحة ذلك من عدمه حتى لايتحول مكافحة الفساد في وطني من حلم جميل الى سراب مؤلم