لم أكن أعرف الرجل عن (كثب) ،ولم تجمعني به الصدفة من قبل، ولم أسع أنا لذلك رغم لهفتي الجامحة لسبر أغوار الرجل وما يحمله في (جعبته) للمحافظة التي يمكننا أن نسميها (منكوبة) إقتصادياً ومعيشياً وصحياً وحتى مجتمعياً.. ولكن حين (سنحت) الفرصة بذلك شمرت مع (نخبة) من إعلامي المحافظة الذين أستدعاهم المحافظ في الذكرى الثالثة لتحرير المحافظة من مليشيا الحوثي والمخلوع في العام2015م، وحرصت في هذه الفرصة أن أتعمق بين ثنايا (الرجل) وأن أقرأ مابين سطوره وكلماته وحتى (سكناته) وهمساته، فكان الصمت سيد الموقف، فالصمت في (حرم) الجمال جمال.. فكانت كلماته شفافة،بسيطة، سهلة، مرنة، لاتكلف فيها، لاتصنّع،كلمات نابعة من أعماق المعاناة،ومن جوفه المترع بهموم وآلام هذه المحافظة وأهلها الذي عصرتهم المآسي والهموم، وطحنتهم (رحى) الحرب المتتالية على هذه المحافظة... حملت كلماته هماً بحجم (جغرافيا) المحافظة،والماً بقدر رقعتها،ووجعاً بقدر كل هذه الفوضى التي تحدث فيها هناء وهناك، وبقدر تلك المؤامرات الدنيئة التي (تُحاك) ضد المحافظة ممن يريدون لها أن تظل مسرحاً للحرب وللدمار وللدماء، وساحة (يصفي) فيها المتناكفون (سياسياً) حساباتهم.. كان صادقاً..صريحاً في كل كلماته التي لم يتصنعها،ولم يتكلفها، أو يحاول أن (يتفنن) في إلقائها ليقنعنا،بل كان يتحدث حديثاً مرناً، رقراقاً، سرى دون إستئذان إلى شغاف القلوب ليحط رحاله فيها بكل سهولة ويسر،ولعل صدق هذه الكلمات والمشاعر هو من جعلها تنفذ إلى بين (ثنايا) النفس، و(حنايا) الروح.. كان (همّ) أن تنعم المحافظة بالأمن والأمان، وأن ينعم أهلها ببعض مايتمنون،وأن يحظوا ببعض مايشتهون هم (شغله) الشاغل، وهو الغاية والهدف التي يتمنى أن يحققها حتى وإن كلفه ذلك روحه،ودماء (شرايينه).. هو يدرك تماماً أن (أبين) تنزف دماً، وتتوجع ألماً، وتبكي حزناً، ولعل هذا ماجعله يحمل (كفنه) على (كفه) ليكون ذلك (ثمناً) كي يتوقف نزيفها،ويبرأ وجعها، ويجف دمعها، وكما قال هو حياته لن تكون أغلى من (تربة) محافظته.. فحرياً بكل (أبينياً)شريفاً، نظيفاً غير (ملوثاً) ببكترياء (العمالة) والخيانة والولاءات الضيقة أن يكون (عوناً) لهذا الرجل وأن يقف إلى جانبه، وأن يكون (يده) التي يبني بها، و (عينه) التي يسهر بها لحمايتنا، و (قلبه) الذي يحمل حب وعشق هذه المحافظة التي أقل مايمكن أن نسميها (بمصنع) الرجال.. لزاماً على كل (أبيني) غيوراً يحمل بين (جنبيه) ضميراً ومبادئ واخلاق وآدمية ومخافة من الله أن يسعى لأن (يلملم) شتات هذه المحافظة وتناثرها،وأن يضمد جراحها، وأن يمسح دموعها، وأن يخفف وجعها، وأن يكونوا كالبنيان (المرصوص) يشد بعضه بعض، و (كالجسد) الواحد إذا أشتكى منه عضواً تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.. الرجل وضع النقاط على الحروف،وجعل من نفسه كتابٌ مفتوح،على أمل أن يقراء الخيرون مايحمله بين جنباته وبين جوانحه،وأن يسعى الكل لمساندته والوقوف إلى جانبه للنهوض بالمحافظة أمنياً وتنموياً وإقتصادياً ومعيشياً،فهو يحمل مشروع وحلم أن ترتقي محافظته وتخرج من دائرة الفوضى والعبثية والهمجية.. فكونوا عوناً له،وكونوا سنداً له، فلن ترتقي المحافظة ولن تتطور إلا بتظافر الجميع وبجهود الجميع وبتعاون الجميع، وإن ظل كل شخص يغني على (ليلاه)، ويغرد خارج السرب فقولوا على أبين..