كم من المآسي والكوارث قد طالت أفئدة وأنفس .. وكم من الدموع قد ذرفت لتحيل حياتنا ظلمة وسوادا مخيفا وكم من الآهات والأنين يطلقها عبر المسافات وألم المعاناة وكم من الدماء قد أريقت لتقتل البسمة على الشفاه – نهار بعيد وقهر مميت وخراب مريع يغتال لغة كل حالم بغد أخر غير. وها نحن نرى الفساد يجتاح كل شيء- ولكم في الفساد أشكالا وألوان متعددة – تجده في كل ركن وزاوية ودار بسط اذرعه فصار لغة العصر في زمن الانبطاح والهرولة نحو عالم مجهول- فديناصورات الفساد يمرحون ويرقصون على الأشلاء – ويمزقون نسيجنا الجامع و يهيلون بهذا نهب طال حتى المصارف والبنوك لم يتركوا لنا مجالا ولا أروقه أو زاوية نشم رائحة النسيم وسمموا كل شبر وغاصوا في دهاليز وكرهم إفسادا كأنة واقع حتمي معلوم.. يرون أنفسهم أبطالا لفيروس أكل الأخضر واليابس ومزق الأوراق وبعثر أحلام البؤساء وصار في زمن قابلا وناهبا وبلا ناموس. يرفع راية النهب كأنه بطلا من أبطال نيرون وتجار الوعي وأرباب الهوى كعاري بلا جلباب أو ستار أو عار يكفن أدرانه ونتانة فعله المعلوم ثار الفساد في بلدي بطولة .. يفخر بها كل ناهب وجائر في فلكه سايرون .. يزدادون توحشا.. ويزداد دعارة قبحهم كأنهم جردان عصرنا المنكوب .. هكذا يعيش الفساد في بلدي .. ولكم في الفساد دوما أشكالا وألوان.. تحرسه قذارة الفكر ودهاه العهر – وملاك كل سارية في عالمها عار ولعنه سرمدية نارها جمرا في الباد هم يستعرون..