لسنوات عديدة ظل أبناء الجنوب يحلمون بالتحرير والاستقلال من براثن الحكم العفاشي المستبد والمتسلط ويسعون جاهدين بتقديم التضحيات الجسيمة من فلذات الاكباد وكل غالي ونفيس لديهم من غير تردد او شك ،لتحقيق ذلك الحلم ولان الوطن يستحق ان تبذل له الارواح والمُهج فهو "شجرة طيبة لا تنمو الا في تربة التضحيات وتسقى بالعرق والدم" . بالرغم من كل الظروف القاهرة التي مر بها الجنوب وأبناءه، وبالرغم من الانعدام التام للإمكانيات التي تدعم خياراتهم في إعلاء صوتهم والتصدي لقوى الهيمنة والاستبداد التي يديرها صالح واعوانه، الا ان الجنوبيين كانوا يملكون في أنفسهم عقيدة لا يخالطها شك في قضيتهم العادلة ،وايمان يتجاوز اليقين في الحق الذي يسعون اليه ولعل العامل الأساسي والرهان الاكبر الذي يستمدون منه قوتهم هو مدى تلاحمهم وترابطهم واعتمادهم المطلق على انفسهم، بعد ان خذلهم كل المحيطين بهم.
في تلك السنوات المريرة من النضال وتحديداً من العام 2007م وحتى العام 2015م كان التوجه واضح والهدف جلي امامنا ولولا انسياقنا التام خلف عواطفنا الساذجة في تقديس الاصنام المتحجرة من الذين وصفناهم في يوم من الايام بالقيادات الذين آثرو اهوائهم الشخصية ومشاريعهم الذاتية على خيارات الوطن لكُنا انجزنا الكثير في طريق التحرر والاستقلال ولكان في مقدورنا القبول او الرفض للدور الذي رُسم لنا في هذه الحرب القذرة وكان في استطاعتنا رسم ملامح واقعنا بعد هذه الحرب المشئومة .
ما الذي تحقق والى اين صرنا؟
بعد كل التضحيات العظيمة والمؤلمة والتي توجناها بقوافل من الشهداء والجرحى في تحرير الجنوب من الانقلابيين وقوات صالح، نستفيق فجأة على كابوس مزعج فنحن في الحقيقة لم نتحرر والوطن لم يتطهر وجرحنا صار اعمق واكبر،،كل هذا لسبب بسيط وهو اننا رضينا ان نلعب دوراً في هذه الحرب ونتقمص شخصية لا تناسبنا ويا للاسف ادركنا ذلك متاخراً، فنحن لم نكن سوى (كوبري)تمر عليه المخططات وساحة لتصفية الحسابات وحسم الصراعات،والنتيجة القاسية والمؤلمة اننا صرنا هامشٌ في صفحة الصراع الدائر.