يعلم الكل أن ما من شيء يأتي في هذه المعمورة إلا بالتضحية والإقدام والشجاعة والإستبسال والتضحية بالغالي والنفيس من أجل بلوغ المرام والوصول إلى الغاية المنشودة حتى وأن أخذ ذلك دهرا من الزمان وجبال من التضحيات. يعلم الكل أن تورة الجنوب منذ أن قامت في العام2007م وهي تقدم قوافل من الشهداء الذين ضحوا بحياتهم ووهبوا أرواحهم ودمائهم رخصية مقابل إيمانهم المطلق بقضيتهم العادلة في سبيل أن ينال وطنهم الحرية والإستقلال وإستعادة سيادته. شباب وأطفال وشيوخ ونساء أرتوت أرض الجنوب من دمائهم وأكتست سماءه بأرواحهم وعزفت على المقابر أجمل الألحان وأعذب الكلمات وأنبتت من جوفها المترع بالمآسي والأهات والأنات رجالا صناديد لا يهابون الموت ولا يخافون أنفاسه الساخنة وأصواته المخيفة,يتسابقون على الشهادة وأحتضان (الموت) وتقديم أرواحهم فداء لوطنهم الجنوب.. شهداء لم يبحثوا في تضحياتهم عن مكانة أو غاية بل كان يراودهم حلم التحرر والإستقلال والذود عن الارض والعرض والدفاع عن هذا الوطن الذي تكالبت عليه المحن و(تناوحته) المشاكل وتأرجح بين أكف من يدعون الوصاية على الوطن وأحقيتهم في قيادة سفينة نحو بر الأمان وبين من (يمتصون) خيراته وينهبون ثرواته تحت مسمى القيادة والمسئولية والمكانة وهم في الحقيقة يميلون حيث الريح تميل ويتلونون كالحرباء ويسعون لتحقيق غاياتهم وأهدافهم ومآربهم. شهداء الجنوب قناديل أضاءت دياجير ليلنا وبددت ظلمات غياهبنا دون أن ينتظروا أن يسمعوا ثناء أو إطراء أو مديح أو تبجيل أو تمجيد او تقديس من أحد ولم يبحثوا يوما عن شهرة أو جاة أو سلطان فقد كانوا عازمين على المضي قدما في طريق التحرر ونيل الإستقلال والتضحية من أجل الوطن الذي لايغلى عليه دم أو روح أو مال,كانوا عازمين على أحد الحسنيين أما النصر أو الشهادة,فكانت الشهادة معمدة بالدمم الذي خط على تراب الوطن الغالي أجمل الكلمات وأصدق العبارات وأنبل المشاعر,خط عن صدق هؤلاء الذين ترفعوا عن صغائر الأمور وسفاسفها وعلو بصدقهم وإخلاصهم في سماء الوطن الذي شهد لهم فيه كل شبر ساروا فيه وكل شارع رابطوا فيه وكل مكان التحفوا سماءه وأفترشوا ترابه دون أن تحن أجسادهم (للذة) السرائر أو تشتاق أمعاهم للقمة الخبز. شهداء خرجوا وهم مدركين أنهم ملاقوا ربهم حينما صدقوا في نواياهم وأخلصوا في أعمالهم وحملوا أكفانهم على ( أكفهم ) لاينشدون العودة إلى ديارهم وأهليهم إلا وهم يحملون رايات النصر ويرقصون على أنغام الفرحة والتحرر والنصر الذي سيصنع لأبناء وطنهم والأجيال المتعاقبة مستقبلا ناصع وضاء لا يذوقون فيه مرارة الحرمان وقسوة الزمان وظنك الحياة..