اليمن بين الانقسام والبحث عن طريق النجاة    برنامج الأغذية يقلّص مستفيدي المساعدات الانسانية في مناطق الحكومة    برنامج الأغذية يقلّص مستفيدي المساعدات الانسانية في مناطق الحكومة    بريطانيا واليونان تتفقان على تعزيز الأمن البحري قرب السواحل اليمنية    الأمم المتحدة تحث مجموعة العشرين على استخدام نفوذها لإنهاء النزاعات في اليمن    الصحفي والمناضل الوطني الراحل الدكتور عبدالعزيز السقّاف    صنعاء.. الجزائية المتخصصة تحكم بإعدام وسجن قرابة 20 متهمًا في قضية التجسس    الدوري الالماني: اينتراخت يقلب تأخره الى فوز على كولن    مليشيا الحوثي تغلق مركزاً لتحفيظ القرآن وتحوله إلى سكن لأحد قياداتها    اللجنة الوطنية توثق 5,700 ضحية من الأطفال خلال سنوات الحرب    مغردون: #خطر_حزب_الاصلاح يهدد أمن الجنوب والمنطقة ويسعى لإرباك المشهد عبر استغلال الأزمات    الاطلاع على أعمال ترميم وصيانة جامع معاذ بن جبل التاريخي في تعز    شرطة السير بعدن تدشّن التشغيل التجريبي للإشارات الضوئية في جولة القاهرة    برشلونة يحتفل بالعودة إلى "كامب نو" بفوز عريض على بلباو    نكف قبلي لقبائل الرضمة في إب تأكيدًا على النفير العام والجهوزية    تدّشين أنشطة الدورة الثانية لجائزة جامعة صعدة للإبداع والبحث العلمي    راتب المعلم... جريمة وطنية تهدّد المستقبل    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 69,733 شهيدا و 170,863 مصابا    هيئة أسر الشهداء تُنفذ مشاريع تمكين اقتصادي بنصف مليار ريال    الكثيري يبحث مع وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية صالح محمود سُبل تعزيز التنسيق وتطوير الأداء بحضرموت    الكثيري يترأس لقاءً موسعًا بقيادات انتقالي حضرموت للتحضير لفعالية سيئون الكبرى    لملس يبحث في فرنسا فرص الاستثمار في ميناء عدن    ترتيبات لإقامة بطولة كأس الشركات الأولى لكرة القدم السباعية    ظهور "غير اخلاقي" بقناة للمرتزق طارق عفاش يثير عاصفة جدل    الرئيس الإيراني يوجّه بحذف أربعة أصفار من الريال    المنتخب الوطني للناشئين يفوز على قيرغيزستان بهدفين في تصفيات كأس اسيا    اجتماع بصنعاء يقر عددا من المعالجات لأوضاع قطاع الملبوسات    جرحى تعز يواصلون احتجاجاتهم للمطالبة بالعلاج وصرف مستحقاتهم المتأخرة    إب .. اندلاع اشتباك بين مجموعتين مسلحتين إثر محاولة ابتزاز مغترب    قراءة تحليلية لنص "فرار وقت صلاة المغرب" ل"أحمد سيف حاشد"    الدوحة تفتتح مهرجانها السينمائي بفيلم فلسطيني مؤثر    الكاتب والمثقف والصحفي القدير الأستاذ أحمد عبدالرحمن    متوسط أسعار الذهب في صنعاء وعدن السبت 22 نوفمبر/تشرين ثاني 2025    العليمي يلتهم أهم وأكبر قطاعات نفط شبوة وحضرموت (وثائق)    صهيونيّ يتحدّى الجولاني: احتفال واحد لفلسطين يكفي لفضحكم    وزير الصحة يوجه برفع مستوى التأهب الوطني لمواجهة فيروس "ماربورغ"    مصر تعتمد مركبة بديلة عن "التوك توك" في المناطق الشعبية    سيدات الجيش المغربي يتوجن بلقب دوري الأبطال    بالقاتل.. البرازيل تعصف بأحلام المغرب    قائمة مرشحي الكرة الذهبية 2026 تكشف مفاجآت مبكرة    حديقة عدن مول تتحول إلى مساحة وعي... فعالية توعوية لكسر الصمت حول مرض الصرع    وزارة النفط: مرحلة سوداء صنعت الانهيار في الجنوب (وثيقة)    طائرة شباب القطن تحلق فوق سيئون وتتأهل إلى نهائي البطولة التنشيطية الثانية لأندية حضرموت الوادي والصحراء    مركز عين الإنسانية يدين جريمة الجيش السعودي بحق المواطنين في صعدة    اسبوع مجاني لمرضى السكري بصنعاء    طنين الأذن واضطرابات النوم.. حلقة مفرغة يكشفها العلم    كاتب أمريكي: الهجمات الصاروخية اليمنية على منشآت بقيق كافية لعدم الوثوق بالإدارة الأمريكية    كم جنت أميركا من بيع مقاتلات إف-35 في العالم؟    انهيار داخلي يقترب.. تحقيقات ووثائق غربية تتوقع زوال إسرائيل خلال عقود    الأنثى المبدعة بين التقييم الجنساني والانتقاد الذكوري .. المظاهر، والنتائج، والآفاق    «ليالي الفنون الخالدة» تعيد الغناء بالفصحى    الأوقاف والخطوط اليمنية توقعان اتفاقية لنقل أكثر من 6 آلاف حاج    ميزان الخصومة    أهم مفاتيح السعادة    ثورة في علاج السكري: توصيل الأنسولين عبر الجلد دون حقن    أيهما أفضل: العمرة أم الصدقة؟    دراسة: سيجارتان يوميًا تضاعفان خطر فشل القلب والوفاة المبكرة    يا حكومة الفنادق: إما اضبطوا الأسعار أو أعيدوا الصرف إلى 750    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صِراع المَسيرات بين صالح والحُوثي يَقترب من نُقطة الانفجار!
نشر في عدن الغد يوم 23 - 08 - 2017

إذا كان الخلاف السعودي والإماراتي في الملف اليمني ما زال طي الكتمان، ولم يَخرج إلى العَلن، حتى بعد إرسال قوّات سعودية إلى عدن لتأمين مطارها، وتولّي مُهمّة الحراسة لمنطقة المعاشيق التي يوجد فيها بيت الرئيس، ومقر إقامة العديد من الوزراء، وهي منطقة تقع تحت نُفوذ قوّات الإمارات، فإن الخلافات بين الطرف الآخر، أي التحالف “الحوثي الصالحي”، بدأت لا تظهر إلى العلن فقط، وتتحوّل إلى جبهة لحرب الخطابات بين زعيمي الطرفين، وإنّما يُمكن أن تتطوّر أيضًا إلى “حرب المسيرات”، حيث يَحشد كل طرف لاستعراض عضلاته من خلال تحشيد أكبر عددٍ مُمكنٍ من المُوالين، لإظهار قوّته وشَعبيته أمام الطرف الآخر سِلمًا أو صِدامًا.
من الواضح أن مَنسوب الثّقة يَتراجع بين الحليفين اللذين يقفان في خندق القِتال في مُواجهة الحرب التي يَشنها التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية في اليمن، فمن الواضح أن حركة أنصار الله الحوثية تشعر بحالةٍ من الغضب تُجاه حليفها صالح ونواياه، وسط تقارير تقول أن هناك اتصالات سريّة يُجريها حزب المؤتمر مع أطراف إماراتية للوصول إلى صفقةٍ تُعيد السيد أحمد علي عبد الله صالح، نجل الرئيس السابق إلى سُدّة الحُكم في صنعاء، والثمن هو انفراط عقد التحالف مع الحوثيين، وانتقال قوّات الرئيس صالح إلى خندق التحالف العربي في الحَرب على الحوثيين بهَدف القضاء عليهم.
***
السيد عبد الملك الحوثي، زعيم جماعة أنصار الله، ألقى خِطابًا هُجوميًّا يوم السبت انتقد فيه علنًا، وربّما للمرّة الأولى بالاسم، الرئيس علي عبد الله صالح مُلمّحًا إلى “أن هناك مُبادرات تخدم الحرب وتَعمل على الابتزاز، وعلى اللّعب السياسي، وهذا ليس مَقبولاً”، مُضيفًا “إن لم نكن نُمانع أي حُلولٍ مُشرّفة بالحَد الأدنى تَحفظ شرف وكرامة وسيادة وحُريّة واستقلال هذا البلد، ولكن على أساس السلام وليس الاستسلام”، ومُشدّدًا “من يُحب أن يستسلم فذلك خياره، أمّا غالبية الشعب فليس واردًا لديهم الاستسلام”، داعيًا المَسؤولين إلى الاحتكام إلى الشعب بعيدًا عن التدخّلات الخارجية.
أنصار الرئيس علي عبد الله صالح نشروا صُورًا على مواقع وحسابات على “الفيسبوك” و”التويتر”، تُبيّن تَعرّض لوحات عِملاقة تتضمّن صُورًا لرئيسهم وشِعارات لحزب المؤتمر للتمزيق، واتهموا الحوثيين بالوقوف خلف ذلك، لتوجيه رسالةٍ “عنيفةٍ” تحذيريّة لما يُمكن أن يَحدث في الأيّام المُقبلة.
الخِلاف الحالي المُتفاقم بين الشريكين “المُتناقضين” في الجبهة المُتصديّة لعُدوان التحالف المُستمر منذ عامين ونصف العام، قديمٌ ومُتجذّرٌ، وأساسه التنافس، وتباين الرؤى، والصراع على الحكم، ومناطق النفوذ، فالمُؤتمريون أنصار صالح يتّهمون “الشريك” الحوثي بمُحاولة الاستحواذ على الحُكم ومَفاصل السلطة، وتهميش دور حزب المؤتمر ومُمَثّليه في الحكومة، ويقولون أن المسيرة التي دعوا إليها يوم الخميس المُقبل في ميدان السبعين وسط صنعاء هي لإظهار قوّتهم الحقيقيّة في الشارع اليمني، واتساع دائرة شعبيتهم، والاحتجاج على عمليّات التهميش والإقصاء.
حركة “أنصار الله” تُدرك جيّدًا الهَدف الحقيقي من هذه المسيرة، مثلما تُدرك أن المُشاركة فيها ربّما تكون الأضخم في تاريخ العاصمة صنعاء، بالنّظر إلى أنشطة الخلايا التعبوية التي تُشرف على تنظيمها، وقرّرت الرّد بتجمّعات شعبيّة قيل أنها لعَرقلة التدفّق البشري، تحت عُنوان مُقاومة الحرب والتصدّي له، في إيحاءٍ بأنّ الشريك الآخر “مُتخاذل” في هذا الإطار، ولم يَعد يَرغب في التصدّي لهذا الحرب، رغم أن الرئيس صالح أكّد في خِطابه السبت أنه مع تعزيز الجبهة الداخلية، ورَفد الجبهات، ومُواجهة الحرب.
مَصدر مسؤول في حزب المُؤتمر، أكّد لنا وجود مفاوضات بين حزب المؤتمر ودولة الإمارات العربية المتحدة للوصول إلى حُلولٍ سلمية لوقف الحرب، والرئيس صالح أقرّ في كلمة نقلها موقع “المؤتمر نت” بوجود خلافات في خِطاب ردّ فيه على كلمة السيد عبد الملك الحوثي، وقال مُخاطبًا الحوثيين في كلمة تتّسم بالتهدئة “تريدون أن نبقى معكم في الشراكة بإدارة البلاد في إطار لا ضرر ولا ضرار، وفي إطار الدستور والقانون، فمرحبًا بكم على العين والراس، أمّا إذا أردتم العَودة إلى السلطة مُنفردين فعليكم إبلاغنا، وسيَنسحب المُؤتمر ولا يَكون أي خِلاف”.
الإمارات عَملت ومُنذ اليوم الأول لحرب التحالف العربي في اليمن، وانطلاق “عاصفة الحزم” على مُحاولة تأجيج الخلاف بين الرئيس علي عبد الله صالح وشريكه الحوثي لمَعرفتها حجم الخلافات بين الجانبين، وضَعف التّحالف بينهما (الرئيس صالح خاض سِت حروبٌ ضد الحوثيين)، وأرسلت السيد أحمد علي عبد الله صالح إلى الرياض على مَتن طائرة إماراتية خاصّة، بهَدف التّقارب مع السعودية، والالتقاء بالأمير محمد بن سلمان من أجل هذا الهدف، ولكن الأخير أساء مُعاملة ضيفه اليمني وأغضبه، وتعامل معه بخُشونة، ممّا دَفعه إلى المُغادرة غاضبًا، وفَشلت المُحاولة الإماراتية في إبعاد حزب الرئيس السابق عن الشريك الحوثي، وضم الأول إلى التحالف العربي في إطار صفقة سياسية، فالسعودية أكّدت، وعلى لسان الأمير بن سلمان أنها لا تَثق بالرئيس صالح، ولا يُمكن أن تَغفر له، ولن تتصالح معه، لأنه طَعنها في الظّهر.
السؤال الآن.. هل تغيّر موقف السعودية من الرئيس صالح؟ وهل باتت أقرب إلى وجهة نظر الإمارات؟ وهل هي مُستعدّة للنسيان والغُفران؟ وهل يُمكن أن ينضم الرئيس صالح إلى التّحالف العربي، ويُقاتل ضد الحوثيين إذا ما ناسبته الصفقة الإماراتية، وأسالت لُعابه؟
لا نَعرف الإجابة، ولكن ما نَعرفه أن انفراط عَقد التحالف “الحوثي الصالحي” يعني أحد أبرز انتصارات “عاصفة الحزم”، وبأقل التّكاليف، ودون وجود أي ضمانات بوَقف الحرب وبترجمة هذه الصفقة على أرض الواقع.
الرئيس الأسبق صالح أحد دُهاة العصر، ولا نستبعد أنه، وهو الخبير، يَلجأ إلى المُناورة، ودَفع الأمور إلى حافّة المُواجهة، للحُصول على ما يُريد من الطّرف الآخر.
***
إذا صحّت التقارير عن وُجود صَفقةٍ ومُفاوضات، فإنها جاءت تطوّرًا مَنطقيًّا لفَشل التّحالف العربي في حَسم الحَرب عسكريًّا، وفي وقتٍ تتعاظم خسائره الماديّة والبشريّة، وفشل مُهمّة المَبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ، بعد رَفض التّحالف “الحوثي الصالحي” بالتّعاطي معه لانحيازه إلى جانب السعودية، حسب رأيهم، وبِدء الاعتراف الدولي التدريجي بحُكومة صنعاء، ولقاء مَبعوثة الاتحاد الأوروبي بوزير خارجيتها، فالتحالف العربي يَلعب على كل الجبهات، ويَستخدم كل ما لديه من أوراق، وورقة المال خاصّةً، في مُحاولةٍ للخُروج من هذهِ المَصيدة.
الأيّام الثلاثة المُقبلة ستَكون حاسمةً، فإمّا أن يتدخّل العُقلاء ويَنجحون في نَزع فتيل التوتّر بين شريكي الحَرب ضد الحرب، أي صالح والحوثي، وإمّا أن يتحوّل يوم الخميس المُقبل إلى يوم الصّدام الدّموي الأخطر بين الطرفين، وحُدوث الطلاق البائن، وتحوّل حُلفاء الأمس إلى أعداء اليوم، ممّا يُطيل أمد الحَرب ويُعقّد كل المُبادرات لإيقافها وحَقن الدّماء بالتّالي.
نُرجّح الخيار الأول، أي التوصّل إلى تسوية، والعَودة إلى مائدة الحِوار لأنه الأقل كُلفة، ولأن الرئيس صالح في خِطابه الذي ردّ فيه على السيد عبد الملك الحوثي كان يَميل إلى التهدئة وليس التّصعيد، ولكن شرارة صغيرة، أو تصريح من هُنا أو رد من هناك، أو مقالةٍ تحريضيّة على وسائط التواصل الاجتماعي قد تُشعل نار الحَرب، وسَيكون التّحالف العربي بقيادة السعوديّة أبرز المُحتفلين بهذا الإنجاز الذي انتظروه طويلاً.. والله أعلم.
*راي اليوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.