واقع مابعد التحرير في المحافظات الجنوبية بشكل خاص كان مرعباً جداً حيث فاق كل التوقعات في معاناته وقسوته ولا زال وهو عكس ماكان المواطن يؤمله ويرجوه حيث ظن المواطن المغلوب على امره ان يجد واقع آخر افضل مما كان عليه قبل الحرب على اقل تقدير ،الا ان رياح السياسة القذرة اتت بما لا يشتهي ،فالواقع اصبح اكثر مرارة واسوء مرحلة تتلاشئ فيها كل الخدمات الاساسية لبقاء الانسان على قيد الحياة. وكما اسلفنا في الجزء الاول من هذا المقال، فقد دخل الجنوبيون حرباً في حقيقة الامر لا ناقة لهم فيها ولا جمل، ف منذ متى كان الجنوبيون يعترفون بشرعية هادي او يناصرونه ؟
كل مافي الامر اننا صحونا فجأة على وقع حرباً مدمرة تاكل الاخضر واليابس، ووجدنا انفسنا مجبرين لا مخيرين في صف هادي وشرعيته وماكنا نرفضه منهم او من حكوماتهم قبل الحرب ،ارتضيناه عند نشوبها لسبب بسيط وهو تغليب مكونات الحراك الجنوبي وقادته لمصالحهم الشخصية والانانية على مصلحة هذا الشعب ومستقبل قضيته العادلة.
من هنا بدأت معاناتنا لتتوالى علينا بعدها حلقات من الارتهان والوصاية المتعددة الاشكال، ابتداء بالقرار الاممي 2216 والذي جعلنا تحت الوصاية الدولية (البند السابع) اضافة الى وصاية الاشقاء في الخليج العربي، وانتهاء بوصاية تيارات النفوذ والسلطة الداخلية والفاقدة اصلاً للسيادة الحقيقية حتى على موطئ اقدامها ناهيك ان تكون وصية على الشعب في الجنوب .
تعددت الوصاية وتعددت الاطراف وتفرد عنهم بؤس الحال والمعيشة في الجنوب، ولسان حالهم للشعب ربٌ يحميه ويتولاه.
في ظل هذا الوضع البائس نجد المواطن وكانه قد اصابه المس من النكبات المتوالية،فاقد الحيلة والقوة، بل حتى صرخات الاستنجاد والاستغاثة قد خُنقت في جوفه ،فهو ايضا لا يدري لمن يتوجه بها فقد تعدد الاسياد والحكام فمثلاً وهنا اُكرر واقول مثلاً ان كان المواطن في التواهي فبمن يستنجد ولمن ينادي لتوفير خدماته هل ينادي شلال ام المفلحي ام انيس العولي؟ وان كان في خور مكسر فهل يستنجد بالزامكي ام بعبدالله الصبيحي ؟ وهكذا تتكرر الامثلة في بقية الجمهوريات في عدن (كل ما ذكرناه ضرب من الامثال فقط)
اظن ان للمواطن الحق في ان يتوه في ايصال نداءه بل اشفق عليه ان اصابه الخرَس ان فكر مجرد التفكير ايصال نداءه للحاكم الاول والفعلي للبلاد لانه ايضاً سيحتار هل يتوجه لهادي ام الزوبيدي ام المارشال (ابو سلامه). .